الارشيف / عقارات / متر مربع

ربنا يبارك لك يامحمد الشرقاوي : ذكرت الأجيال الناسية بالأستاد محسن محمد

أحسن الزميل محمد الشرقاوي نائب رئيس تحرير الجمهورية ، بنشر هذا المقال علي الفيس بوك ..

المقال عن الأستاذ محسن محمد الصحفي العبقري الذي إحيا صحيفة الجمهورية وهي رميم ، وقدم نموذج للصحفي الشريف الذي لم يأخذ من دنياه غير ماقدمت يداه : جيل من الصحفيين الذي خدم في بلاط صاحبة الجلالة . منهم من أحسن صنعا . ومنهم من لم يوفقه الله الي الطريق ..

 

أستاذ الإبداع الصحفى
الذي مرت ذكراه.. بصمت !!!

محمد الشرقاوي

اليوم .. ذكرى وفاة أحد أهم أعلام الصحافة المصرية في التاريخ المعاصر.. مرت 12 سنة في صمت ملحوظ .. لم يتذكره كثيرمن تلاميذه ومحبوه من قراء الجمهورية..فقد شغلتنا جميعاً متاعب الحياة اليومية ..وتدهور أحوال الصحافة الورقية لأسباب كثيرة بينها الهجوم الكاسح للسوشيل ميديا في زمن صحافة (الأون لاين) والـ (سمارت فون ) أخطر وأهم وسائل الإتصال الجماهيري الذي نقل المعلومات والاخبار والصور والافلام وكل شيئ الى أيدي الجميع بسهولة مدهشة

اليوم أتذكر بمزيد من العرفان والتقدير الكاتب المبدع الأستاذ محسن محمد الذى عاش حياة حافلة إمتدت 84 عاما (13يناير 1928 – 24 مارس 2012 )

..كان بمظهره البسيط الذى يبتعد كثيراً عن أناقة المنصب .. وبجسده الضخم ( وبنطلونه الجينز الواسع)ونظارة القراءة التى لاتخفى نظرته الحادة.. له حضور طاغ فى أي مكان يحل فيه ..عبارته السلسة التى كان يكتب بها مقالاته ويسرد بها أحداثاً تاريخية هى نفسها التى تميز صوته وهو يتحدث فى الإذاعة والتليفزيون ..

 

وهي نفسها التى كان يتحدث بها مع المحررين عندما كان يلتقى بهم فى مكاتبهم أو أثناء سيره فى طرقات المبنى القديم لدار التحرير والذي كانت الجمهورية تحتل فيه دوراً واحداً ..كان ذهنه حاضراً باستمرار .. ومشغولاً طول الوقت بالأفكار الجديدة ومعالجة الأحداث التى تهم قراء الجريدة التى صارت فى المقدمة بافكاره التى كانت تسبق عصره .. والتى قلدها كثيرون وصارت (خلطة) الأستاذ محسن الصحفية سر النجاح لأية صحيفة تريد التفوق .. وهى الخلطة التى تعتمد على الاقتراب من البسطاء ونشر الخدمات التى تهمهم ونشرأخبارهم و صورهم فى الصفحة الأولى ..

كان يؤمن بأن القيمة الحقيقية للجريدة هى فى مقدار تأثيرها فى مجتمعها ..ومدى قدرتها على أن تكون مرآة لهذا المجتمع لدى أكبرقدر ممكن من المواطنين ..أى أن إنتشار الجريدة هو الذى يحدد مكانها ومكانتها فى السوق بين الصحف الأخرى ..ومازالت هذه المعايير أساس نجاح الصحف مع إضافة السوشيل ميديا إلى قاعدة الانتشار الجماهير وهو التطور الذى فرضه العصر الذى لم يعشه أستاذنا الكبير وكان سيراعيه بكل تأكيد قبل أى صحفى آخر بروحه المتطلعة الى السبق والنجاح فى مهنة يحبها بشكل جنونى

 

فى كتابه (أقوال غير مأثورة ) كثير من الامثال والحكم التى تلخص فلسفته فى الحياة كلها ..مثلا يقول: ان قائد العمل الناجح هو الذى يجلس فى مكانه والجميع يدورون حوله بأفكاره وتعليماته.. وقد كان هذا أسلوبه .. كان يجيد اختيار الشخص الذى يرى أنه يستطيع القيام بهذا العمل أو ذاك .. وكان تقديره دائماً صائباً وكان يرى أن أهم نقطة فى نجاح الصحيفة هى القارئ .. والمحرر الذى لايعرف تفكير قارئه هو عازف يقدم قطعه موسيقية لشخص أصم..

