في الآونة الأخيرة، شهدت الساحة الإعلامية والسياسية تداولاً واسعاً لتصريحات وتغريدات تؤكد بأن السياسة السعودية تجاه حزب الله وسلاحه قد تغيّرت وحتماً أن هذه التغريدات الفردية لا تمثّل توجه المملكة العربية السعودية ولا تمثّل أي سياسي سعودي، وأن السياسة السعودية لا يُمثّلها سوى المسؤولين الرسميين المعتمدين من قبل الدولة. حيث إن السعودية دولة مؤسساتية عريقة في تنظيم عملها السياسي والدبلوماسي، حيث تتولى القيادة العليا للمملكة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، والوزارات المختصة وعلى رأسها وزارة الخارجية، رسم السياسة الخارجية والإقليمية بناءً على مصلحة المملكة العليا ومبادئها الثابتة. التصريحات الفردية التي قد يصدرها أشخاص لا تعبّر بالضرورة عن مواقف المملكة الرسمية. هذه الآراء الذاتية لا تعكس السياسات المعتمدة ولا الاتجاهات الرسمية التي تتبناها الدولة في التعامل مع مختلف القضايا، وخاصة الحسّاسة منها كملف حزب الله في لبنان. السياسة السعودية تجاه حزب الله وسلاحه واضحة وثابتة وتعتمد على المبادئ التي تم التأكيد عليها في اتفاق الطائف. فقد أشارت المملكة منذ بداية الأزمة اللبنانية إلى ضرورة التزام الدولة اللبنانية بسيادتها على كامل أراضيها، ورفض السياسات التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، بما في ذلك استخدام السلاح خارج إطار الدولة. اتفاق الطائف يُعتبر المرجعية الأساسية التي تؤكد ضرورة نزع سلاح المليشيات والالتزام بالدولة كونه الضامن الوحيد لسلطة القانون. وفي هذا السياق، توضح السياسة السعودية موقفها الثابت بضرورة احترام سيادة لبنان وعدم السماح لأي طرف بتحدي هذا المبدأ، مع التأكيد على دعم الحوار الوطني والنهج الرسمي اللبناني الذي يحترم هذا الاتفاق. يُضاف إلى ذلك أن بعض الإعلام اللبناني يركّز بشكل ملحوظ على هذه التصريحات والتغريدات، مما يسهم في زيادة الالتباس لدى الجمهور اللبناني ويخلق تصوّراً خاطئاً عن تحوّلات في الموقف السعودي. وهذا يفرض مسؤولية إضافية على الفاعلين الإعلاميين والسياسيين لتفكيك هذا الالتباس والتمييز بوضوح بين المواقف الرسمية والتصريحات الشخصية والتفاهم الصحيح لهذه الفروق يعزز من الثقة بين الشعبين اللبناني والسعودي ويؤكد حرص المملكة على استقرار لبنان وازدهاره دون أن يكون هناك أي تغيير في المبادئ التي تحكم سياساتها. إن الاعتقاد بأن مواقف شخصية لفرد معيّن، مهما كان مؤثراً، يمكنها أن تعبّر عن سياسة دولة، هو حكم خاطئ. السياسة السعودية تسير وفق خطة واضحة موحدة، وتُعلن عنها من خلال قنواتها الرسمية التي لا تحتمل اللبس أو التفسير الخاطئ. هذا الوضوح يعزز دور المملكة كركيزة أساسية للسلام والاستقرار في المنطقة، ويوضح أن الحديث عن السياسة السعودية يحتاج إلى العودة إلى مصادرها الرسمية وعدم الاكتفاء بالآراء والتصريحات الفردية التي قد تضفي بُعداً شخصياً لا يعبر عن حقيقة المواقف. أخبار ذات صلة