في فضاء الإعلام الجديد، وتحديداً على منصات التواصل الاجتماعي، تتجلى واحدة من أشرس المعارك الفكرية والسياسية التي تواجه المملكة العربية السعودية.فالمغرد السعودي لم يعد مجرد فرد عادي يعبّر عن رأيه، بل أصبح لاعباً أساسياً في تشكيل الرأي العام، وواجهة وطنية تعكس ثبات الهوية ووحدة الصف.ومنذ سنوات، حاولت حملات منظمة وممولة من جهات خارجية بثّ الفرقة والانقسام بين المغردين السعوديين، عبر أساليب متنوّعة تتراوح بين إثارة الخلافات الداخلية وصناعة الحسابات الوهمية وتمرير الروايات المضللة.غير أنّ هذه المحاولات باءت بالفشل، إذ أثبت المغرد السعودي أنّ وعيه الجمعي أقوى من أن يُخترق، وأن انتماءه الوطني أعمق من أن يُزعزع.حين عجزت هذه الجهات عن شق الصفوف بين المغردين السعوديين، انتقلت إلى مرحلة أكثر خطورة: استهداف الرموز الوطنية والشخصيات المؤثرة، فالهجوم على الرموز لا يهدف إلى تشويه أفراد بعينهم بقدر ما يسعى إلى ضرب المعنى الرمزي الذي يمثلونه، وتشكيك المجتمع في قدواته، وإحداث فراغ في مساحة التأثير.إنها محاولة لاستهداف الثقة بين الشعب وقادته، وبين المجتمع ونخبه الفكرية والإعلامية والاجتماعية.ومن هنا نفهم أن الحملات الأخيرة على شخصيات مؤثرة سعودية لم تكن عفوية، بل جزء من سردية مدروسة لتقويض الروح المعنوية للمغردين السعوديين وإضعاف جدار الثبات الوطني.يعتمد المهاجمون على مجموعة من الأدوات التي تكشف بوضوح عن طابعهم المنظم، فهم يوظفون شبكات حسابات وهمية تبثّ الأكاذيب وتعيد تدوير الشائعات، ويستخدمون خطاباً متناقضاً يجمع بين المبالغة في التمجيد حين يخدم أجندتهم، والمبالغة في التجريح المفرط حين يقفون في صف الدفاع عن المملكة. كما يحاولون إظهار هجومهم على الرموز وكأنه «نقد موضوعي»، أو «مشاكل شخصية»، بينما هو في الحقيقة إساءة مقنّعة تهدف إلى كسر الهيبة الوطنية وزعزعة مكانة الشخصيات التي تحظى بثقة واسعة.والأخطر أنّ هذه الحملات تُصاغ غالباً بلسان عربي أو بأسماء سعودية مزيفة، في محاولة لإيهام المتابع أن النقد صادر من الداخل، وأنه انعكاس «لحالة شعبية»، بينما هو في الحقيقة سيناريو يدار من الخارج ويُموَّل بأدوات إعلامية مشبوهة.غير أنّ الوعي السعودي، شعباً وقيادةً، كان ولا يزال وسيبقى الدرع الحصين في مواجهة هذه الحملات، فالمواطن السعودي بات قادراً على التمييز بين النقد البنّاء الذي يصدر من داخل المجتمع بدافع الإصلاح، وبين النقد الموجّه الذي تُحركه أطراف معادية. كما أنّ المجتمع أدرك أن الرموز والشخصيات الوطنية المؤثرة لا تُهاجم لأنها ضعيفة؛ بل لأنها قوية وفاعلة وتمثل صوتاً وطنياً مسموعاً في الداخل والخارج.لقد شهدنا، مراراً، كيف تتحول محاولات الإساءة إلى فرصة لزيادة الالتفاف الشعبي حول هذه الرموز، وكيف يُترجم التضامن الشعبي إلى رسائل مباشرة للخصوم مفادها: «إن هجومكم يزيدنا وحدة» وهذا ما يجعل الحملات المعادية تعود بالخسارة على أصحابها، إذ يكشفون نواياهم العدائية دون أن يحققوا أهدافهم.الهجوم على الرموز لا ينفصل عن السياق الإستراتيجي الأشمل لمشاريع زعزعة استقرار المنطقة، فالمملكة العربية السعودية تمثل اليوم حجر الزاوية في استقرار الشرق الأوسط، وقوة صاعدة على المستويين الاقتصادي والسياسي. ومن الطبيعي أن تكون عُرضة لمحاولات استهداف إعلامي ونفسي يهدف إلى تشويه صورتها داخلياً وخارجياً.إن استهداف الشخصيات السعودية المؤثرة هو في جوهره استهداف للرسالة السعودية ذاتها، وللدور المتنامي الذي تلعبه المملكة في صناعة القرار العالمي، فحين يُهاجَم المغرد الوطني البارز أو الإعلامي المؤثر أو رجل الدولة، فإن المستهدف ليس الفرد بحد ذاته، بل صورة المملكة التي يحملها ويمثلها.لقد فشلوا في تفريق المغردين السعوديين، فتحولوا إلى مهاجمة رموزهم وشخصياتهم المؤثرة.لكن هذا التحول يكشف عن ضعف لا عن قوة، وعن يأس لا عن إستراتيجية ناجحة، فالمغرد السعودي اليوم أكثر وعياً وصلابة من أي وقت مضى، والرموز السعودية أكثر ثباتاً وحضوراً في وجدان المجتمع.إن معركة الوعي ليست معركة حسابات وهمية أو مقالات مأجورة، بل معركة قيم وهوية وانتماء، وفي هذه المعركة، أثبت السعوديون أن وعيهم هو السلاح الأقوى، وأن رموزهم باقية ما بقيت رسالتهم الوطنية، وأن أي محاولة للنيل منهم ستتحول إلى شاهد جديد على صلابة هذا الوطن ووحدة شعبه خلف قيادته. أخبار ذات صلة