الارشيف / عقارات / متر مربع

عبد الفتاح الجبالي يقرأ في موازنة ٢٠٢٤/٢٠٢٥

عبدالفتــــــــــاح الجبــــــــالــى
قراءة فى موازنة 2024/2025 «2»

«يعتبر إصلاح هيكل المصروفات العامة ركيزة أساسية للإصلاح الإقتصادى والمالى لضمان تحقيق المستهدفات المالية، خاصة خفض الدين العام فى المدى المتوسط وإيجاد مساحة مالية تسمح بزيادة الإنفاق على البرامج الاجتماعية، التى تستهدف الفئات الأولى بالرعاية وبرامج التنمية البشرية، خاصة الصحة والتعليم» .

 

بهذه العبارة أوضح البيان المالى لمشروع الموازنة أهداف الإنفاق العام وأهميته فى ضوء الدور الذى يلعبه فى التأثير على الطلب الكلى واستخدام الموارد الإقتصادية للمجتمع أو فى تحقيق العدالة الإجتماعية،

 

وتزداد أهمية الإدارة السليمة للمالية العامة مع ارتفاع مستويات الدين العام وزيادة المخاطر التى تتعرض لها.فمن المعروف أن نجاح السياسة المالية يتوقف على الموارد المتاحة من جهة والكيفية التى يتم بها استخدام هذه الموارد من جهة أخرى. وهذا التوجه يختلف كثيرا عن التصريحات السابقة لبعض المسئولين والتى مفادها «أن أى إصلاح اقتصادى لابد ان يبدأ بترشيد الإنفاق العام، حيث تؤدى زيادة المصروفات العامة إلى خسائر فادحة فى الموازنة وتترتب عليها زيادة الدين العام» على حد زعم هؤلاء،

 

وهى ذات نظرة صندوق النقد الدولي. فمع تسليمنا الكامل بأن عجز الموازنة وزيادته عاما بعد آخر يؤدى إلى صعوبة استدامة المالية العامة وتآكل الحيز المالى وصعوبة الاستثمار ومن ثم زعزعة الإستقرار الإقتصادى، فإن ذلك يتطلب معرفة مصادر العجز وأوجه الخلل فى الموازنة وليس فقط خفض الإنفاق العام. كما أن تحديد خطورة العجز من عدمه يرتبط بالحالة الإقتصادية للبلاد، سواء فى الأجل القصير والمتوسط أو الطويل.

 

من هنا تناقش فكرة تحديد الحجم الأمثل للإنفاق العام الذى يحقق الأهداف المنوطة به، وهو ما يتوقف على طبيعة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية السائدة. الأمر الذى يتيح للمجتمع تحديد كيفية إنفاق الموارد المحدودة بأكبر قدر من الكفاءة والفاعلية فى المجالات التى تحتاج إلى التدخل العام.

 

من هذا المنطلق تناقش فكرة تحسين كفاءة وفعالية الإنفاق العام، وهو ما يتطلب تحديدا دقيقا للمجالات التى يجب أن يكون للحكومة دور واسع فيها، وتلك التى ينبغى ألا يكون لها فيها دور على الإطلاق.

 

وبعبارة أخرى يصبح التساؤل المطروح هل المطلوب خفض الإنفاق العام أم ضبطه؟ وسبب هذا التساؤل يرجع إلى ما يحدث فى السياسة المالية خلال الفترة الماضية، حيث نلحظ التراجع المستمر فى المصروفات العامة، إذ هبطت من 30.2% عام 2015/2016 إلى 21.5% ختام 2022/، ومتوقع 22.4% فى مشروع الموازنة الحالي.

 

كما شمل هذا التراجع جميع أبواب المصروفات، ماعدا الفوائد. يضاف إلى ذلك أن الختام الفعلى أصبح ومنذ 2006/2007 أقل من الموازنة المعتمدة،

 

وهو ما يبرز بشدة فى ختام 2022/2023، حيث تراجعت المصروفات المحققة إلى 2184.5 مليار جنيه مقابل موازنة معتمدة 2333.1 مليار، وكانت أهم أبواب التراجع فى الاستثمارات التى حققت 288.9 مليار فعليا مقابل 402.8 مليار فى الموازنة. كذلك باب شراء السلع والخدمات الذى تراجع من 143.9 مليار إلى 127.8 مليار، وكانت أهم بنود التراجع فى هذا الباب هو الصيانة. وتشير توقعات 2023/2024 إلى استمرار الوضع على ما هو عليه.

