ولكن حتى نصل جميعاً إلى منطقة السلام تلك، فإن أمام الإقليم العديد من المصاعب والتحديات الخطيرة، من أهمها التخلّص من مجاملة المنظمات على حساب الدول والشعوب، واقتناع الدول العظمى ودول الإقليم بأن لا مكان لأي تنظيم مهما كانت المبررات والاختلافات، إضافة إلى التخلّص من ترسّبات الماضي وقناعته، بأن أي مجموعة أو تنظيمات قادرة على تغيير معادلات دولية بمجرد القيام بعملية هنا أو هناك.
المنطقة وصلت اليوم إلى مرحلة انسداد تام، وربما تنزلق إلى فوضى حقيقية لا تشبه أي فوضى سابقة، وسيصحبها بلا شك الكثير من الدماء والانفلات الأمني وانهيار بعض الدول، عندها سيصعب لملمتها أو معالجتها، هذه ليست من تهويلات إذاعات الوطن العربي خلال الستينات والسبعينات أو التنظيمات الما ورائية، بل نحن بالفعل على شفا انفجار ضخم إذا لم يتوقف إشعال الفتائل، والاختباء خلف مشاريع ضيقة، أو ممارسة المماحكات الصغيرة التي تقدّمت على المصالح العظمى.
بين العام 1980 و1990 مرّت المنطقة العربية بحالة من السيولة الشديدة تشبه إلى حدٍّ كبير ما نشهده اليوم، كانت هناك الكثير من التنظيمات متعددة الأيديولوجيات ذات أغراض ومشغلين مختلفين تعمل على الأرض وتقوم بأعمال مختلفة منها اختطاف الطائرات أو القيام بعمليات اغتيال مركّبة ومعقّدة، لعل من أبرزها محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، التي تسبّبت في الاجتياح الإسرائيلي للبنان. كما تم تنفيذ العديد من العمليات الانتحارية، مثل ما قام به حزب الله من تفجير للسفارتين الأمريكية والفرنسية في بيروت، أما الحروب فقد شهدت المنطقة حرباً كبرى بين العراق وإيران، واشتباكات عديدة بين السوريين والإسرائيليين والفلسطينيين والإسرائيليين أيضاً.
إضافة إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982، الذي تسبّب في انفراط أمنى أدّى إلى مذابح في مناطق ذات أغلبية فلسطينية أو سنيّة في لبنان. كما تصاعدت التوترات ليشهد العالم لأول مرة حرب ناقلات النفط في الخليج العربي، وانخفاض أسعار البترول لما دون خمسة دولارات، أدّى ذلك إلى اقتصاد عالمي متدهور، صاحبته حرب روسية أمريكية بالنيابة في أفغانستان، كما نفّذت إسرائيل وجبة من الاغتيالات لقيادات فلسطينية في تونس. فضلاً عن توتر حول الصحراء الغربية بين المغرب وجيرانها، وحرب بين ليبيا وتشاد.
لقد كُنّا في تلك الفترة من التنازع العربي العربي، والعربي الإقليمي، على شفا انهيار كامل من المغرب إلى الخليج، ولم تستيقظ المنطقة إلا عند احتلال العراق للكويت، ليصحو الجميع وبلد عربي كامل ابتلع، فهل تنتظر المنطقة سيناريو مشابهاً؟!
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.