 

وفي رأيه أن السيمفونية الرائعه .. يضعها مجموعة كبيرة من العازفين يعزفون وراء موسيقار استطاع أن يحدد بدقة دور كل واحد فى سيمفونية وضع فيها عصارة فكره ومشاعره أيضا .. والصحيفة الناجحة هى تلك السيمفونية الرائعة .. والصحيفة التى تسعى الى النجاح تجرى كل عدة شهور دراسات عن مضمونها وطبيعة قرائها ومن خلال هذه الدراسات تعالج أوجه القصور وتسد النقص اذا كشفت الدراسات عن وجوده وبهذا تبقى متجدده دائماً ولا تحتفظ بقارئها فقط بل تكتسب كل يوم قارئاً جديداً

كان محسن محمد يفخر دائماً بأنه تلميذ لعملاقى الصحافة #مصطفى_وعلى_أمين .. وجاء من المؤسسة التى أنشأها العملاقان وهي #أخبار_اليوم معتمداً على خبرته فيها ليؤسس فى الجمهورية مدرسة صحفية مختلفة ومتميزة.. وكان كثيراً ما يذكر فى لقاءاته بالصحفيين أن الاستاذ مصطفى أمين أشاد بموضوع فلان وموضوع فلان .. وكان سعيداً بأن مصطفى أمين يتابع نجاحه فى الجمهورية أولاً باول.. يحضر للجريدة في الساعة السابعة والنصف صباحا ومعه ورقة بالموضوعات الرئيسية التى ستتم معالجتها فى عدد اليوم من الجمهورية .. ويأتى إلى (#الديسك) فى الخامسة مساء ليرى (ماكيت) الصفحات ويحدد الشكل الذى تصدر به الجمهورية غداً

 

ذات يوم أرسل لي نسخة من مجلة #نيوزويك مفتوحة على صفحة رقم 26 وبقلمه الأحمر وضع دائرة على كلام #الصور فى الصفحة .. وكتب فى طرف الصفحة عدة كلمات مازلت أحفظها حتى اليوم هى: فى هذه الصورة درس فى الصحافة .. اكتشفه بنفسك لمناقشتى فيه.. وظللت طوال اليوم أترجم الصفحة كلها وأسأل زملائى فى القسم الخارجى عن كل الإحتمالات الممكن معرفتها قبل أن أدخل مكتبه .. وكذلك كان يفعل مع الكثيرين ..

 

وكان يسعد بكل من يهتم بالتعلم والإبتكار .. ابتسم وأنا أشرح له الدرس الذي فهمته وكنت أدور حول فكرة أنهم في النيوزويك يكتبون كلمات قليلة تحت الصورة لشرحها .. فهز رأسه متبسماً فقلت له : وأيضاً يختارون الصورة المعبرة عن الموضوع .. ولما استمرت ابتسامته قلت : أيضا الصورة ليست من الأرشيف بل التقطها مصور المجلة .. أعتدل في جلسته ومال بصدره على مكتبه الذي تتزاحم عليه #الصحف والمجلات العالمية وأوراق مبعثرة وتماثيل وطفايات سجائر غريبة الشكل وقال أن الدرس الذي أردتك أن تعرفه هو: كيف يختار الإنجليز الصورة المعبرة.. وكيف تشرح كلماتها القليلة معلومات تضيف إلى الموضوع معلومات للقارئ

في عام١٩٨٦ أصدر قراراً بتشكيل #مجلس_تحرير جريدةالجمهورية برئاسته .. علي أن ينوب عنه الأستاذ محمد الحيوان.. وكنت عضواً بمجلس تحرير العدد الأسبوعي ‎ .. ووجدت نفسي بين كبار الصحفيين وكنت أصغرهم سناً .. إلى جانب الأساتذة : محمد الحيوان ومحيي الدين الدجوي وعبد الله نصار ومحمود معروف ومحمد أبو الحديد وناصف سليم

فى نوفمبر 1986 نشر الدكتور الحسينى الديب فى مكتبة الانجلو المصرية كتابه الفريد بعنوان ( #إدارة_الصحف .. دراسة نظرية وتطبيقية )وفيه يؤرخ بدقة للنجاح الذى حققه الاستاذ محسن فى مؤسسة دار التحرير .. التى كانت المؤسسة الصحفية الوحيدة التى أنشأتها ثورة 23 يوليو 1952..

