هناك بدأ الدكتور سعيد محمد المليص، لا بوصفه معلماً فحسب، بل حاملاً لرسالة ستصبح فيما بعد جزءاً من ملامح التعليم السعودي الحديث.
من مكة إلى إنديانا، ومن فصلٍ ابتدائي إلى أروقة القرار، كان المليص يسير بخطى ثابتة، يُطوّر ويُطوَّر، ويعود من غربته الأكاديمية مزوداً بفكرٍ تربوي متقدم لم يحتجزه بين جدران الجامعة، بل أطلقه في الميدان، مؤمناً أن الإصلاح الحقيقي يبدأ حيث يقف المعلم أمام طلابه.
في وزارة المعارف، ثم كنائب لوزير التربية والتعليم، لم يكن مسؤولاً إدارياً، بل كان يكتب السياسات بروح المعلم، وينظر إلى الوزارة كمدرسة كبرى، يجب أن تنهض لا بالمباني بل بالعقول.
أما في مكتب التربية العربي لدول الخليج، فكان صوت التكامل الخليجي في ميدان التعليم، يبني من الحوار رؤى، ومن الفروق المشتركة نظاماً تعليمياً يتجاوز الحدود.
ولأن الفكر لا يُحصر في مؤسسات، كان المليص عضواً فاعلاً في مجلس الشورى، يُنصت بعين المعلم، ويقترح بلسان الخبير، ويعيد تشكيل بعض القرارات من منطلق أن كل إصلاح يبدأ من الصف وينتهي بمصلحة الوطن.
ترك المليص أثره في كل مرحلة مرّ بها، ليس بشهاداته فحسب، بل بمبادراته، ووقته، وعصاميته الصادقة التي جعلت منه أول الحاضرين وآخر المنصرفين. كتب مذكراته في «حتى لا أنسى»، لكنها ليست سيرة بقدر ما هي شهادة على زمنٍ صعب، نهض فيه التعليم برجالٍ نذروا حياتهم لكرامة الحرف.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.