تشير بيانات حديثة إلى ارتفاع كبير في عدد المرضى الذين يتلقون العلاج من نوبات الربو لدى أطباء الأسرة في إنجلترا، حيث سجلت زيادة بنسبة 45% خلال عام واحد فقط. وتظهر الأرقام الصادرة عن مركز الأبحاث والمراقبة التابع للكلية الملكية لأطباء الأسرة أن عدد الحالات بلغ 45,458 حالة بين يناير ويونيو 2025، مقارنة بـ31,376 حالة في نفس الفترة من العام الماضي. وجاءت هذه الإحصاءات بعد تقرير صادم أصدرته الكلية الملكية للأطباء، كشف أن 99% من سكان المملكة المتحدة يتنفسون هواءً ملوثًا يُوصف بـ«السام». ويُسبب التلوث الهوائي وفاة 500 شخص أسبوعيًا، ويكلف الاقتصاد البريطاني 27 مليار جنيه إسترليني سنويًا نتيجة الأمراض، وتكاليف الرعاية الصحية، وفقدان الإنتاجية. وأوضحت الكلية الملكية أن نوبات الربو، التي تتسبب في ضيق التنفس وألم الصدر، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتلوث الهوائي، حيث تؤدي الجزيئات الضارة إلى تهيج الشعب الهوائية للمرضى. وتظهر البيانات أن معدل نوبات الربو في 2025 تجاوز المتوسط السنوي للسنوات الخمس الماضية، مما دفع الكلية إلى المطالبة بتوسيع نطاق مناطق الهواء النظيف في المدن الكبرى للحد من الآثار الصحية للتلوث. وفي تصريح لصحيفة «الغارديان»، قالت البروفيسورة كاميلا هوثورن، رئيسة الكلية الملكية لأطباء الأسرة: «لقد حذر الأطباء منذ فترة طويلة من التأثيرات الضارة للتلوث الهوائي على صحة المرضى، وهذه الأرقام الأخيرة بشأن نوبات الربو مثيرة للقلق للغاية، التلوث الهوائي أزمة صحية عامة كبيرة، غالبًا ما يتم تجاهلها، لكنه يُسبب مجموعة من الحالات الصحية الجسدية والنفسية الخطيرة، ويزيد من تفاقم الأمراض الموجودة لدى المرضى». وأشادت هوثورن بجهود رؤساء بلديات المدن الكبرى مثل برمنغهام ولندن في الحد من التلوث من خلال مبادرات مثل منطقة الانبعاثات المنخفضة (Ulez)، التي أظهرت نتائج إيجابية، لكنها شددت على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر شمولًا لتقليل التلوث في المجتمعات الأكثر تضررًا. من جانبها، أعلنت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أن خطتها الصحية للعشر سنوات القادمة، والتي ستنشر الخميس المقبل، ستركز على الانتقال من العلاج إلى الوقاية. وأكدت هوثورن أن مواجهة التلوث الهوائي يجب أن تكون جزءًا رئيسيًا من هذه الخطة، محذرة من أن عدم اتخاذ تدابير لمعالجة هذه المشكلة سيؤدي إلى معاناة المرضى، خاصة في المناطق الأكثر فقرًا التي تعاني بالفعل من محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية. وأعربت سارة سليت، الرئيسة التنفيذية لمنظمة الربو وأمراض الرئة في المملكة المتحدة، عن قلقها الشديد إزاء الزيادة الكبيرة في نوبات الربو، مشيرة إلى أن التلوث الهوائي قد يكون قاتلاً لملايين الأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن. وأضافت: التلوث الهوائي يُسبب نوبات خطيرة تهدد الحياة، ويؤدي إلى تفاقم الأعراض، ويعيق نمو رئتي الأطفال، بل وقد يتسبب في الإصابة بأمراض الرئة عند التعرض له لفترات طويلة. بدوره، حذر البروفيسور ستيف تورنر، رئيس الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل، من الارتفاع المقلق في نوبات الربو، داعيًا الحكومة إلى التحرك السريع. وأشار إلى أن واحدا من كل 10 أطفال في المملكة المتحدة مصاب بالربو، وأن الدراسات السابقة أظهرت زيادة حادة في زيارات الأطفال للأطباء بعد أسبوع من ارتفاع مستويات التلوث. من جهته، قال الدكتور هاري أبيرلي، الباحث السريري في الكلية الملكية لطب الأطفال: تأثير الهواء السام على صحة الأطفال عميق بشكل خاص، لأن رئاتهم أصغر وهم يتنفسون بشكل أسرع من البالغين، مما يعني استنشاقهم كمية أكبر من الهواء الملوث في وقت أقصر. وردًا على ذلك، أكد متحدث باسم الحكومة: التلوث الهوائي قضية صحية عامة خطيرة، ونحن ملتزمون بمعالجتها، لقد قدمنا 575 مليون جنيه إسترليني لدعم السلطات المحلية في تحسين جودة الهواء، ونعمل على تطوير تدخلات لخفض الانبعاثات وتقليل تعرض الجميع للتلوث. أخبار ذات صلة