تم النشر في: 11 نوفمبر 2025, 3:54 صباحاً في السنوات الأخيرة، أصبح فيتامين D جزءًا أساسيًا من نمط الحياة الصحية لدى كثيرين، خصوصًا مع تزايد الوعي بدوره في دعم المناعة وتقوية العظام والوقاية من العديد من الأمراض. غير أن الإفراط في تناوله دون استشارة طبية قد يحوّل هذا الفيتامين المفيد إلى خطر صامت يهدد صحة الإنسان. تحذر الدكتورة يلينا أليكسنتسيفا، أخصائية أمراض الباطنية وطب الأطفال، من أن تجاوز مستوى فيتامين D في الدم حاجز 150 نانوغرام/مل يعد مؤشراً خطيراً، إذ يؤدي إلى تراكم الكالسيوم في الدم، وترسبه في عضلة القلب وجدران الأمعاء والمعدة، الأمر الذي قد يتسبب بمضاعفات صحية بالغة الخطورة. وتوضح الطبيبة أن الجرعات الزائدة من فيتامين D تُحدث تأثيراً ساماً على أغشية الخلايا وعمليات الأيض داخل الجسم، لأنها تزيد من امتصاص الكالسيوم إلى حد يفوق حاجة الجسم الطبيعية، ما يؤدي إلى حالة تُعرف بفرط كالسيوم الدم. وتتمثل أعراض هذه الحالة في اضطرابات هضمية ودوخة وضعف عام وارتباك ذهني، وقد تتطور في بعض الحالات إلى تلف في الكلى وفقدان كتلة العظام وضعف في نشاط فيتامين K2. وتؤكد أليكسنتسيفا أن هذه المخاطر لا تنجم عن التعرض لأشعة الشمس أو تناول الأطعمة الغنية بفيتامين D، بل غالباً ما تنتج عن الإفراط في تناول المكملات الغذائية أو الأدوية التي تحتوي عليه. وتزداد الخطورة لدى الأطفال الذين يتناولون مكملات زيت السمك للوقاية من الكساح دون رقابة طبية دقيقة، ما يعرضهم لتسمم الفيتامين. وعلى الرغم من هذه التحذيرات، تشدد الطبيبة على أن فيتامين D يظل عنصراً حيوياً لصحة الجسم عند تناوله بالجرعات الصحيحة، فهو يعزز حساسية مستقبلات الأنسولين ويساهم في تنظيم مستويات السكر في الدم، كما يدعم تقوية العظام والأنسجة عبر تحسين امتصاص الكالسيوم والفوسفور. وإلى جانب ذلك، يشارك فيتامين D في تخليق الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون والإستروجين والبروجسترون، ما ينعكس إيجاباً على الوظيفة الإنجابية، فضلاً عن دوره في تعزيز المناعة والوقاية من الأورام والاكتئاب ومرض باركنسون. وتوصي أليكسنتسيفا بضرورة مراقبة مستويات الفيتامين في الدم لدى الفئات الأكثر عرضة لنقصه، ومنهم كبار السن فوق 65 عاماً، والمصابون بالكساح أو هشاشة العظام، والأشخاص الذين يعانون من النحافة أو قلة التعرض لأشعة الشمس، إضافة إلى مرضى الكبد والكلى ومتلازمة سوء الامتصاص، والمصابين بأمراض المناعة الذاتية أو اضطرابات الغدة جار الدرقية. كما تشير الطبيبة إلى أن بعض الحالات المرضية مثل السمنة والأورام اللمفاوية والأمراض الحبيبية قد تعيق امتصاص فيتامين D، ما يستلزم متابعة طبية دقيقة لتحديد الجرعات المناسبة وضمان الحصول على فوائده دون التعرض لمضاعفاته. وفي ختام حديثها، تؤكد أليكسنتسيفا أن الاعتدال هو الأساس، فبينما يشكل فيتامين D أحد أهم الفيتامينات الداعمة للصحة العامة، فإن الإفراط في تناوله دون رقابة طبية قد يحوله إلى خطر صامت يهدد القلب والكلى والعظام. لذا، يبقى الفحص الدوري واستشارة الطبيب قبل تناول أي مكملات غذائية الخطوة الأهم نحو الاستفادة الآمنة من هذا الفيتامين الحيوي.