تم النشر في: 26 يوليو 2025, 8:20 مساءً طبعت الأم الفلسطينية إسراء أبو حليب قبلة أخيرة على ما تبقى من ابنتها البالغة من العمر خمسة أشهر، ثم انهمرت دموعها. أصبح وزن الطفلة الآن أقل مما كان عليه عند ولادتها، حسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس". في شارع مشمس في غزة المدمرة، كانت الحقيبة التي تضم جثمان زينب أبو حليب آخر حالة وفاة بسبب الجوع، بعد 21 شهرًا من الحرب والقيود الإسرائيلية على المساعدات. نُقلت الطفلة إلى قسم الأطفال في مستشفى ناصر يوم الجمعة، وكانت قد فارقت الحياة بالفعل. وقالت والدتها إن وزن الطفلة كان يزيد على 3 كيلوغرامات عند ولادتها، لكن عندما توفيت، كان وزنها أقل من كيلوغرامين. وقال طبيب إنها حالة "موت بسبب جوع شديد جدًا". كانت الطفلة زينب واحدة من 85 طفلًا ماتوا لأسباب تتعلق بسوء التغذية في غزة خلال الحرب، وفقًا لآخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة في القطاع يوم السبت. وقالت إن 127 شخصًا لقوا حتفهم لأسباب تتعلق بسوء التغذية إجمالًا، مع إحصاء وفيات البالغين في الأسابيع القليلة الماضية فقط. قال أحمد أبو حليب، والد زينب، لوكالة "أسوشيتد برس" أثناء استعداده لصلاة الجنازة في باحة المستشفى بمدينة خان يونس جنوبي غزة: "كانت بحاجة إلى حليب أطفال خاص غير متوفر في غزة". وأوضح الدكتور أحمد الفرح، رئيس قسم الأطفال، أن الطفلة كانت بحاجة إلى نوع خاص من الحليب الصناعي يُساعد الأطفال الذين يعانون من حساسية تجاه حليب البقر. وأضاف أنها لم تكن تعاني من أي أمراض، لكن عدم وجود الحليب الصناعي أدى إلى إصابتها بإسهال وقيء مزمنين. ولم تكن قادرة على البلع، لأن ضعف جهازها المناعي أدى إلى إصابتها بعدوى بكتيرية وتسمم في الدم، وسرعان ما فقدت المزيد من الوزن. "سيلحق بها الكثيرون" تعيش عائلة الطفلة، كغيرها من فلسطينيي غزة، في خيمة للنازحين، وقالت والدتها، التي عانت أيضًا من سوء التغذية، إنها أرضعت الطفلة رضاعة طبيعية لمدة ستة أسابيع فقط قبل أن تحاول إطعامها الحليب الصناعي. وقالت: "بعد موت ابنتي، سيلحق بها الكثيرون. أسماؤهم مدرجة في قائمة لا ينظر إليها أحد. إنها مجرد أسماء وأرقام. نحن مجرد أرقام. أطفالنا، الذين حملناهم تسعة أشهر ثم أنجبناهم، أصبحوا مجرد أرقام". وغطى رداءها الفضفاض فقدانها للوزن. وقال الدكتور أحمد الفرح إن وصول الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية إلى المستشفى قد ارتفع بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، ويعالج قسمه، الذي يتسع لثمانية أسرّة، حوالي 60 حالة من سوء التغذية الحاد. وقد وضعوا فرشًا إضافية على الأرض. وأضاف أن عيادة أخرى لسوء التغذية، تابعة للمستشفى، تستقبل ما معدله 40 حالة أسبوعيًا. وحذّر قائلًا: "ما لم تُفتح المعابر ويُسمح بدخول الغذاء وحليب الأطفال لهذه الشريحة الضعيفة من المجتمع الفلسطيني، فسنشهد أعدادًا غير مسبوقة من الوفيات". ماتوا بسبب القيود الإسرائيلية يلقي الأطباء وعمال الإغاثة في غزة باللوم على القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات والإمدادات الطبية. ويحذر خبراء الأمن الغذائي من مجاعة في القطاع الذي يزيد عدد سكانه عن مليوني نسمة. نقص في كل شيء بعد إنهاء وقف إطلاق النار الأخير في مارس، قطعت إسرائيل دخول الغذاء والدواء والوقود وغيرها من الإمدادات إلى غزة تمامًا لمدة شهرين ونصف، قائلة إن ذلك يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن. وبسبب الضغط الدولي، خففت إسرائيل الحصار بشكل طفيف في مايو، ومنذ ذلك الحين، سمحت بدخول حوالي 4500 شاحنة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى لتوزيعها، بما في ذلك 2500 طن من أغذية الأطفال والأغذية عالية السعرات الحرارية، وفقًا لما ذكرته وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبوع الماضي. وتقول إسرائيل إن حليب الأطفال مُدرج، بما في ذلك حليب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. ومع ذلك، فإن متوسط 69 شاحنة يوميًا أقل بكثير من 500 إلى 600 شاحنة يوميًا التي تقول الأمم المتحدة إنها ضرورية لغزة. وتؤكد أنها لم تتمكن من توزيع الكثير من المساعدات لأن الحشود الجائعة والعصابات تأخذ معظمها من الشاحنات القادمة. على صعيدٍ منفصل، دعمت إسرائيل مؤسسة "غزة الإنسانية" المسجلة في الولايات المتحدة، والتي افتتحت في مايو أربعة مراكز لتوزيع صناديق المساعدات الغذائية. وقد قُتل أكثر من ألف فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية منذ مايو أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، معظمهم بالقرب من مواقع المساعدات الجديدة، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. يعتمد جزء كبير من سكان غزة الآن على المساعدات. وقالت والدة زينب، وهي تبكي: "كان هناك نقص في كل شيء. كيف يمكن لطفلة مثلها أن تتعافى؟"