تم النشر في: 21 يوليو 2025, 8:17 صباحاً أعلن باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) عن تطوير أداة جديدة تعتمد على تقنية التعلُّم العميق، تُعرف باسم ديب بلاستويد (deepBlastoid)، لدراسة نماذج تطور الأجنة البشرية في ظروف مخبرية اصطناعية. وأظهرت نتائج الدراسة أن الأداة قادرة على تقييم صور النماذج بجودة تعادل تقييم الأطباء والعلماء من ذوي الخبرة، ولكن بسرعة تفوقهم بألف مرة. تُعد المراحل الأولى من تطور الجنين البشري حاسمة لفهم الخصوبة، ومضاعفات الحمل، وأسباب اضطرابات النمو، إلا أن البحث المباشر في الأجنة البشرية محدود بسبب الاعتبارات الأخلاقية. وتُعرف "البلاستويدات" بأنها نماذج خلوية تُحاكي الجنين في مرحلة تُعرف باسم مرحلة الكيسة الأُرَومية (blastocyst)، والتي تبدأ بعد نحو خمسة أيام من الإخصاب وتستمر حتى انغراس الجنين في جدار الرحم، وهو ما يُمثّل لحظة بدء الحمل. وتجدر الإشارة إلى أن البلاستويدات البشرية المستخدمة في دراسة كاوست تتكون من خلايا جذعية وليست أنسجة جنينية، ومنذ اكتشافها لأول مرة في عام 2021 أصبحت من النماذج المفضلة لدى العلماء لدراسة تطور الجنين في مراحله المبكرة. في هذه الدراسة الحديثة، درّب باحثو كاوست أداة ديب بلاستويد على أكثر من 2000 صورة ميكروسكوبية للبلاستويدات، ثم استخدموها لتقييم تأثير المواد الكيميائية على نمو البلاستويدات من خلال تحليل أكثر من 10,000 صورة إضافية. ويُعد فهم كيفية تأثير هذه المواد الكيميائية على البلاستويدات بالغ الأهمية بالنسبة للنساء اللواتي يتناولن أدوية موصوفة أو عقاقير أخرى ويرغبن في الحمل. وقال الأستاذ المشارك في كاوست وعضو مركز كاوست للتميز في الصحة الذكية مو لي، وهو خبير في بيولوجيا الخلايا الجذعية، ويقود مختبراً رائداً في مجال نماذج الأجنة البشرية باستخدام البلاستويدات: "ما نعرفه عن المراحل المبكرة جداً من تطور الجنين قليل. ومع ديب بلاستويد، أصبح بالإمكان توسيع نطاق أبحاث البلاستويدات لدراسة تطور الجنين وتأثير المواد الكيميائية على كل من الجنين والحمل". وأضاف أن الأداة الجديدة يمكن أن تساهم أيضًا في تطوير تقنيات الإخصاب المساعد مثل التلقيح الاصطناعي. وعادةً ما يُقيِّم العلماء البلاستويدات يدويًا من خلال مراجعة مكتبة ضخمة من الصور المأخوذة تحت المجهر، وهي عملية تستغرق وقتًا طويلًا، وتعتمد على خبرة الباحث وطريقة إنتاج البلاستويد، والتي قد تختلف من مختبر إلى آخر. أما أداة ديب بلاستويد، فتستطيع معالجة 273 صورة في الثانية الواحدة، مما يوفر للعلماء وسيلة لتقييم عشرات الآلاف من البلاستويدات في غضون دقائق فقط. من جانبه، قال الأستاذ في كاوست وعضو مركز كاوست للتميز في الذكاء الاصطناعي التوليدي بيتر وونكا، وهو خبير في التعلُّم العميق ورؤية الحاسوب وقائد الفريق البحثي الذي طوّر الأداة: "لا تكتفي ديب بلاستويد بمضاهاة أداء الإنسان من حيث الدقة، بل تقدم قفزة نوعية في القدرة على المعالجة. هذا المستوى من الكفاءة يتيح للعلماء تحليل كميات ضخمة من البيانات في وقت وجيز، ما يمكّنهم من إجراء تجارب كانت مستحيلة في السابق". وعلى الرغم من أن لي ووونكا وزملاءهما استخدموا ديب بلاستويد لدراسة البلاستويدات، إلا أنهم أكدوا أن خوارزمية التعلُّم العميق هذه يمكن استخدامها مع نماذج خلوية أخرى تعتمد على الخلايا الجذعية لدراسة مراحل جنينية مختلفة أو مراحل نمو أعضاء أخرى.