لم يعد دعم الأندية الرياضية في السعودية مجرد ضخ مالي مؤقت، بل تحوّل إلى مشروع وطني متكامل يعكس رؤية المملكة في تحويل الرياضة إلى صناعة احترافية مستدامة. إعلان وزارة الرياضة عن إستراتيجية دعم الأندية في عامها السابع (الموسم الرياضي 2025 – 2026) يؤكد أن الرياضة السعودية تجاوزت مرحلة الإنفاق المباشر إلى بناء نموذج مؤسسي يضع الأندية في قلب الاقتصاد الرياضي.تحويل الأندية:الإستراتيجية التي صيغت وفق نظام حوكمة شامل، تركز على تحفيز الأندية لتبني معايير إدارية ومالية دقيقة. لم يعد يكفي أن يحقق النادي نتائج داخل الملعب؛ بل عليه أن يثبت كفاءته في إدارة موارده، وتنمية إيراداته، وضبط مصروفاته، والالتزام بمؤشرات أداء تضعه على مسار مستدام. هنا يبرز جوهر السياسة الجديدة: تحويل الأندية من كيانات رياضية تقليدية إلى مؤسسات اقتصادية ذات أثر طويل المدى.معايير محددة:ما يميز هذه المرحلة أن الدعم أصبح مشروطاً بتحقيق معايير محددة، تشمل الحوكمة والشفافية، وضبط الكفاءة المالية، وتفعيل حضور الجماهير، وتوسيع قاعدة الألعاب المختلفة، إضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية والتحول الرقمي. هذه المحاور الستة ليست عناوين عامة، بل مقاييس أداء فعلية يُحاسب عليها كل نادٍ بشكل دوري، بحيث تتحول بيئة الرياضة إلى سوق تنافسي يقوم على الجودة لا على المجاملة.الألعاب المختلفة:في جانب التمويل، يظهر البعد الإستراتيجي بوضوح؛ فمبادرة «دعم الألعاب المختلفة» خصصت أكثر من 270 مليون ريال لتنويع النشاط الرياضي، وهي رسالة أن الرياضة السعودية لم تعد مرهونة بكرة القدم وحدها. أما مبادرة «الدعم المباشر» الموجهة لأندية دوري المحترفين، فقد خُصص لها ما يقارب مليار ريال (986 مليون ريال)، لكنها مرتبطة بجودة عمل الأندية في استقطاب الجماهير وتطوير تجربة المشجعين وتعزيز مواردها الذاتية.عنصر اقتصادي:هذا التحول يضع الأندية أمام اختبار حقيقي.. فالأموال متوفرة، لكن الحصول عليها يتطلب إدارة احترافية. الجماهير لم تعد مجرد أرقام في المدرجات، بل باتت جزءاً من معادلة الدعم المالي، وكل مقعد يمتلئ في الملعب يعني زيادة في فرص النادي لرفع حصته من الدعم. وبذلك يتحول المشجع من متابع سلبي إلى عنصر اقتصادي مؤثر في مستقبل ناديه.التقنية الرياضية:أبعاد الإستراتيجية لا تقف عند حدود التمويل، بل تشمل التحول الرقمي وتطوير الأنظمة الداخلية للأندية عبر تعزيز الحوكمة ونظام الموارد البشرية، وهي خطوة تواكب الاتجاه العالمي الذي يجعل التقنية ركيزة في الإدارة الرياضية، وفي ربط الأندية بجماهيرها وأسواقها الاستثمارية.يمكن القول إن إستراتيجية دعم الأندية في عامها السابع هي مرحلة نضج تترجم رؤية السعودية 2030 في قطاع الرياضة، بل أصبحت جزءاً من الاقتصاد الوطني، وميداناً للتنافسية العالمية، ومنصة تعكس صورة المملكة الحديثة.عقد شراكة:الرسالة الأبرز أن الدعم لم يعد «هبة حكومية»، بل عقد شراكة بين الدولة والأندية.. الدولة توفر الممكّنات، والأندية تقدم العمل الاحترافي. ومن لا يواكب التحول، سيجد نفسه خارج دائرة التنافس، مالياً وجماهيرياً وإدارياً. إنها لحظة فاصلة في تاريخ الرياضة السعودية، حيث يقترب المشهد من صناعة مكتملة الأركان، تضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في الإدارة الرياضية والاقتصاد التنافسي. أخبار ذات صلة