مع تصاعد الإقبال على الإجراءات التجميلية خلال السنوات الأخيرة، برزت حكاية (الفيلر) كأحد أكثر المواضيع جدلاً بين أطباء الجلدية وخبراء التجميل. بين من يراه حلاً سريعاً لاستعادة النضارة والشباب، ومن يحذر من مخاطره ومضاعفاته طويلة المدى. واستطلعت «عكاظ» آراء عدد من أطباء التجميل وسلطت الضوء على الجانب القانوني حال وجود مضاعفات. وتؤكد استشارية التجميل الدكتورة آلاء عارف، انتهاء الفيلر الدائم من سوق التجميل منذ أكثر من عشر سنوات، لما له من أضرار جانبية على المدى البعيد، فإزالته تتطلب عملية جراحية، ومشكلته تكمن في الالتهابات المتكررة في منطقة الحقن، والبدائل هي الفيلر المؤقت من حمض الهيبورونيك، وهي مادة أصلاً موجودة في الجسم ومتعارف عليها وتختفي تدريجياً، ويمكن التخلص منها، وإذابتها في حال حدوث آثار جانبية أو النتائج تكون مرضية. الإفراط ينتهي بالترهل تنصح الدكتورة آلاء عارف بالتعرف والتحقق من المادة المحقنة، فترة صلاحيتها وطبيعتها، وهل للعيادة الإمكانية في تذويبها، ومن الأهمية أخذ الرقم التسلسلي الخاص بالحقنة تحديداً في حال حدثت أي مضاعفات تكون الحقنة لها مرجعية ومتابعة طبية على مستوى الطبيب والعيادة ومصدر الحقنة. وتشير الدكتورة آلاء في حديثها لـ«عكاظ» إلى أن حقن الفيلر يتم بعد سن الثامنة عشرة كأي إجراء تجميلي، وبشكل عام لا يفضل القيام بأي إجراء تجميلي إلا عند الحاجة، على أن تكون النتيجة طبيعية وإيجابية، كما أن «الحقن بطريقة مدروسة وكميات وتكنيك علمي، يساهم في الحد من شيخوخة الجلد، وعلاماتها، أما حقن كميات كبيرة فيؤدي إلى ترهل الجلد، وأعني بذلك حقن أكثر من 50 إبرة أو أكثر، فالحقن ليس له جدول معين، وحين يستدعي الأمر يجب الحرص الشديد في الكميات، فالإفراط قد يؤدي إلى نتائج عكسية». حذار من فقد البصر استشارية الأمراض الجلدية والتجميل الدكتورة نوف خياط تقول: «إن أخطر مضاعفة تحدث عندما يدخل الفيلر داخل شريان أو وريد»، ومن الأعراض ألم شديد، تغير لون الجلد بسبب موت الأنسجة، أو حتى فقدان البصر في حال وصول الفيلر إلى الشريان الشبكي إذا لم يتم التدخل فوراً، أما عدم التناسق أو الامتلاء الزائد فينتج عن كمية زائدة أو توزيع غير متساوٍ للفيلر ما يؤدي إلى مظهر غير طبيعي، وذلك بسبب ضعف خبرة الطبيب أو عدم احترام التناسب الطبيعي لملامح الوجه، أما في حالة تحرك الفيلر أو تكتله وتنقله، أو تجمعه تحت الجلد على شكل كتل صغيرة، فيحدث ذلك بسبب الحقن بضغط عالٍ أو كمية كبيرة أو نوع غير مناسب للمنطقة أو بسبب تكرار الضغط أو لمس المنطقة بعد الحقن، ويظهر غالباً في الشفاه أو تحت العين، أما الالتهابات أو التفاعلات المناعية وفقاً للدكتورة نوف التي تتحدث لـ«عكاظ»، فتتظهر على شكل تورم أو احمرار متأخر بعد أسابيع أو أشهر من الحقن، وهي حالات نادرة، ولكنها قد تحدث، وسببها تلوث الفيلر بالبكتيريا، أو تفاعل الجسم المناعي مع المادة المحقونة، أو تكوّن بكتيريا خفية (Biofilm) حول جزيئات الفيلر المحقونة، أما التورم والكدمات فيعدان الأكثر شيوعاً، لكنهما مؤقتان ويحدثان بسبب إصابة الأوعية الصغيرة أثناء الحقن. الامتلاء بالدهن الذاتي! أوضحت الدكتورة نوف خياط، أن هناك عدة إجراءات تجميلية غير جراحية يمكن أن تعطي نتائج مشابهة لحقن الفيلر من حيث تحسين المظهر أو امتلاء الوجه، لكن تختلف في المبدأ والمدة كمحفزات الكولاجين، فيتم حقن مواد تحفّز خلايا الجلد نفسه لإنتاج الكولاجين بدلًا من ملء الفراغ مباشرة والنتيجة تدريجية، وتظهر خلال أسابيع أو أشهر، وتدوم أطول من الفيلر حتى