إلى وقت كتابة هذه السطور ظهر يوم أمس، ونحن نترقب انعقاد الجلسة الخاصة؛ التي وصفها كثير من المراقبين بالتأريخية لمجلس الوزراء اللبناني، لمناقشة تسليم سلاح حزب الله وحصره بيد الدولة، بعد أن كان هذا الموضوع فقرة جوهرية في خطاب العهد للرئيس جوزيف عون، وكذلك في خطاب المسؤولية لرئيس الوزراء نواف سلام، وتأييد نسبة مهمة من الرموز السياسية «الوطنية» وكل الشعب اللبناني، عدا النسبة القليلة التي تعتاش من سلاح حزب الله.استبق حزب الله الجلسة باستعراض قوة وتهديد للدولة بأن استمرارها مرتبط ببقاء سلاحه. الحزب يتذرع بأن المشكلة في سلاح إسرائيل وليس سلاحه؛ أي أنه بوضوح لا ينوي تسليم أسلحته للدولة. وفيما لو اتخذ مجلس الوزراء قراراً شجاعاً وحاسماً بسحب سلاح حزب الله فإن تنفيذه لن يكون سهلاً، لكن إصرار الحزب على موقفه سوف يجر لبنان إلى مصير مخيف؛ لأن الأمور واضحة جداً ومعلنة بالنسبة لإسرائيل وبدعم أمريكي كامل، إذا لم يسلم حزب الله سلاحه فإنها ستقوم بالمهمة، وربما على الطريقة الإسرائيلية الفظيعة التي شاهدناها في غزة.منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 إلى وقتنا الحاضر مضى نصف قرن لم يشهد خلاله لبنان سوى فترة قصيرة جداً من الاستقرار والأمن انتهت باغتيال رفيق الحريري. كوارث حزب الله وحلفائه داخل الكتل السياسية، واعتبار لبنان غنيمة في كل ظروفه لدى بعض السياسيين، خلقت أوضاعاً مأساوية خنقت اللبنانيين ودمرت وطنهم.مؤخراً حظي لبنان بدعم عربي ودولي كبير نتج عنه انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. الدول الشقيقة والصديقة وعدت لبنان بدعمه لإنعاش اقتصاده وإعادة نبض الحياة في شرايينه، لكن هذا مشروط بأن يسود منطق الدولة، والدولة فقط، لتسيير البلد وتطبيق قوانينه وأنظمته، وليس منطق الميليشيات والقبضايات ولوردات الفساد وتجار الحروب. هذه الرسائل وصلت بوضوح للمسؤولين اللبنانيين، على لبنان أن يساعد نفسه أولاً كي يمكن مساعدته، والأوضاع الآن ليست كالسابق، فلبنان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الدولة والاستقرار، وإما الميليشيا والانهيار. أخبار ذات صلة