•• صحوت على صوت هاتفٍ من الأديب الأريب الحبيب عيَّاد بن مخلف العنزي.. ورَّاق غزير الإنتاج الأدبي من منطقة الحدود الشمالية.. يحمل عصاه وكتبه يومياً باتجاه غار اللوز بعرعر، فيجتمعان ويتلامسان ويتحدثان بمشاعر جياشة.. يقرأ في الأدب الروسي، لا يتحدث إلا بالعربية الفصحى.. تلك الساعة الهاتفية رشتني بعطر هادئ، انتشيت بها ألماً يراودني منذ زمن، إنه استغناؤنا عن لغتنا العربية الفصحى. •• عقب تلك المحادثة الهاتفية؛ طرأت على ذهني أسئلة.. لماذا نصبغ وجوهنا الجبانة بلهجات تبعدنا عن أصولنا العربية الحاملة للوقار والحشمة؟.. لماذا انفلتنا في شوارع «العامية» المتربة فأحالتنا إلى دمار مزقنا؟.. لماذا استجبنا لغبار «العامية» المسعورة فأصاب رئتنا وألسنتنا بالتلف؟.. لماذا تركنا إعصار «العامية» المتصاعد يقذفنا فنتطاير بلا وجهة؟.. أسئلة مشروعة وجوابها: عدم التفاتنا لصرخات العقلاء لإعادتنا إلى لغتنا الفصحى المجيدة. •• في مرحلة شديدة من الحاجة إلى لغتنا الفصحى؛ أصبحنا نحمل الكثير من الدموع بما آلت إليه ألسنة بعضنا.. صرنا في انفصال صامت مع «الفصحى» يتسع كلما مر الزمن، مثل بركة ماء تزداد دوائرها.. لا أعرف سر إصرار بعض مذيعي الفضائيات والإذاعات على الحديث باللهجة المحلية العامية.. ولا أعرف، أيضاً، سبب إصرار بعضنا على استعمال التعابير الأجنبية على غير لغتنا الأصيلة. •• هوس البعض بإدخال مصطلحات أجنبية؛ وضعنا فوق رمال ناعمة ابتلعتنا بهدوء دون مقاومة.. وطالما أننا نوصد الأبواب على دخول تلك المصطلحات الأجنبية؛ سنتعود على انحناء رؤساء أمام عواصف تغريب لغتنا ولهجتنا العربية.. وطالما أجبرنا أنفسنا على السكوت أمام جبروت «تغريب» لغتنا العربية؛ سيتحول الخذلان لدينا إلى هزيمة تنتقل مع الوقت إلى ضعف.. فهل نتخلى عن تلك الخيوط الرمادية؟!. اللغة الفصحى بين التجلي والتخلي: لماذا نصبغ وجوهنا بلهجات بعيدة عن الوقار؟ ولماذا استجبنا لغبار المصطلحات الأجنبية؟ ولماذا انفلتنا في شوارع «العامية» فدمرتنا؟ فمتى نتخلى عن تلك الخيوط الرمادية؟ أخبار ذات صلة