عرب وعالم / السعودية / عكاظ

تنافس روسيا مع الغرب المتنفذ.. !

لو لم يعتبر الغرب المتنفذ (الدول المتزعمة لحلف ناتو بخاصة) روسيا عدواً، أو خصماً أو منافساً قوياً ومختلفاً، لسعى لضمها هي الأخرى عضواً في حلف «ناتو»، لا سيما أن قادة روس طالبوا -بعد انهيار الاتحاد السوفيتي- بتفكيك حلف ناتو كما تفكك حلف وارسو -أو ضم روسيا إلى حلف ناتو- كما ضمت معظم الجمهوريات المنسلخة عن المعسكر الشرقي سابقاً لهذا الحلف. لكن قادة الناتو رفضوا بشدة مجرد التفكير في حل حلف ناتو، بعد انهيار حلف وارسو وزوال الاتحاد السوفيتي عام 1991م. بل عملوا على دعم وتوسيع عضوية الحلف في اتجاه الشرق، حتى أصبح عدد أعضائه 28 دولة الآن، بدلاً من 16 دولة قبل عام 1991م. ومبرر أولئك القادة أن الأخطار التي تواجه ذلك الغرب ما زالت قائمة؛ متمثلة في: الإسلام السياسي، والإرهاب، وفي الدول المناوئة للغرب، وبخاصة: روسيا، ، إيران، كوريا الشمالية... وغيرها.

ذلك يدفع لاستطلاع طبيعة «العلاقة» بين روسيا من جهة، والغرب المتنفذ من جهة أخرى. تاريخياً، تعتبر روسيا مختلفة عن أوروبا، وخاصة أوروبا الغربية، رغم أن روسيا تعتبر دولة يورو ـ آسيوية. فالجزء الأهم من روسيا يقع في أوروبا. ولكن روسيا دولة عظمى سابقة كانت -وما زالت- لها طموحات توسعية تجاه الغرب (أوروبا) وتوجهات سياسية مختلفة عن جيرانها في الغرب. الأمر الذي جعل روسيا، على مر التاريخ، دولة مناوئة للغرب المتنفذ بخاصة. ويشهد التاريخ زحف القوات الروسية بداخل العمق الأوروبي. وكذلك غزو بعض دول الغرب لروسيا، ووصول تلك القوات في عدة مرات إلى داخل سانت بطرسبرج ومشارف موسكو. لذا، أصبحت هناك عداوة تاريخية بين الدولة الروسية وجيرانها الغربيين. وفاقم من هذا العداء تحول روسيا لدولة شيوعية مناوئة لكل ما هو غربي، في الفترة 1917- 1991م.

كما ساهمت أزمة أوكرانيا، المتمثلة في غزو روسيا لأوكرانيا، في تعميق العداء الأوربي لروسيا. وأعادت العلاقات الروسية- الأوروبية الى المربع الأول، في العلاقات الصراعية، بين الطرفين.

****

وتعتبر روسيا الاتحادية أكبر دول العالم مساحة، إذ تبلغ مساحتها 17075400 كم2، بما يشمل شرق أوروبا، وحوالي ثلث قارة آسيا، بموارد طبيعية هائلة. وسكانها 146 مليون نسمة. وهي مكونة من 89 منطقة، ويحكمها دستور عام 1993م، الذي يقيم نظاماً رئاسياً تمثيلياً، فيدرالياً، برئيس له صلاحيات تنفيذية واسعة، مع برلمان مكون من مجلسين: المجلس الفيدرالي، وهو مكون من 178 عضواً، والدوما، وعدد أعضائه 450 نائباً. ولا تزال نموذجاً للاتحادات الفيدرالية.

