أمام رئيس لبنان الجديد، الرئيس جوزيف عون، تحديات معقدة تتجاوز حدود الطموحات والأحلام. فبينما يحاول أن يقدّم نفسه بوصفه رجل المرحلة والإنقاذ، يبدو الطريق إلى الإصلاح شديد الوعورة. لبنان يقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، بين دولة تحاول استعادة سيادتها وهيبتها، ودولة ظلت لعقود أسيرة الاصطفافات الداخلية والمشاريع الخارجية. المجتمع الدولي يراقب المشهد اللبناني بعين الحذر والأمل معاً. فالرغبة قائمة في أن يعود لبنان دولة ذات سيادة حقيقية، لا تهدّد محيطها العربي ولا تتحوّل إلى منصة لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. لكنّ هذا الطموح، رغم وجاهته، يصطدم بالواقع المليء بالتعقيدات السياسية والطائفية والاقتصادية. ورغم التصريحات المتفائلة التي تتحدث عن قدرة لبنان على التغيير السريع، إلّا أن الصورة لا تزال ضبابية. فالعقبة الكبرى أمام أي مشروع إصلاحي جاد تبقى مسألة نزع سلاح حزب الله، التي تشكّل جوهر المعضلة اللبنانية. فكيف يمكن الحديث عن حكومة مستقلة قادرة على فرض سيادتها على كامل أراضيها، بينما هناك قوة عسكرية خارج سلطة الدولة؟ لا يزال لبنان بعيداً عن مبدأ «دولة واحدة وجيش واحد»، وهو المبدأ الذي لا يمكن لأي دولة أن تستقر دونه. لبنان أمام خيارين واضحين: الأول، طريق التنمية والانفتاح، وهو النموذج الذي جسّده رفيق الحريري في تسعينيات القرن الماضي. كانت تلك المرحلة ذروة الحضور العربي والدولي في لبنان، زمن البناء والازدهار، حين كان الاقتصاد يتنفس هواء العواصم الكبرى، والسياحة والمصارف تعيدان لبيروت لقب «عروس الشرق». أما الخيار الثاني، فهو الانغلاق تحت مظلة حزب الله، الذي جعل لبنان معزولاً عن محيطه العربي والدولي، منهكاً بأزماته الاقتصادية والمالية، ومفتقداً لثقة المستثمرين والداعمين. اليوم، لا يمكن إنقاذ لبنان من أزماته المتراكمة إلا بالعودة إلى المجتمع الدولي والعربي، واستعادة الدولة من الهيمنة الحزبية والمصالح الضيقة. فالمستقبل لا يُبنى بالخطابات، بل بقرارات شجاعة تعيد الاعتبار للمؤسسات، وللدولة التي فقدت دورها. المجتمع الدولي والممولون العرب أوضحوا رسالتهم: لن يكون هناك دعم لدولة يظل فيها حزب الله دولة داخل الدولة. وإذا أراد لبنان فعلاً أن يبحر نحو برّ الأمان، فعليه أولاً أن يُصلح سفينته، لأن البحر- كما يقول المثل الشعبي اللبناني- «مش كويس يا ريس». أخبار ذات صلة