يُعد دور الشركات المصنّعة والمنتجة محورياً في التصدي لقضايا الإغراق في الأسواق المحلية لا سيما الشركات المساهمة، التي تحمل على عاتقها حماية حقوق المساهمين ومصالحهم، إذ كشفت التقارير المالية في الموقع الرسمي لهيئة السوق المالية (تداول) أداءَ الشركات المساهمة، خصوصاً التي واجهت خسائر في الربع الثاني من السنة المالية الحالية، ويعزى ذلك إلى أسبابٍ عدة من أبرزها ارتفاع التكاليف التشغيلية والإدارية مع وجود انخفاض حصتها السوقية في بيع منتجاتها في الأسواق، ووجود منافسة شركات أجنبية تقوم بإغراق السوق المحلية بكميات كبيرة من منتجات مشابهة للمنتجات الوطنية، وتباع بأسعار تقل عن قيمتها العادية في بلد المنشأ، وهنا تبرز أهمية تحرك المصنّعين والمنتجين المحليين في التصدي لتلك الممارسات التجارية الضارة جنباً إلى جنب مع هيئة التجارة الخارجية، التي تقوم بدور كبير في توعية المنتجين والمصنّعين المحليين في التعريف بالمعالجات التجارية، وكيفية الحد من الممارسات التجارية الضارة، وآلية تقديم شكوى الإغراق، وإن الدور التكاملي بين المصنّعين والمنتجين المحليين والهيئة يتوافق مع ما تقوم به الدول لحماية اقتصادها الوطني.ففي عام 2010م قررت السلطات الهندية فرض رسوم على الشركات السعودية المنتجة لمادة البولي بروبلين، حيث إن هذا القرار يؤثر سلباً على انسياب حركة الصادرات السعودية للأسواق العالمية، إذ قامت وزارة التجارة والصناعة في حينه بالتحرك لإيضاح موقف المملكة، وأثمرت تلك التحركات عن تجميد قرار فرض رسوم مكافحة الإغراق على المنتجات السعودية، وهنا يجب لفت الانتباه إلى أن نظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية يهدف إلى الدفاع عن صادرات المملكة التي تتعرض لإجراءات المعالجات التجارية استناداً على المادة الثانية من النظام، مما يعطي المنتجين والمصنّعين المحليين حماية في بيع منتجاتهما خارج المملكة، كما تقوم الجهات الرقابية في أوروبا وأمريكا بإجراءات مماثلة لحماية المصنّعين المحليين والتصدي لممارسات الإغراق التجاري عبر تقديم شكاوى رسمية إلى مكتب تحقيقات مكافحة الإغراق، ففي الاتحاد الأوروبي تتولى المفوضية الأوروبية التحقيق في هذه الشكاوى وفرض رسوم تعويضية أو تدابير وقائية عند الحاجة، أما في الولايات المتحدة فتقدم الشكاوى إلى وزارة التجارة بالتعاون مع لجنة التجارة الدولية، التي تحدد ما إذا كان هناك إغراق، وما إذا تضررت الصناعة المحلية، ويسهم المنتجون بدور مهم من خلال تزويد السلطات بالبيانات والأدلة، بينما تتولى الجهات الرقابية مهمات المتابعة وفرض العقوبات اللازمة بعد ثبوت المخالفة؛ لضمان المنافسة العادلة في السوق المحلية.وفي الختام، فإن نجاح قضايا مكافحة الإغراق لا يعتمد فقط على إثبات وقوع الضرر، بل يرتبط أيضاً بمدى قدرة المصنّعين والمنتجين المحليين على إعداد ملف متكامل يتضمن البيانات المالية والفنية والقانونية الدقيقة؛ لضمان قبول الشكوى وفرض الرسوم التعويضية، وهنا تتجلى أهمية الاستعانة بمحامين متخصصين يمتلكون الخبرة في إدارة قضايا الإغراق، لما لهم من دور محوري في إعداد الملف، ومتابعة الإجراءات أثناء فترة التحقيق، وليكونوا حلقة وصل بين الجهة الشاكية وجهة التحقيق المختصة بما يساهم في تعزيز فرص نجاح القضية. أخبار ذات صلة