****

بعد زوال الاتحاد السوفيتي حاول الغرب المتنفذ تقسيم روسيا نفسها، بعد أن سلخ منها الجمهوريات الأربع عشرة التي كانت ملحقة بالاتحاد السوفيتي. وما زال التنافس حاداً بين روسيا والغرب المتنفذ. وما زال الأخير يحاول إضعاف روسيا بكل الطرق الممكنة، ومنها تقسيم الاتحاد الفيدرالي الروسي. وقد أشار الرئيس بوتين إلى ذلك كثيراً، مندداً بسياسة الغرب تجاه بلاده.

ذلك يجعل احتمال تحالف روسيا مع الصين أقرب للحصول من تحالفها مع فرنسا أو أو أمريكا. ولولا قوة روسيا العسكرية، وامتلاكها ترسانة هائلة من السلاح النووي، لأصبحت روسيا مجرد دولة هامشية. ولكن إمكانات روسيا جعلتها تنافس على قمة العالم الاقتصادية- السياسية، لتصبح إحدى القوى العظمى التي تشكل الآن نظاماً دولياً من أقطاب متعددة (أمريكا، الصين، روسيا). وبالتالي فإن العلاقة بين روسيا والغرب المتنفذ ما زال يسود فيها الصراع، أكثر من التعاون. وآخر مظاهر هذا الصراع هي: العقوبات الاقتصادية الغربية التي فُرضت على روسيا، بسبب تدخلها في أوكرانيا، وضمها لشبه جزيرة القرم، ومناطق أوكرانيا الشرقية. ورغم ذلك، فإن هناك كثيراً من المصالح المشتركة التي تجمع بين روسيا وزميلاتها من الدول الغربية الكبرى، إضافة إلى نظرة متشابهة تجاه كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وبالإمكان معرفة السياسة الخارجية الروسية نحو منطقة الخليج، أو غيرها عبر مدخل الأهداف/‏ الوسائل. وسيتبين أن روسيا تعتبر هذه المنطقة مهمة جداً، للعالم ككل، وللأقطاب، بصفة خاصة. وسيتبين أن روسيا تحرص من قديم على التواجد بالمنطقة، وأن تكون لها قواعد عسكرية. وهذا هو ما حصل فعلاً، حتى بعد هروب بشار الأسد من .

****

وعن تورط روسيا في أوكرانيا، يقول عالم السياسة (جون ميرشايمر): «أعتقد أن جوهر ما يحدث هو أن الغرب يدفع أوكرانيا للهلاك، عبر تزيين شهوة التوجه إلى الغرب، والانضمام إليه، ومن ثم الاصطدام مع روسيا، وبالتالي الدمار. وقد اندفع قادة أوكرانيا في هذا الاتجاه. لذا، فإنني أدعو إلى تغيير هذه السياسة، وتبني سياسة تتضمن وضع أوكرانيا على الحياد، ودعم اقتصادها، وإخراجها تماماً من ساحة الصراع بين الغرب وروسيا. ذلك هو الموقف الأفضل لأوكرانيا وشعبها. فبدون التزام «الحياد» بين الجانبين؛ الغربي والروسي، ستدخل أوكرانيا نفسها في دوامة مدمرة. إن ما نعمله، نحن هنا في الغرب، هو أننا نشجع قادة أوكرانيا على التشدد مع الروس، والإصرار على الانضمام إلى حلف ناتو. لقد أوحينا لهم أن الوقت يسير في صالحنا، وأننا سننتصر، في نهاية الأمر، على روسيا بوتن. وأننا سنضم أوكرانيا إلى ناتو، عاجلاً، أو آجلاً. فإن استمروا في تصديق ذلك، فسيقودون بلادهم للهلاك. إن تأليب أوكرانيا، من قبل الغرب، على روسيا، لن ينتج عنه سوى الصراع والحروب. إن من مصلحة أوكرانيا، ومصلحتنا هنا في الغرب، وأيضاً من مصلحة روسيا، ألا تنضم أوكرانيا إلى الغرب، بل تقف على موقف الحياد، لتنجو من التهلكة». ولم تأخذ أمريكا والغرب بهذه النصائح، فحصلت المأساة، وما زالت تتفاقم، يوماً بعد يوم.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا