الشق الشفوي -شفة الأرنب- وانشقاق سقف الحلق من أكثر التشوهات الخلقية شيوعًا التي تصيب منطقة الوجه والفم، وتحدث نتيجة عدم اكتمال اندماج أنسجة الوجه في أثناء المراحل المبكرة من نمو الجنين. ورغم تطور الخيارات العلاجية الجراحية والتأهيلية، تبقى الوقاية خلال فترة الحمل عاملًا أساسيًا للحد من هذه الحالات. شفة الأرنب -الشق الشفوي- وانشقاق سقف الحلق: شفة الأرنب وانشقاق سقف الحلق هما تشوهان في الوجه والفم يحدثان مبكرًا جدًا في أثناء الحمل، عندما يكون الجنين في مرحلة التطور داخل الرحم. ينتج هذان التشوهان من عدم كفاية أنسجة الفم أو الشفة وعدم التحامها بشكل صحيح. شفة الأرنب -الشق الشفوي- هي انقسام فعلي أو انفصال بين جانبي الشفة العليا، ويظهر فتحةً أو فجوة ضيقة في جلد الشفة العليا. غالبًا ما يمتد هذا الانفصال إلى ما بعد قاعدة الأنف ويشمل عظام الفك العلوي أو اللثة العليا. أما انشقاق سقف الحلق فهو شق أو فتحة في سقف الفم. قد يشمل هذا الانشقاق الحنك الصلب -الجزء الأمامي العظمي من سقف الفم- أو الحنك الرخو -الجزء الخلفي اللين من سقف الفم. قد يحدث الشق الشفوي أو انشقاق سقف الحلق في جانب واحد من الفم أو كليهما. ونظرًا إلى أن الشفة وسقف الحلق يتطوران منفصلين، قد يصاب الطفل بإحدى الحالتين دون الأخرى، أو كلا الحالتين معًا. في الولايات المتحدة، يولد 1 من كل 2800 طفل بشفة أرنب، و1 من كل 1600 طفل بكلا التشوهين معًا. تزداد نسبة حدوث هذه التشوهات لدى أطفال المنحدرين من أصول آسيوية، سكان جزر المحيط الهادئ، أو لاتينية أو أمريكية أصلية، مقارنةً بالأعراق الأخرى. يؤثر الشق الشفوي -مع أو دون انشقاق سقف الحلق- في ضعف عدد الذكور مقارنةً بالإناث، أما انشقاق سقف الحلق فأكثر شيوعًا لدى الإناث. هل شفة الأرنب حالة وراثية؟ يعتقد العلماء أن مزيجًا من العوامل الوراثية والبيئية يسبب حدوث شفة الأرنب وانشقاق سقف الحلق. يزداد احتمال إصابة المولود بهذه التشوهات إذا كان أحد الوالدين أو الأخوة مصابًا بها، لكن معظم الأطفال المصابين ليس لديهم أقارب يعانون الحالة. قد يكون الشق الشفوي وانشقاق سقف الحلق جزءًا من متلازمات وراثية مثل متلازمة ستيكلر ومتلازمة دي جورج، إذ يعاني الأطفال المصابون بهذه المتلازمات تشوهات أخرى في الوجه والجسم. قد يرث بعض الأطفال جينًا يزيد احتمالية إصابتهم بهذه التشوهات، وقد تؤدي عوامل بيئية مثل التعرض لمواد كيميائية معينة في أثناء الحمل إلى حدوثها. أسباب الشق الشفوي وانشقاق سقف الحلق: غالبًا يكون سبب التشوهات غير معروف، ولا تمكن الوقاية منها. يعتقد معظم العلماء أنها ناتجة من تفاعل بين العوامل الوراثية والبيئية. تزداد احتمالية إصابة المولود حال وجود تاريخ عائلي للمشكلة. قد ترتبط بعض الحالات بتناول الأم أدوية معينة في أثناء الحمل: الأدوية المضادة للصرع أدوية حب الشباب المحتوية على آكيوتان (أيزوتريتينوين) الميثوتريكسات -دواء يستخدم لعلاج السرطان والتهاب المفاصل والصدفية. قد يحدث التشوه بسبب تعرض الجنين لفيروسات أو مواد كيميائية في أثناء نموه في الرحم. في حالات أخرى، قد يكون جزءًا من حالة طبية أخرى. أعراض انشقاق سقف الحلق والشفة الأرنبية: قد يواجه الأطفال المصابون بانشقاق سقف الحلق صعوبة في الرضاعة طبيعية أو صناعية بسبب عدم اكتمال سقف الفم، وقد يخرج الطعام أو السائل من الأنف في أثناء الأكل. من الأعراض الأخرى المصاحبة: تأخر الكلام أو صعوبات في النطق التهابات الأذن فقدان السمع أسنان مفقودة أو ملتوية أو صغيرة عدم انتظام اصطفاف الأسنان والفكين. تشخيص الشق الشفوي وسقف الحلق: يمكن أحيانًا رصد الشق الشفوي مع أو دون انشقاق سقف الحلق بفحص الموجات فوق الصوتية في أثناء الحمل. يُؤكَّد التشخيص بعد الولادة بالفحص السريري، لكن قد لا يُلاحظ الشق الصغير إلا عند ظهور صعوبات في الرضاعة، أو لاحقًا في مراحل النمو. الموجات فوق الصوتية أثناء الحمل: يُجرى هذا الفحص عادةً مرتين في أثناء الحمل، مرة في الثلث الأول، وأخرى قرابة الأسبوع 18-20. يمكن للطبيب رصد تشوهات هيكل وجه الجنين بين الأسبوعين 11 و13، لكن تصبح الشقوق أوضح مع تطور الجنين. غالبًا ما يُظهر الفحص الشق الشفوي وحده أو مع انشقاق سقف الحلق بحلول الأسبوع 16. قد لا يظهر الانشقاق الجزئي للشفاه أو انشقاق سقف الحلق وحده. إذا أشار الفحص إلى وجود تشوه، قد يأخذ الطبيب عينة من السائل الأمنيوسي لفحص اضطرابات جينية أخرى. التشخيص بعد الولادة بفحص الفم والأنف وسقف الحلق أدق، وقد تُجرى فحوصات إضافية للكشف عن تشوهات أخرى. علاج الشق الشفوي وانشقاق سقف الحلق: يهدف علاج الشق الشفوي وانشقاق سقف الحلق إلى تحسين قدرة الطفل على الأكل والنطق. يعتمد العلاج أساسًا على الجراحة، مع تدخلات إضافية لعلاج المضاعفات المرتبطة بهذه الحالات. جراحة الشق الشفوي: تُغلَق الفتحة في الشفة بواسطة جراحة واحدة أو اثنتين حسب حجم الشق. تُجرى العملية خلال 3-6 أشهر من عمر الطفل تحت التخدير العام. جراحة انشقاق سقف الحلق: تُجرى في السنة الأولى من العمر، إذ يُغلَق الشق ويعاد بناء سقف الحلق. قد تُزرع أنابيب صغيرة في الأذن لتصريف السوائل والوقاية من فقدان السمع. يحتاج بعض الأطفال إلى زراعة عظم بين 6-10 سنوات لدعم الأسنان والفك. الوقاية: لا يمكن منع حدوث الشق الشفوي وانشقاق سقف الحلق، ولكن يمكن تقليل المخاطر. يُنصح أن تتناول النساء فيتامينات متعددة تحتوي على 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يوميًا في الأشهر التي تسبق الحمل. مع زيادة جرعة حمض الفوليك إلى 600 ميكروغرام يوميًا في أثناء الحمل. كما يُمنع على الحامل شرب الكحول أو التدخين. اقرأ أيضًا: السرطان الغدي: الأسباب والعلاج المعدة البطيخية: مرض نادر يسبب نزيفًا في بطانة المعدة ترجمة: مايا نور الدين تدقيق: أكرم محيي الدين المصدر