في خطوة جريئة تحمل ملامح التحوّل الثقافي الكبير، أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن موسم الرياض 2025 سيعتمد بالكامل على العازفين والموسيقيين السعوديين والخليجيين... قرار لا يكتفي بتغيير قائمة المشاركين، بل يضع حجر أساس جديداً لصناعة فنية محلية قادرة على الوقوف بثقة على المسرح الإقليمي والعالمي.لسنوات، كان الاعتماد على الكفاءات الخارجية أمراً مألوفاً، حتى جاء هذا القرار ليقول بصوت واضح: لدينا الموهبة، ولدينا الشغف والعزيمة والإصرار، وما ينقصنا هو الفرصة! ولهذا، فإن ما يحدث اليوم ليس معزولاً، بل يأتي ضمن سياق أوسع من القرارات والمشاريع التي تبني من الداخل وتؤسس لمستقبل فني سعودي متكامل.ففي السنوات الأخيرة، شهدت المملكة طفرة في البنية التحتية الثقافية: من تأسيس المعهد الملكي للفنون التقليدية، وأول أكاديمية حكومية للفنون والثقافة، إلى إطلاق معهد ثقّف لتدريب المواهب في المسرح والموسيقى والفنون البصرية.. كما أُدخلت الموسيقى بشكل رسمي في التعليم، مع توظيف أكثر من 9,000 معلم ومعلمة لتدريسها في المدارس، وإطلاق أول دبلوم موسيقي معتمد، بجانب برامج جامعية متخصصة في جامعات مثل جامعة الأميرة نورة، وجامعة عفت.كما شهدت الرياض افتتاح «بيت العود» كمؤسسة متخصصة في تعليم وصناعة العود العربي، بقيادة خبراء عالميين، بهدف صون التراث الموسيقي العربي وتطويره، وتحويله إلى منصة لتخريج جيل جديد من العازفين المحترفين.على مستوى المسارح والمهرجانات، تبرز مشاريع مثل مسرح إثراء في الظهران، ومهرجان الأوبرا الدولي في الرياض، وعروض Saudi Orchestra التي دمجت التراث السعودي بالتوزيع الأوركسترالي العالمي، إضافة إلى خطة أوبرا الدرعية الملكية المقرر افتتاحها عام 2028 كأيقونة ثقافية عالمية بميزانية تتجاوز 1.4 مليار دولار.صناعة الترفيه لا تُبنى بين ليلة وضحاها؛ البداية ستواجه تحديات ولكن قصتنا تحدت الزمن، والتاريخ يخبرنا أن القرارات الجريئة هي التي تصنع التحولات الكبرى.ما يحدث اليوم هو استثمار في رأس المال البشري السعودي، وتأسيس لقاعدة فنية تنمو مع الوقت وتصبح لاحقاً مصدر تصدير للإبداع.هذا التحوّل ليس مجرد شأن فني، بل هو جزء من مشروع أشمل لبناء قوة ناعمة سعودية، قادرة على التأثير والمنافسة عالمياً. وربما، عندما نعود بعد سنوات لنقرأ تاريخ الفن السعودي، سنجد أن موسم الرياض 2025 كان النقطة التي تغيّر عندها المسار... إلى الأبد. أخبار ذات صلة