تم النشر في: 23 أكتوبر 2025, 6:50 صباحاً طالب مشاركون في المؤتمر الدولي الثالث عشر للجمعية العربية للحوسبة في العمارة والفن والتصميم، الذي احتضنته جامعة الفيصل بالرياض خلال الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر 2025م، بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المعمارية لخدمة الهوية الثقافية والمحلية في التصميم العمراني، ودعوة لإعادة تعريف العمارة بهوية محلية أصيلة، مؤكدين أهمية التحرر من النماذج الغربية التي طغت على المشهد المعماري لعقود طويلة. وشدد المشاركون على أن العمارة ليست مجرد بناء أو هندسة شكلية، بل فعل ثقافي وإنساني يعكس روح المكان وعلاقته بالبيئة والمجتمع، داعين إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لإحياء القيم الجمالية والمعرفية في العمارة العربية، وتطوير أنماط تصميم تستلهم البيئة المحلية وتنسجم مع متطلبات الإنسان المعاصر. وأوضح رئيس اللجنة العلمية والتنظيمية للمؤتمر الدكتور عبدالرحمن اليماني أن الهدف من المؤتمر لا يقتصر على استعراض التطورات التقنية، بل يتجاوز ذلك إلى بناء وعي معماري جديد يجمع بين الإبداع الرقمي والانتماء الثقافي، مؤكدا أن المملكة تمتلك المقومات التي تؤهلها لأن تكون منصة عالمية لإنتاج المعرفة في مجال العمارة الذكية، ونموذجًا متفردًا يوازن بين الأصالة والابتكار. وأشار اليماني إلى أن كثيرًا من المشاريع الحديثة في المنطقة رغم تميزها التقني، ما تزال تفتقر إلى الحس المحلي الذي يمنحها الانتماء، مؤكدا أن توظيف الذكاء الاصطناعي في التصميم لا ينبغي أن يكون مجرد تقليد لنماذج خارجية، بل وسيلة لإحياء هوية المكان من خلال فهم عناصره التراثية والمناخية والبيئية. وتناول المؤتمر الذي جمع أكثر من مئة باحث من ست عشرة دولة، قضايا متعددة تتعلق بدور الذكاء الاصطناعي في العمارة الحديثة، شملت التصميم التوليدي، والطباعة ثلاثية الأبعاد في البناء، والتعليم المعماري في عصر التحول الرقمي، والمدن الذكية، إضافة إلى توثيق التراث المعماري عبر تقنيات الواقع المعزز والميتافيرس. كما ناقش المشاركون التحديات الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وفي مقدمتها تحيز البيانات المستخدمة في النماذج التصميمية، إذ تعتمد معظمها على مدارس أوروبية، مما يجعلها غير قادرة على تمثيل التنوع الثقافي والمعماري العربي، داعين إلى إنشاء قواعد بيانات جديدة تعكس الخصوصية المحلية وتعزز حضور العمارة الإسلامية والعربية في المشهد العالمي. واختتمت أعمال المؤتمر بالتأكيد على أن تحرير العمارة لا يعني رفض التقنية، بل توظيفها لصالح الإنسان والهوية، وأن مستقبل التصميم المعماري يعتمد على قدرة المجتمعات على تحويل أدوات الذكاء الاصطناعي إلى جسور ثقافية تعزز الاستدامة وتحافظ على التوازن بين التقدم والخصوصية. وأكد المشاركون أن ما قدمته جامعة الفيصل من تنظيم علمي ومحتوى معرفي خلال المؤتمر يعكس مكانة الرياض كمركز إقليمي للحوار الفكري والعلمي في مجالات العمارة والابتكار، مؤكدين أن المملكة تمتلك الرؤية والطموح لتقود مرحلة جديدة في صياغة هوية العمارة الذكية في العالم العربي. وأجمع المشاركون على أن العمارة السعودية تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، تُعيد من خلالها تعريف علاقتها بالتقنية والإنسان والمكان.