يواصل الفنان التشكيلي السعودي محمد الخبتي توظيف التربة اللونية في أعماله باعتبارها جوهراً بصرياً وذاكرة جمالية تستحضر صلة الإنسان بالأرض. في أحدث أعماله يطل علينا الوجه الغائب بوصفه مركز الدلالة، إذ تتحول اللوحة إلى مساحة للتأمل ويغدو غياب الملامح حضوراً مضاعفاً يستفز عين المتلقي ويدفعه للبحث عن معناه الخاص. الخلفية الرمادية الخشنة تحاكي ملمس الجدران الطينية في البيوت القديمة وكأنها جدار يروي صمت الماضي بقدر ما يفتح أفقاً للحاضر.
توزيع الألوان الوردية والخضراء والزرقاء على الجسد يمنح العمل بعداً حيوياً، فالتداخل بين الطبيعة والإنسان يظهر كإشارة إلى أن الوجه الغائب ليس نقصاً في التشكيل بل اختيار واعٍ يجعل من الجسد مرآةً مفتوحة على احتمالات لا تنتهي. هنا يتكامل اللون مع المعنى ويتحول الطين إلى علامة على الاستمرارية والارتباط الأزلي.
هذا الاتجاه ينسجم مع مشروع الخبتي الفني الذي تبلور في معرضه الأخير «رتق» بجدة، إذ قدم أكثر من 40 لوحة تعكس انشغاله ببيوت الطين والبيئة الطبيعية في الباحة.
الوجه الغائب في تجربة محمد الخبتي ليس فراغاً بصرياً بل حضور رمزي يتجاوز الشكل إلى الجوهر ويضع المتلقي أمام سؤال جمالي مفتوح: كيف يمكن للغياب أن يصبح أعمق أشكال الحضور؟
الخبتي يعد من أبرز التشكيليين السعوديين المتفاعلين مع محيطهم ممن يسهمون باستمرار في الارتقاء بالفنون البصرية، إذ نظم أخيراً معرض «ألوان الباحة» ضمن الأنشطة والبرامج الثقافية في المنطقة.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.