 

وقد أدى ذلك إلى تراجع معدل الإستثمار الكلى ليصبح 11.9% عام 2023/2024 و13 % متوقعا فى خطة 2024/2025، الأمر الذى أدى إلى تراجع النمو الإقتصادى إلى 2.9% عام 2023/2024 مقابل 3.8% عام 2022/2023، و6.6% عام 2021/2022. ولذلك كانت مساهمة الاستثمارات بالسالب فى معدل النمو، حيث بلغت سالب 3.7% عام 2022/2023، وسالب 0.7% عام 2023/2024. بسبب تقلص الإنفاق العام وعدم قيام القطاع الخاص بتنفيذ الإستثمارات المتوقعة منه.

 

وهى قضية محورية يجب مناقشتها فى ضوء التوجهات الإقتصادية الحالية بعد الإتفاق مع صندوق النقد الدولي. مع ملاحظة أن متوسط الإنفاق الحكومى كنسبة من الناتج يتراوح بين 40% للدول المتقدمة، و31% للدول متوسطة الدخل وآسيا، و32% لأمريكا اللاتينية.

 

ولذلك أشار مشروع الخطة عن العام المالى 2024/2025 إلى أن نصيب الفرد من رأس المال العام فى مازال متواضعا ولايرقى إلى المستوى المنشود لمواجهة متطلبات النمو السكانى السريع ومتطلبات المجتمع من خدمات المرافق العامة ولتحقيق التنمية الشاملة ومتطلبات تمويل الرعاية الصحية والتعليمية والتنمية الريفية المتكاملة.وبعبارة أخرى يجب التحول من الإنكماش المالى إلى الضبط المالى، وبالتالى يجب أن تسعى السياسة الإقتصادية عامة والمالية على وجه الخصوص إلى تحسين تخصيص الموارد ورفع الإنتاجية باعتبارهما عاملين أساسيين ضروريين للتنمية الإحتوائية الشاملة والحد من الفقر.

 

وهو ما يتم عن طريق التخطيط السليم للإنفاق العام خاصة فى مجالات التنمية البشرية كالصحة والتعليم والبنية الأساسية، ويعتمد بالأساس على توليفة وتركيبة الإنفاق العام. شريطة أن تكون على قدر عال من الإستجابة لاحتياجات المجتمع وتتلاءم مع الواقع الإقتصادى والإجتماعى المعيش. وذلك عن طريق خفض الإنفاق العام غير الضرورى مع الحفاظ على الإستثمارات العامة الداعمة للنمو ورفع كفاءتها بما يضمن تحسين جودة الخدمات العامة (الصحة والتعليم) وإتاحتها، جنبا إلى جنب مع عدم إهمال الصيانة،

 

ونقترح أن يتم ربطها بنسبة من الاستثمارات العامة لا تقل عنها حتى نضمن الحفاظ على أصول المجتمع وتنميتها.فعلى سبيل المثال يقترح مشروع الموازنة زيادة دعم الصادرات من 20 مليارا إلى 23 مليارا عام 2024/2025، كما قامت بسداد نحو 60 مليارا على هذا البند خلال السنوات القليلة الماضية. وهى الفترة التى شهدت تراجعا كبيرا فى سعر صرف الجنيه المصرى والمستفيد الأكبر منه هو الصادرات، فهل يستقيم هذا الدعم بعد الجنيه المصرى. أم من الأفضل توجيه هذه الأموال إلى بنود أخرى فى الدعم؟

وهكذا فان إصلاح السياسة المالية يجب ان يتم من خلال سلة من الإجراءات والسياسات تتفاعل مع بعضها البعض وتتناول كافة جوانب السياسة المالية بل وأيضا أسلوب إعداد الموازنة. ولكن مع التنبيه على خطورة علاج العجز بمزيد من الانكماش لأنه يعطل التنمية ويزيد من مشكلة البطالة ويؤثر بشدة على مستوى معيشة الأفراد.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا