يميل الرئيس ترمب إلى تكتيك اليد العليا لإدارة الصفقات، وتكتيك اليد العليا يكون بفرض الشروط ووضع الآجال الزمنية للطرف الآخر، مما يجعل الطرف الآخر في موضع ردة الفعل وضمنياً الطرف الأضعف، تكرر ذلك في عدة مواضع، منها مهلة الأسبوعين لإيران، ومهلة الخمسين يوماً لبوتين.وفي واقع الأمر، الخمسون يوماً ليس لها علاقة بالوعد الانتخابي المتضمن إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية في 24 ساعة، ولا تقترب من السبعة أشهر التي مضت دون حسم في هذا الموضوع، مع كل ما يمكن رصده من مؤشرات أوروبية بريطانية تشير إلى توجه نحو وضع المزيد من الحطب على الجمر الأوكراني.من جانب آخر، توجه الأوروبيون، وعلى ما يبدو بقيادة فرنسية، إلى وضع المزيد من العقوبات على روسيا، خاصة تلكم المضرة بالقطاع النفطي والمالي، حيث وضعت سقفاً لسعر برميل النفط الروسي عند الخمسة وأربعين دولاراً، بهدف الحد من المداخيل الدولارية لموسكو، وإن كان الأثر محدوداً، حيث باعت روسيا الكثير من نفطها خارج أوروبا وتحديداً للصين والهند وتركيا.إنذار الخمسين يوماً من ترمب صاحبته صفقات سلاح جديدة وتحديداً منظومات دفاع جوي (باتريوت)، وبعض الصواريخ طويلة المدى، حيث يبدو أن ترمب يعتقد أن قصف موسكو أو سانت بطرس بيرغ سيجعل بوتين أقرب إلى اتفاق سلام ووقف إطلاق النار.بوتين يدرك أيضاً أن ترمب وإن أبدى اليد العليا إعلامياً، إلا أنه محتاج إلى إنهاء النزاع مع أوكرانيا بشدة، لأن لديه هدفاً رئيسياً للحصول على نوبل للسلام قبل أن يقدّم له نتنياهو رسالة الدعم، وربما بدأت الرغبة في اللحظة التي حصل أوباما فيها على هذه الجائزة.كما يدرك بوتين أيضاً أن تيار الماغا الداعم لترمب هو ضد الدخول في الحروب تماماً ويرى أنها ليست معركته، ولهذا اكتفى في إيران بضربة واحدة، وفي دعم أوكرانيا ببوابة الناتو، وأن الأوروبيين سيدفعون ثمن تلك الأسلحة.من جانب آخر، يتأمل المرء الوضع الاقتصادي في روسيا وانخفاض تدفقات العملات الأجنبية وكل التحديات على المصارف الروسية وشركات النقل، ووصول سعر الفائدة إلى 21%، وهو رقم مرتفع للغاية، ليتذكر مقولة نابليون «الجيوش تسير على بطونها».صحيح أن موسكو خلال الأيام الأخيرة ضربت كييف بكثافة كبيرة، إلا أن جلب موسكو مقاتلين من كوريا الشمالية لم يكن مؤشراً على قدرة الجيش على الاستمرار بأسلحته وجنوده فقط. من جانب آخر تواجه حملات التجنيد والتعبئة الجزئية تحديات عبر عزوف الشباب عن المشاركة رغم المغريات المالية، ودفع موسكو نحو مزيد من الجنود الأجانب خاصة من أفريقيا مع مغريات ووعد بالجنسية.بعيداً عن الخمسين يوماً، الصراع الأوكراني الروسي لا يحتاج فقط إلى وقف إطلاق النار، أو ضمانات بعدم دخول أوكرانيا للناتو، الصراع يحتاج لتحويله لفرصة لترميم الثقة بين الأوروبيين والروس، وإزالة كافة الشكوك عن نوايا موسكو المستقبلية، وهو ما لا يوجد له أي مؤشرات في الأفق للأسف. أخبار ذات صلة