تم النشر في: 08 أكتوبر 2025, 1:00 مساءً تعمل وزارة البيئة والمياه والزراعة على توطين الزراعة الحديثة في المملكة، ودعم وتشجيع الابتكار والبحث في القطاع الزراعي، لتحقيق الأمن الغذائي، وتقليل الاستيراد، واستدامة الموارد الطبيعية والمائية مع الحفاظ على البيئة، مستخدمةً تقنيات الزراعة المائية مثل "الهيدروبونيك"، و"الأكوابونيك"، و"الزراعة العمودية"، و"البيوت المحمية"، و"الزراعة الذكية" باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يقلل استهلاك المياه ويزيد الإنتاجية، ويحسّن كفاءة استخدام الموارد الطبيعية. ولم تعد البيئة الصحراوية في المملكة عائقًا أمام إنتاج الغذاء، بل أصبحت أرضًا واعدة للابتكار الزراعي، بفضل التقنيات الحديثة التي أحدثت نقلة نوعية في أساليب الإنتاج، وفتحت آفاقًا جديدة أمام المستثمرين ورواد الأعمال، إذ تأتي أهمية الزراعة الحديثة في توفير أغذية آمنة صحيًا وخالية من التلوث؛ لحدِّها من استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات الضارة بالصحة والبيئة، إضافة إلى تغلبها على الآثار السلبية للتغيرات المناخية المؤثرة على الأنظمة الزراعية، وتسهم في رفع معدلات الإنتاجية ومواصفات الجودة دون استنزاف للموارد الطبيعية، مع تقليل تكاليف الإنتاج الزراعي بما يضمن زيادة دخل المزارعين وتحسين مستوى معيشتهم. ومن المتوقع أن تكون الزراعة الذكية علاجًا فعالًا، وإستراتيجية حيوية لا غنى عنها في تحسين كفاءة استعمال الموارد الزراعية، وزيادة الإنتاج في القطاع الزراعي، حيث وضعت وزارة "البيئة" حجر الأساس لمشروع الزراعة الذكية في الرياض، في خطوة تهدف إلى التحول في مسيرة الزراعة الحديثة، وتعزيز الابتكار في قطاع الزراعة، ليسهم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط. وتعتمد المملكة حاليًا على حزمة من التقنيات الزراعية الذكية التي أثبتت كفاءتها في البيئات الجافة، أبرزها: الزراعة المائية (Hydroponics) التي توفر المياه بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالزراعة التقليدية، والزراعة العمودية (Vertical Farming) التي تتيح إنتاج محاصيل عالية الجودة في مساحات محدودة، مع تحكم عالٍ بجودة المنتج وخفض أو انعدام استخدام المبيدات الحشرية والمرضية، وكذلك البيوت المحمية عالية التقنية (High-Tech Greenhouses) المزودة بأنظمة تحكم في المناخ والري والتسميد. وتشير نتائج المشروعات التجريبية التي تعمل عليها الوزارة إلى أن الإنتاجية في البيوت المحمية عالية التقنية تفوق الزراعة التقليدية بنسب متفاوتة حسب التقنية المستخدمة في البيت المحمي وحسب المحصول، مع تقليل استهلاك المياه والأسمدة بشكل كبير. وأظهرت تجارب مركز "استدامة" في الزراعة المائية تحقيق وفرة مائية تصل إلى 90%، مع إنتاج خضروات ذات جودة عالية تناسب الأسواق المحلية والعالمية، وبلغ إنتاج محصول الطماطم في البيوت الزجاجية عالية التقنية 99 كيلو جرامًا في المتر المربع الواحد، مع استهلاك للمياه قدر بثلاثة لترات للكيلو جرام الواحد، وكفاءة قياسية في استهلاك الطاقة. ومن التقنيات الحديثة التي تقدم حلولًا واعدة لتحسين الإنتاج الزراعي وتقليل استهلاك المياه، تقنية "المخصبات الحيوية" التي تستخدم في النظم الزراعية الصحراوية، وتعتمد على وجود الميكروبات النافعة في التربة، حيث تسهم في تحسين كفاءة نمو المحاصيل وتزيد من امتصاص الماء والمغذيات، وكذلك "تقنية النانو" التي تعتبر من أبرز الحلول المستدامة، وتتميز المواد النانوية بخصائصها المتناهية الصغر مما يفتح آفاقًا واسعة لتحسين العمليات الزراعية، وتعزز من كفاءة استخدام المياه بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30%، مما يجعلها أداة إستراتيجية لمواجهة التحديات الغذائية والبيئية المعاصرة. ويعد "الفحم الحيوي" وسيلة لتحسين إدارة المياه وزيادة الإنتاجية الزراعية في بعض البيئات الصحراوية، فيما أظهرت الدراسات أن إضافة الفحم الحيوي يقلل الفاقد المائي بالتبخر بنسبة تتراوح بين 9 إلى 11%، وتوفر ما يقارب 20% من مياه الري، ويسهم في زيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة 37%، مما يؤكد فعاليته في تعزيز نمو المحاصيل وتحقيق استدامة الزراعة في البيئات القاحلة وشبه القاحلة، إضافة إلى ذلك تلعب زراعة الأعلاف الموسمية "الشتوية" دورًا مهمًا في تعزيز الاستدامة الزراعية، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بندرة المياه، إذ تتسم هذه الأعلاف بقدرتها على الاستفادة من الأمطار الموسمية خلال فصل الشتاء، مما يقلل من الاعتماد على المياه الجوفية، وتعد كذلك عدس الماء (Duckweed) من أبرز البدائل الواعدة للأعلاف في العقد الأخير، بفضل محتواه العالي من البروتين الذي قد يتجاوز 40% من الوزن الجاف، مما يجعله خيارًا متميزًا في الأعلاف المركبة لتغذية الماشية والدواجن والأسماك، ويساعد في تقليل الاعتماد على فول الصويا المستورد، ويتميز هذا النبات بمرونته في الزراعة، إذ يمكن إنتاجه في الحقول المفتوحة أو عبر أنظمة الزراعة المائية والعمودية تحت الإضاءة الصناعية، نظرًا لانخفاض احتياجاته الضوئية، الأمر الذي يقلل من استهلاك الأراضي والمياه مقارنة بالمحاصيل العلفية التقليدية. وتمثل إستراتيجية وزارة البيئة والمياه والزراعة التي تشجع استخدام التقنيات الحديثة في القطاع الزراعي بشكل واسع، خطوة مهمة نحو تعزيز الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي واستدامة الموارد الطبيعية، والتي تعد من المستهدفات الرئيسة لرؤية المملكة 2030.