سنتين أو أكثر، إلى جانب الإبر الحيوية أو ما يعرف بإبر النضارة التي تحتوي على حمض الهيالورونيك، لكن بتركيز خفيف، ولا تعطي امتلاء مثل الفيلر، بل ترطب وتشد الجلد وتزيد مرونته، وهي مناسبة للوجه والرقبة واليدين. أما أجهزة التحفيز الحراري فتعتمد على الموجات فوق الصوتية أو الترددات اللاسلكية، وتشد البشرة وتقلل الترهل دون حقن أي مادة، وتعطي مظهراً مشدوداً أكثر من ممتلئ، ويمكن دمجها مع إجراءات حقن أخرى للحصول على نتائج أفضل. أما حقن الدهون الذاتية، فتستخرج دهون الشخص نفسه، وتستخدم غالباً لغرض الامتلاء. أفواه تتحرك! عن الخيوط التجميلية ترى الدكتورة نوف أنها «تستخدم لشد الجلد وتحفيز الكولاجين، وتعطي مظهراً مشدوداً ورفيعاً للوجه يشبه نتيجة الفيلر في بعض المناطق، وتستمر النتائج من 12 إلى 18 شهراً، وهي مناسبة أكثر لرفع الخدود أو الفك وليس للامتلاء العميق». وحول شكوى البعض من (الفيلر المهاجر)، فإن الأمر يعود إلى تحرك الفيلر من مكان الحقن إلى منطقة مجاورة، ما يغيّر شكل الوجه أو يسبب انتفاخات غير طبيعية أو تكتلات عندما يُحقن الفيلر في طبقة غير مناسبة من الجلد (عميقة أو سطحية)، لا يثبت في مكانه، فيبدأ بالتحرك تدريجياً تحت تأثير الجاذبية أو حركة العضلات، والحقن الزائد أو بقوة مفرطة يدفع الفيلر للانتشار خارج المنطقة المستهدفة، خصوصاً في مناطق الشفاه أو تحت العينين، فبعض المناطق كالشفاه أو محيط الفم تتحرك باستمرار، ما قد يؤدي بمرور الوقت في بعض الحالات إلى تحرك الفيلر عن مكانه الأصلي. لا استغناء عن «خط الابتسامة» أخصائي الجلدية والتجميل الدكتور أكمل حلمي أشار لـ«عكاظ» إلى أن الفيلر الشائع حالياً، هو المكون من مادة الهيالورونيك أسيد، وهي مادة بدرجه نقاء كبيرة وتساعد على امتصاص الماء من الأنسجة المحيطة. وفي المقابل، تتحلل خلال ستة إلى تسعة أشهر على أقصى تقدير، وتتحول إلى ماء يخرج مع إفرازات الجسم، ويحدث أحياناً تفاعلاً مع أنسجة الجسم، وتكون حبيبات تحت الجلد من مادة الفيلر نفسه، وهي ما تتطلب حقن مادة مذيبة لها، «ومن المعلوم أنه في حالة حقن الفيلر من غير المتخصصين قد يحدث تحركاً بسيطاً للمادة نفسها، وهو ما يعرف بـ(الفيلر المهاجر)، وأفضل البدائل الحديثة هو استخدام مواد محفزة للخلايا المنتجة للكولاجين نفسها لإعادة شد الجلد، وهو ما يعرف بمحفزات الكولاجين مثل السالمون وفيلر الكالسيوم، وهناك بعض المناطق التي لا يمكن الاستغناء عن حقن الفيلر بها مثل الشفاه وتحت العين وخط الابتسامة». خيبة أمل كبرى عن التداعيات النفسية في حال فشل الإجراء التجميلي، أكد استشاري الصحة النفسية المساعد الدكتور ياسر الغامدي في حديثه لـ«عكاظ»، أن الشخص يمر بمرحلة من خيبة الأمل وعدم الرضا عن مظهره، خصوصاً إذا كانت توقعاته عالية، وقد يشعر بالحزن والاكتئاب نتيجة الإحساس بأن الجهد والمال لم يحققا النتيجة المرجوة، فهذا الشعور يمكن أن ينعكس على الثقة بالنفس، فيبدأ في رؤية نفسه بشكل سلبي أو المبالغة في التركيز على العيوب، وفي بعض الحالات قد يكون لديهم قلق مستمر من نظرات الآخرين أو تعليقاتهم، ما يدفعهم إلى الانعزال الاجتماعي أو تجنّب الظهور، وقد يشعر بالندم والرغبة في تصحيح الإجراء بسرعة، ما يزيد الضغط النفسي، وإذا كان الشخص يعاني مسبقاً من حساسية مفرطة تجاه مظهره أو ضعف في تقدير الذات. هل نطلق عليه «مريض»؟ عن الصعيد القانوني في حال حدوث مضاعفات أو أضرار نتيجة حقن الفيلر ومن يتحمل المسؤولية القانونية، أوضح المحامي والمستشار القانوني هشام حنبولي أنه «إذا تسببت العملية في الإضرار بالمريض (ونسميه مريضاً وقد لا يكون مريضاً؛ لأن الكثير من الناس يجري العملية دون سبب طبي)، ففي هذه الحالة، فإن المتسبب في الخطأ والضرر يتحمل نتيجة الخطأ وتعويض الضرر؛ لأن القاعدة العامة هي أن كل شخص مسؤول عن تقصيره وإهماله وأخطائه، وأن كل خطأ سبب ضرراً للغير يُلزم من ارتكبه بالتعويض»، وبناءً عليه، فإن الجراح إذا أخطأ أو أهمل في عمله، فإنه يكون مسؤولاً عن خطئه وإهماله، وكقاعدة عامة أيضاً لا يكون الشخص مسؤولاً إذا ثبت أن الضرر قد نشأ عن سبب لا يد له فيه، كقوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المتضرر بنفسه في تنفيذ التعليمات الطبية أو في استخدام أو عدم استخدام العلاج، فإذا ثبت أن المتسبب هو الجراح كان هو الذي يتحمل التعويض، وإذا ثبت أن الخطأ من جانب المنشأة الصحية بالكامل أو بالمشاركة مع الجراح فيتحملان المسؤولية والتعويض تضامنياً فيما بينهما. وتلزم الأنظمة الطبيب بتنبيه المريض أو ذويه إلى ضرورة اتباع ما يحدده لهم من تعليمات وتحذيرهم من خطورة النتائج التي قد تترتب على عدم مراعاتها بعد شرح الوضع العلاجي، أو الجراحي وآثاره، ثم يكون بعد ذلك على الجراح الالتزام ببذل عناية ومستوى يقظة تتفق مع الأصول العلمية المتعارف عليها والمتبعة في كل حالة. متى يسقط الحق في التعويض؟ المحامي هشام حنبولي يعرّف لـ«عكاظ» الخطأ الطبي قائلاً: بأنه هو «الإخلال من طرف الطبيب أو الجراح بواجباته المهنية نتيجة عدم اهتمام أو إهمال، أو عدم بذل العناية اللازمة، أو نقص الخبرة في العمل الذي يقوم به، أو التصدي لعملية هو غير مؤهل أو غير مرخص له بإجرائها، أو عدم اتباع الأصول الطبية والمهنية والإجراءات المتبعة في المجال، كما قد تترتب مسؤوليته في حالات مثل الخطأ في التشخيص ووصف العلاج والخطأ في إجراء العملية، أو استخدام مواد للفيلر غير آمنة أو غير مناسبة للحالة المعنية وغيرها من الأخطاء». ويعتبر الخطأ الطبي أحد أركان المسؤولية الطبية في الجراحة التجميلية، ويستحق التعويض إذا ثبت الخطأ ووقع الضرر، وتحقق وجود السببية بأن ثبت أن الضرر كان بسبب الخطأ. وفي جراحة التجميل، خصوصاً عمليات الفيلر، يشترط أن يكون الجراح مؤهلاً لإجرائها، وله الدراية والكفاءة في استخدام التقنية، واشتراط مراعاة التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها، وضرورة شرح كل ذلك للمريض قبل إجراء العملية. وفي الخطأ الطبي عموماً، وفي الجراحة التجميلية على وجه الخصوص، فإن إثبات خطأ الجراح قد يكون بإثبات وقوع الضرر من العملية وعندها ينقلب عبء الإثبات إلى الجراح لإثبات أنه اتبع الأسس والأصول الطبية والمهنية السليمة، وأدى العمل وأجرى العملية التجميلية بكل الحيطة والحذر والعناية المطلولة مهنياً. وتتمثل مسؤولية الطبيب عن عمليات التجميل الخاطئة في تحمل العواقب القانونية عند وقوع تقصير أو إهمال منه قبل أو أثناء أو بعد الجراحة، سواء كان ذلك بسبب عدم بذل العناية الواجبة أو عدم استخدام مواد مناسبة ومعتمدة أو الخطأ في توجيه الإرشادات الطبية الصحيحة للمريض، ولا يعفيه رضا المريض عن العملية من هذه المسؤولية، مع ضرورة ثبوت وقوع خطأ طبي واضح في حالة فشل العملية في تحقيق النتيجة المتوقعة، حيث ينص النظام على عدم جواز إعفاء الطبيب أو الجراح من المسؤولية، ويقع باطلاً كل شرط يتضمن تحديد أو إعفاء الممارس الصحي من المسؤولية، ولكن إذا اشترك المتضرر بخطئه في إحداث الضرر أو تسبب في زيادة الضرر، سقط حقه أو بعض حقه في التعويض، وذلك بنسبة اشتراكه فيه. أخبار ذات صلة