عرب وعالم / السعودية / عكاظ

أمل لملايين الرجال.. اكتشاف يفتح أبواب علاج سرطان البروستاتا

في خطوة قد تغير مجرى مكافحة أحد أكثر أنواع السرطان رعبًا بين الرجال، كشف باحثون من جامعة فليندرز في أستراليا وجامعة جنوب للتكنولوجيا آلية جديدة لإضعاف خلايا سرطان البروستاتا.

هذا الاكتشاف، الذي يستهدف نقطة ضعف سابقة الإغفال في الخلايا السرطانية، قد يمهد الطريق أمام علاجات أكثر فعالية، خاصة للحالات المتقدمة التي تقاوم العلاجات الحالية.

الدراسة، التي نشرت في مجلة إجراءات الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)، تمثل فجرًا جديدًا في البحث عن حلول لمرض يصيب ملايين الرجال حول العالم سنويًا، ويُعد السبب الثاني للوفيات الناتجة عن السرطان بين الجنس الذكري.

ما هو سرطان البروستاتا؟

سرطان البروستاتا، الذي يُعرف أيضًا باسم سرطان الغدة البروستاتية، يُصنف كأكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الرجال فوق سن الـ50. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يُشخص نحو 1.4 مليون حالة جديدة سنويًا عالميًا، مع معدلات إصابة أعلى في الدول المتقدمة مثل أستراليا والولايات المتحدة.

في أستراليا وحدها، يُشخص أكثر من 20 ألف رجل بالمرض كل عام، ويؤدي إلى وفاة نحو 3500 منهم، حسب إحصاءات الجمعية الأسترالية للسرطان، هذا السرطان يبدأ عادةً في الغدة البروستاتية، التي تلعب دورًا حاسمًا في إنتاج السائل المنوي، لكنه يمكن أن ينتشر إلى العظام والرئتين والكبد، مما يجعله تحديًا طبيًا هائلًا.

العلاجات الحالية لسرطان البروستاتا

العلاجات الحالية، مثل العلاج الهرموني والأدوية المستهدفة لمستقبل الأندروجين (AR)، نجحت في إطالة حياة العديد من المرضى، ومع ذلك، يطور السرطان آليات مقاومة سريعة، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة وانخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة إلى أقل من 30% في الحالات المنتشرة.

ويقول أستاذ مشارك ورئيس سرطان البروستاتا في معهد فليندرز للصحة والبحث الطبي، وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة الدكتور لوك سيلث: «المرض يمثل كابوسًا للأطباء حول العالم، حيث يتغير سلوك الخلايا السرطانية بسرعة مذهلة، مما يجعل العلاجات التقليدية غير كافية».

إنزيمان رئيسيان يعززان مقاومة السرطان

وفي قلب هذا الاكتشاف، اكتشف الباحثون آلية حماية غير معروفة سابقًا تستخدمها الخلايا السرطانية للحفاظ على مستقبل الأندروجين، الذي يُعد المحرك الرئيسي لنمو الورم.

الفريق، الذي قاده الدكتور جيانلينغ شي، الذي بدأ البحث في جامعة فليندرز قبل انتقاله إلى جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا، حدد إنزيمين رئيسيين: PDIA1 وPDIA5، ويقول الدكتور شي في تصريحات صحفية: «هذان الإنزيمان، اللذان ينتميان إلى عائلة البروتينات المساعدة في طي البروتينات داخل الخلايا، يلعبان دورًا حاسمًا في مساعدة خلايا السرطان على النمو والبقاء والمقاومة للعلاجات، كما «اكتشفنا أن هذين الإنزيمين يحميان مستقبل الأندروجين من التحلل، مما يسمح للخلايا السرطانية بالاستمرار في الانتشار».

ومن خلال تحليلات متقدمة باستخدام تقنيات الجينوميكس والخلايا المشتقة من المرضى، أظهر الفريق أن حجب هذين الإنزيمين يؤديان إلى اضطراب في إنتاج داخل الخلايا السرطانية. تحديدًا، يعتمد السرطان على الميتوكوندريا – محطات الطاقة الخلوية – للحفاظ على توازنه، لكن حجب PDIA1 وPDIA5 يسبب اضطرابًا في هذه المحطات، مما يؤدي إلى تراكم الإجهاد التأكسدي وزيادة الضغط على الخلايا. هذا الإجهاد يجعل الخلايا أكثر عرضة للعلاجات الحالية، مثل العلاج الهرموني، ويقلل من قدرتها على البقاء.

نتائج التجارب

وفي تجارب أجريت على نماذج فئران وأنسجة أورام مستمدة من مرضى، أدى الجمع بين مثبطات هذين الإنزيمين والعلاجات التقليدية إلى تقليل حجم الأورام بنسبة تصل إلى 70%، دون آثار جانبية ملحوظة على الخلايا السليمة، فيما يعمل مستقبل الأندروجين كـ«مفتاح» يتلقى إشارات الهرمونات الذكرية، مما يحفز نمو الخلايا البروستاتية.

وفي السرطان، يصبح هذا المفتاح مفرط النشاط، لكنه يتعرض للتحلل الطبيعي داخل الخلايا. هنا يأتي دور PDIA1 وPDIA5، ويعملان كـ«حراس» يمنعان هذا التحلل، مما يطيل عمر المستقبل ويحافظ على النشاط السرطاني، وبمنع عمل هذين الحارسين، تفقد الخلايا قدرتها على التعامل مع الإجهاد، وتصبح عرضة للموت الخلوي المبرمج (الأبوبتوزيس).

هذه الآلية الجديدة تختلف عن النهج السابقة، التي ركزت على حجب المستقبل مباشرة، وتُعد خطوة نحو «العلاج المركب» الذي يضعف السرطان من الداخل قبل الهجوم الرئيسي.

تاريخيًا، شهد بحث سرطان البروستاتا تقدمًا ملحوظًا في العقود الأخيرة. في السبعينيات، أدخل العلاج الهرموني كمعيار ذهبي، مما أطال متوسط البقاء إلى 5 سنوات في الحالات المتقدمة، ومع ذلك، أظهرت دراسات حديثة، مثل تلك المنشورة في مجلة Nature، أن الخلايا السرطانية تطور «لدونة خلوية» تسمح لها بالتحول إلى أشكال أكثر عدوانية، مثل السرطان العصبي الغددي (NEPC)، الذي يقاوم جميع العلاجات الحالية. في أستراليا، أدى برنامج الفحص الوطني إلى انخفاض في الوفيات بنسبة 20% منذ عام 2000، لكن التحدي يظل في الحالات المتقدمة، حيث يعاني 15% من المرضى من تطور مقاومة بعد عامين من العلاج.

تجارب سريرية وتحذيرات الخبراء

من الناحية العملية، يمكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى تطوير أدوية جديدة في غضون 3-5 سنوات، مع تجارب سريرية أولية مخطط لها في عام 2027. ويخطط الفريق لاختبار المثبطات في مجموعات مرضى متنوعة، مع التركيز على الآثار الجانبية المحتملة مثل الإرهاق أو اضطرابات التمثيل الغذائي، كما أن الدراسة تفتح أبوابًا لتطبيقات أوسع، مثل استخدام هذه الإنزيمات كعلامات تشخيصية للكشف المبكر عن المقاومة.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من التسرع، ويقول خبير السرطان من جامعة ملبورن الدكتور مايكل لورانس، فبينما تُعد النتائج واعدة، نحتاج إلى تجارب واسعة النطاق للتأكيد على السلامة والفعالية».

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا