عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

في بعض الإدارات.. الولاء يُحاسَب والتقصير يُكافأ

تم النشر في: 

04 نوفمبر 2025, 3:54 مساءً

روى لي أحد الزملاء قصة تختصر وجع كثير من الموظفين في بيئات العمل.

بدأ حديثه بنبرةٍ يغلُب عليها التعب قائلاً:

“كنت أؤمن أن الإخلاص في العمل هو الطريق الأضمن للتقدير، وأن الجهد لا يضيع مهما تأخر الاعتراف به. دخلتُ المجال بروح عالية، أقدّم أكثر مما يُطلب، وأحرص على الانضباط في الحضور، وأحمل طموحًا لا يعرف الكلل. لكن ما واجهته كان مختلفًا تمامًا.”

سكت قليلاً، ثم قال بمرارة:

“في بعض الإدارات يا صديقي، الولاء يُحاسَب، والتقصير يُكافأ.”

يحكي أنه كان يشرف على أحد الموظفين الذين تكررت منهم حالات الغياب وضعف الأداء. حاول معه بالنصح والتحفيز أكثر من مرة، لكن دون جدوى. وبعد استنفاد كل الوسائل، رفع تقريرًا رسميًا التزامًا بمسؤوليته المهنية.

مرت الشهور، ليفاجأ بأن ذلك الموظف أصبح في موقع إشرافي أعلى، وأنه اليوم أحد أصحاب القرار في القسم نفسه.

يقول: “حينها فقط أدركت أن بعض الإدارات لا تُكافئ الكفاءة، بل تكافئ العلاقات. وحين يُستبدل مبدأ الجدارة بمبدأ القرب والمجاملة، يبدأ الانحدار الحقيقي.”

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.

فبعد أن أصبح ذلك الموظف مسؤولًا، بدأ باستخدام موقعه الجديد لتصفية الحسابات، فصار يبحث عن الأخطاء الصغيرة، ويُطلق التهديدات، ويزرع الخوف بدل التحفيز.

تحولت بيئة العمل إلى مجموعات وتحزّبات داخلية تُدار وفق الولاءات، حتى بدت أشبه بما يمكن وصفه بـ “المافيا الإدارية”؛ تكتلاتٌ صغيرة تُقصي الكفاءات وتُلمّع المقربين.

ورغم ذلك، لا يزال هو ذاته يتأخر عن الحضور، ويتصدر إنجازات غيره وينسبها لنفسه دون استحقاق.

هذه المفارقات ليست مجرد قصص فردية، بل مؤشرات على خلل أعمق في مفهوم العدالة الإدارية.

حين تُدار المؤسسات بالعلاقات لا بالكفاءات، يتحول الإخلاص إلى عبء، والانضباط إلى نقطة ضعف.

وحين يُحاسَب المخلص ويُكافأ المتقاعس، تفقد المؤسسة بوصلتها، ويختفي الحافز من قلوب موظفيها.

الإدارة ليست سلطة ولا موقعًا وظيفيًا، بل هي مسؤولية وعدل وأمانة.

الموظف الذي يشعر بالإنصاف يُبدع، والذي يجد التقدير يضاعف عطاؤه.

أما حين يغيب العدل، فلا تسأل عن الإنتاجية ولا عن الولاء، لأن كليهما يموتان بصمت.

اختتم صاحبي حديثه بابتسامةٍ يملؤها الأسى وقال:

“جئت أبحث عن التقدير، وعدت أبحث عن كرامتي.”

كلمة تختصر وجعًا صامتًا في كثير من البيئات، ورسالةٌ واضحة لكل إدارة نسيت أن العدالة ليست شعارًا تنظيميًا، بل ركنٌ من أركان البقاء المؤسسي.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا