25 مايو 2025, 3:30 مساءً
إنه صدى الجوع واليأس، صوتان لا يكادان ينقطعان: أمواج المتوسط تتحطم على شاطئ غزة المثقل بالركام غربًا، وفي الشرق، دوي الانفجارات المتواصلة من القذائف والصواريخ، ففي هذه المدينة التي كانت ذات يوم قلبًا نابضًا بالحياة التجارية والثقافية، يهرع الآن ما لا يقل عن 100 ألف شخص، فارين من هجوم إسرائيلي جديد، أُطلق عليه اسم "عربات جدعون"، يستهدف البلدات والأحياء المدمرة في شمال غزة، وهؤلاء النازحون، الذين دفعتهم ويلات القصف المتواصل إلى البحث عن أي مأوى، يواجهون واقعًا مريرًا من النقص الحاد في كل مقومات الحياة، بينما يتجاهل العالم محنتهم، تاركًا إياهم يواجهون مصيرًا مجهولًا في خضم صراع لا يرحم.
دوي الانفجارات
وأصوات الانفجارات التي يسمعها النازحون الجدد، وهم يتجمعون في ملاجئ مؤقتة ومخيمات أُنشئت على عجل، أو حتى ينصبون خيامهم وأغطيتهم البلاستيكية على الأرصفة المليئة بالحفر؛ ناتجة عن غارات جوية وقصف مدفعي، أودى بحياة نحو 750 شخصًا وأصاب 2000 آخرين في جميع أنحاء غزة خلال الأسبوع الماضي، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لمسؤولين طبيين تحدثوا إلى صحيفة "الجارديان" البريطانية.
واضطر محمد أبو نادي (33 عامًا) لنقل عائلته من جباليا، الحي الذي تحول إلى ركام في العديد من الهجمات الإسرائيلية، ويصف أبو نادي المشهد قائلًا: "ما حدث هذا الأسبوع كان تصعيدًا آخر… كان هناك قصف لا هوادة فيه في كل مكان"، ويروي كيف فقد صديقه عائلته بأكملها في لحظة: "كان صديقي في طريقه لإحضار سيارة لنقل عائلته إلى مدينة غزة، لكن عندما عاد، وجد منزله قد تحول إلى ركام. قُتلت زوجته وأطفاله جميعًا. كانوا مجرد أطفال صغار، مدنيين أبرياء لا علاقة لهم بأي شيء"، دفعه الرعب إلى حمل زوجته وعائلته والفرار فورًا باتجاه مدينة غزة.
ثمن الصراع
ويتحدث أبو آدم عبد ربه (55 عامًا) عن حصيلة مأساوية، فقد أكثر من 80 فردًا من عائلته الممتدة خلال الصراع المستمر منذ 19 شهرًا، وهذا الصراع الذي اندلع إثر هجوم حماس على إسرائيل، أدى إلى مقتل أكثر من 53 ألف فلسطيني، معظمهم أيضًا من المدنيين، وحولت جزءًا كبيرًا من الأراضي إلى دمار شامل، محطمة الطرق والمرافق الصحية والمدارس والمواقع الدينية وأنظمة الصرف الصحي والكثير غير ذلك، بينما تزعم إسرائيل أنها تستهدف أهدافًا عسكرية فقط وتتهم حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه حماس.
وقبل أسبوع، استيقظ عبد ربه على صوت انفجار هائل استهدف منزل أخيه، مما أسفر عن مقتل خمسة أفراد من عائلته، ويصف عبد ربه الصعوبات التي واجهوها: "كافحنا لنقل جثثهم إلى المستشفى حيث كانت طائرة مسيرة رباعية المراوح تطلق الرصاص في كل مكان. تمكنا من دفنهم في مقبرة بلدة جباليا. بعد ذلك، قررنا المغادرة، خوفًا على حياة أطفالنا المتبقين"، حملوا معهم بالكاد بعض الأغراض الأساسية، وكانت زوجته تبكي بمرارة وتسأل: "كيف سننجو؟ ماذا يمكننا أن نأخذ معنا؟ إلى متى سنبقى نازحين؟"
خطر المجاعة
ويشير خبراء الأمن الغذائي المدعومون من الأمم المتحدة إلى أن الأراضي باتت معرضة لخطر المجاعة بشكل حرج، مع ارتفاع حالات سوء التغذية بسرعة، ومستودعات الأمم المتحدة في الأراضي فارغة، وأغلقت معظم المخابز المجانية التي كان يعتمد عليها الكثيرون للحصول على خبزهم اليومي قبل أسابيع، ورغم أن وكالات الإغاثة تمكنت من إبقاء بعض المطابخ المجتمعية تعمل لإنتاج حوالي 300 ألف وجبة يوميًا، إلا أن الغذاء المحدود المتاح للشراء باهظ الثمن، حيث يكلف كيلوغرام واحد من الطماطم أو البصل ما يعادل 13 دولارًا.
ويقول الدكتور إيان لينون استشاري طب الطوارئ البريطاني في المواصي، جنوب غزة: "نرى بعض الأطفال يعانون من سوء التغذية، لكن الجميع يشتكي من الجوع. غالبًا ما نرى مرضى متعبين أو مصابين بالدوار لأنهم لم يأكلوا ما يكفي"، في الأيام الأخيرة، خففت إسرائيل الحصار المشدد على غزة، الذي فُرض في أوائل مارس، عندما انتهت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الهش، والجمعة الماضي دخلت 100 شاحنة إلى الأراضي، لكن لم يتم توزيع سوى القليل جدًا من المساعدات.
فقدان الثقة
ولا أحد يثق في أن خطة إسرائيلية مدعومة من الولايات المتحدة لجلب المساعدات، والمقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل، ستحسن الوضع، وتتضمن الخطة عددًا صغيرًا من مراكز التوزيع في جنوب غزة يديرها متعاقدون خاصون وتحميها القوات الإسرائيلية التي ستدقق في المستفيدين، ويصف عمال الإغاثة التابعون للأمم المتحدة الخطة بأنها خطيرة وغير عملية وربما غير قانونية. للحصول على المساعدات، سيتعين على الفلسطينيين السفر لمسافة تصل إلى 25 ميلًا عبر الطرق المدمرة خلال صراع نشط، على الرغم من النقص شبه الكلي في وسائل النقل المتاحة، لاستلام طرد غذائي شهري يزن 20 كيلو جرامًا.
وفي هذه الأثناء، يدفع الضعفاء الثمن الأكبر، فقبل ستة أسابيع، حاول محمود، الابن الأكبر لإيهاب العطار (41 عامًا) من بيت لاهيا، العودة إلى منزل العائلة لاستعادة الطعام والملابس، لكنه استهدف بصاروخ وأصيب بجروح بالغة، ولم يكن هناك تحذير ولا أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي، وأنقذت سلسلة من العمليات حياة محمود البالغ من العمر 21 عامًا، لكنها تركته دون جزء كبير من أمعائه وجرح ملتهب، وعندما بدأ الهجوم الإسرائيلي الجديد قبل 10 أيام، اضطرت العائلة للانتقال من منزلهم المتضرر ولكن القابل للسكن إلى خيمة في أحد شوارع مدينة غزة، ومع عدم عمل جميع المستشفيات تقريبًا في شمال غزة، واكتظاظ المستشفيات القليلة المتبقية، تحاول العائلة رعاية محمود بأنفسهم. فهل من نهاية لهذا العذاب؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.