في غضون أيام قليلة، هزت مصر واقعتان طبيتان مأساويتان أثارتا موجة من الجدل والغضب بين المواطنين، الأولى تتعلق بإجراء عملية تكميم معدة لطفلة في التاسعة من عمرها، وهو قرار أثار تساؤلات حول مدى مشروعية إجراء مثل هذه الجراحات الدقيقة على أطفال دون سن المراهقة، خصوصا في ظل المخاطر الصحية المرتبطة بها، ما دفع نقابة الأطباء المصرية إلى فتح تحقيق عاجل للوقوف على مدى التزام الطبيب المعني بالمعايير العلمية المعتمدة. أما الواقعة الثانية، فهي مأساة إسراء كرم، الشابة التي اشتهرت بلقب «عروس حلوان»، والتي فقدت حياتها بشكل مأساوي إثر تلقيها حقن تجميلية مغشوشة في أحد مراكز التجميل بالمهندسين، قبل أيام من زفافها المنتظر. الواقعتان، رغم اختلافهما، إلا أنهما دفعتا النقابة العامة لأطباء مصر للتدخل على الخط واتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق. تفاصيل الواقعة الأولى تعود إلى عملية تكميم معدة أجراها استشاري جراحات السمنة والمناظير الدكتور هشام عبدالله، لطفلة تُدعى «روان» تبلغ من العمر تسع سنوات، ما أثار جدلًا واسعًا بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر الطفلة على سرير العمليات وهي تبكي خوفًا قبل الجراحة. الطفلة كانت تعاني من سمنة مفرطة تسببت في تقوس شديد في الساقين وخشونة مبكرة في مفصل الركبة، مما استدعى تدخلًا جراحيًا للعظام. ووفقًا لطبيب استشاري السمنة (صاحب الواقعة)، فإن طبيب العظام اشترط فقدان الطفلة لجزء كبير من وزنها قبل إجراء الجراحة العظمية، وبعد فشل أنظمة الدايت التقليدية، تم اتخاذ قرار إجراء تكميم المعدة بموافقة والدتها. وأثار الفيديو غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصف البعض العملية بـ«الجريمة الطبية»، مشيرين إلى أن تكميم المعدة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل نقص امتصاص فيتامين B12، التهابات، فقدان عضلي، وارتجاع مستمر، وهي مخاطر تهدد حياة طفلة في هذا العمر. في المقابل، دافع آخرون عن الطبيب، معتبرين أن العملية كانت ضرورية لإنقاذ الطفلة من مضاعفات السمنة المفرطة على المدى الطويل. بدورها، أعلنت نقابة الأطباء المصرية متابعتها للواقعة بعد تلقي شكاوى واستفسارات من أطباء ووسائل إعلام، حيث قررت استدعاء الدكتور هشام عبدالله للتحقيق أمام لجنة آداب المهنة يوم الأحد القادم (31 أغسطس 2025)، مع تشكيل لجنة علمية من كبار الأساتذة لدراسة مدى مشروعية التدخل الجراحي في هذا العمر. وأشارت النقابة إلى أن بيانًا علميًا صدر عام 2024 في مؤتمر للتغذية أوصى بعدم إجراء جراحات السمنة للفتيات دون سن 13 عامًا وللأولاد دون 15 عامًا، إلا بعد استيفاء شروط صارمة، مؤكدًة التزامها بحماية المرضى وضمان الالتزام بالمعايير العلمية والأخلاقية. فيما دافع الدكتور هشام عبدالله عن قراره، موضحًا أن الطفلة كانت في حالة صحية مستقرة بعد العملية وتتمتع بتحسن ملحوظ، وأن القرار استند إلى اعتبارات طبية بحتة، وأن التأخر في التدخل كان سيؤدي إلى تفاقم حالتها، كما أكد استعداده للتحقيق، مشيرًا إلى أن العملية لم تُجرَ في الخفاء، بل تم توثيقها على صفحته الشخصية. يأتي ذلك فيما تمثلت الواقعة الثانية، عندما توجهت إسراء كرم سيد، المعروفة بـ«عروس حلوان»، إلى أحد مراكز التجميل الشهيرة في منطقة المهندسين بالجيزة، في 13 أغسطس 2025، لإجراء جلسة تجميل استعدادًا لزفافها المقرر في 3 سبتمبر 2025. وتلقت إسراء، حقنا تجميلية مغشوشة في مناطق متفرقة من جسدها، ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية فورًا. وسجل التقرير الطبي أن قلبها توقف لأكثر من خمس دقائق، ما تسبب في تلف شديد بالمخ، وتم نقلها إلى المستشفى، حيث دخلت في غيبوبة تامة ووُضعت على جهاز التنفس الصناعي، وبعد أيام من الصراع، فارقت إسراء الحياة في 27 أغسطس 2025. وأظهر التقرير الطبي أن إسراء وصلت إلى المستشفى في حالة حرجة، مع توقف عضلة القلب وجميع وظائف الجسم، وتم إجراء إنعاش قلبي رئوي متقدم لاستعادة النبض، لكنها عانت من التهاب رئوي وتلف مخي شديد، ما أدى إلى بقائها في غيبوبة حتى وفاتها، كما أكد التقرير وجود آثار وخز بالإبر في جسدها، ما يشير إلى تعرضها لحقن تجميلية غير آمنة. وتقدمت أسرة إسراء ببلاغ لنيابة العجوزة (رقم 6011) ضد الطبيب ومركز التجميل، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن ذلك. وقررت جهات التحقيق إخلاء سبيل صاحب المركز مع استمرار التحقيقات، وإيداع جثمان إسراء في مشرحة زينهم لإعداد تقرير الطب الشرعي حول أسباب الوفاة. أخبار ذات صلة