 

وهى أيضا المؤسسة الوحيدة في بلدنا التى تصدر صحفها بلغات ثلاث ( العربية والانجليزية والفرنسية ) فضلا عن أنها المؤسسة التى توالى على رئاسة مجلس إداراتها منذ إنشائها سنة 1952وحتى صدور الكتاب عشرة من الرجال الكبار منهم 6عسكريين ابتداء من مؤسسها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتعيين الرئيس الراحل انور السادات مديرا مسئولا بكافة الاختصاصات لادارتها وحتى محسن محمد الذى تفرغ 9سنوات لرئاسة تحرير الجمهورية وفوض فيهاالأستاذ عبد الحميد حمروش جميع اختصاصات رئيس مجلس الإدارة المالية والادارية..

 

ومنح الجمهورية اهتمامه كله فجعل منها صحيفة خدمات معتبراً أن العنصر الأساسى فى زيادة التوزيع هو المادة التحريرية وطريقة عرضها وأسلوب تقديمها للقارئ حيث اختار المادة التحريرية التى تستحوز على إهتمامات القراء وأدخل عديداً من الأبواب الجديدة فأحدث معجزة لامثيل لها فى الصحافة المصرية فقد قفز معدل التوزيع من حوالى 70 ألف نسخة سنه 1975 الى حوالى 378 الف نسخة سنة 1983 بزيادة نسبتها 439%

حين تولى رئاسة تحرير الجمهورية .. كان أمامه حل من اثنين لكى يقفز بتوزيعها .. إما أن يستعين بأسماء مشهورة لكى تكتب فيها لجذب القراء الجدد.. وإما أن يستعين بالإمكانيات المتاحة ويبتكر أفكاراً جديدة وجريئة .. ويوظف امكانيات كل محرر. .واختار الحل الثانى حيث قرر أن يضاعف المادة التحريرية المقدمة للقارئ مع تثبيت عدد الصفحات ..

 

من خلال الاختصار فكل الموضوعات الصحفية يمكن اختصارها .. والأخبار والموضوعات يمكن اختصارها إلى أقصى ما يمكن بما لا يخل بالمعنى.. أى الاهتمام بالمحتوى الجيد فى كلمات دقيقة وهى الفكرة التى قامت عليها السوشيل ميديا فيما بعد وخاصة التويتر.. كان يتابع #رسائل_القراء بنفسه والباب الذى كان لا يجد إقبالاً من القراء يلغيه ..ويعطى اهتماماً أكبر للباب الذى يرتفع حجم رسائل القراء الخاصة به.. وحين كان يجد #فكرة جيدة فى صحيفة أجنبية يطورها ويضيفها للجمهورية .. وفى فترة وجيزة من عمر الصحيفة قفز بتوزيع الجمهورية

 

كتب محسن محمد فى عموده اليومى (من القلب ) تحت عنوان كشف حساب :لقد نجحت الجمهورية بفضل مائتين من الشبان خريجي الجامعات كان اختيارى لهم على أساس إضافة دم جديد فهم يمثلون مختلف محافظات إيماناً بمبدأ أن يحملوا إلى هذه الصحيفة أمل ومشكلات مصر كلها وفى نفس الوقت استعنت بكل قدامى العاملين فى هذه الصحيفة ولم أستعن بأحد من الصحف الأخرى.

كاتبنا الكبير حاصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزيةمن جامعة الاسكندرية وعلى الماجستير فى العلوم الاجتماعية .. بدأ عمله الصحفى عام 1949 فى مؤسسة “أخبار اليوم “، ثم أصبح مديراً لمكتبها بالإسكندرية، وانتقل بعد ذلك للعمل بوكالة أنباء الشرق الأوسط ، انضم إلي أسرة تحرير الجمهورية سنة

1959
عين نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار 64-1975 وأشرف علي باب بريد القراء بها.
ثم انتقل الى الجمهورية رئيساً لتحريرها (75-1977) ورئيسا لمجلس الإدارة ورئيس تحرير ( 77-1984)ورئيسا لمجلس الإدارة فقط ( من 84-1989)

كتب عموده اليومي علي الصفحة الأخيرة للجمهورية بعنوان “من القلب” ومقالاً بعدد الخميس بعنوان “المشي فوق الأشواك.. ومقالا علي الصفحة الأخيرة لمجلة آخر ساعة تحت عنوان “مسافر بلا خيال”.
حصل علي وسام الاستحقاق من الرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 84
كتب في جريدة “المساء” مقالاً يومياً بعنوان “من القلب” ابتداً من الأول من يناير 1997
قدم للمكتبة العربية أكثر من 20 كتابا معظمها في التاريخ والصحافة والسياسة

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا