تكنولوجيا / البوابة العربية للأخبار التقنية

من التجربة إلى التنفيذ.. كيف جعلت الذكاء الاصطناعي محركًا للاقتصاد؟

في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، لم تَعد تقنيات الذكاء الاصطناعي حكرًا على مراكز الأبحاث أو الشركات العالمية العملاقة، بل أصبحت ركيزة أساسية في إستراتيجيات النمو الاقتصادي. وبينما لا تزال كثير من الدول في مرحلة التجربة، تُظهر أنها تخطّت هذه المرحلة بثقة، لتدخل مرحلة التنفيذ الفعلي، التي يتحوّل فيها الذكاء الاصطناعي من أداة تقنية إلى محرك إنتاجي واستثماري يرفد الاقتصاد الوطني بعوائد ملموسة.

وتأتي دراسة حديثة من شركة (IBM) لتؤكد ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المضمار، فقد أظهرت الدراسة أن الشركات في جميع أنحاء دولة الإمارات سجلت أقوى مستويات من مكاسب الإنتاجية الناتجة عن تبني حلول الذكاء الاصطناعي على مستوى منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا (EMEA).

ريادة إماراتية تؤكدها الأرقام:

أجرت شركة  (IBM)، بالتعاون مع شركة (Censuswide)، دراسة جديدة تحت عنوان (سباق العائد على الاستثمار) The Race for ROI، وقد واستندت الدراسة إلى استبيان شمل 3500 مسؤول من  كبار المسؤولين التنفيذيين في عشرة بلدان حول العالم، وكان منهم 500 مسؤول تنفيذي في الإمارات، وكشفت النتائج عن مؤشرات حاسمة تؤكد الأداء الاستثنائي للشركات الإماراتية:

  • تحقيق أقوى مكاسب في الإنتاجية: سجلت الشركات في جميع أنحاء دولة الإمارات أقوى مستويات من مكاسب الإنتاجية الناتجة عن تبني حلول الذكاء الاصطناعي على مستوى منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
  • تحقيق قفزة تشغيلية تتجاوز التوقعات الإقليمية: أفادت نسبة تبلغ 77% من المشاركين في الإمارات بأن مؤسساتهم حققت تحسينات كبيرة في الإنتاجية التشغيلية بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي، وهو معدل يفوق المتوسط الإقليمي البالغ 66%، مما يدل على نجاح جهود الإدماج والتطبيق.
  • تحقيق العائد المتوقع على الاستثمار (ROI): أفاد نحو 20% (واحد من كل خمسة) من المشاركين بأن مؤسستهم قد حققت بالفعل أهداف العائد على الاستثمار من مبادرات الإنتاجية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ويتوقع أكثر من 44% في المتوسط تحقيق هذا العائد خلال 12 شهرًا، مما يعكس الثقة بالقدرة على تحويل الاستثمار إلى نتائج ملموسة في وقت قياسي

ولا تعكس هذه الأرقام مجرد نجاح تجريبي، بل تشير إلى نضج بيئة الأعمال الإماراتية في إدماج الذكاء الاصطناعي ضمن بنيتها التشغيلية، وتحويله إلى عنصر إنتاجي فعّال يسهم في خفض التكاليف وزيادة الإيرادات وتحسين رضا الموظفين.

كيف تُحوّل الإمارات الذكاء الاصطناعي إلى أرقام إستراتيجية؟

يعتمد النجاح الإماراتي في تحويل الذكاء الاصطناعي إلى محرك اقتصادي على ثلاثة أبعاد رئيسية، وهي:

1- الربط المباشر بين الذكاء الاصطناعي ومقاييس الأداء (KPIs):

على عكس المبادرات التجريبية، تركز الشركات الإماراتية على المجالات التي تضمن عائدًا سريعًا ومحددًا. ويظهر ذلك من خلال تركيزها على الأهداف التالية:

  • توفير الوقت (49%): استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة المهام الروتينية لزيادة كفاءة الموظفين.
  • زيادة الإيرادات (41%): استخدام الذكاء الاصطناعي في التحليل التنبئي لتعزيز تجربة العملاء وفتح أسواق جديدة.
  • خفض التكاليف (40%): تحسين إدارة الموارد وسلاسل الإمداد، لتقليل الهدر.
  • ورفع رضا الموظفين (47%): وضع العنصر البشري في الصدارة، إذ تستخدم الإمارات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءات، وليس لاستبدالها.

2- التركيز في “الذكاء الاصطناعي المسؤول” وتمكين القوى العاملة:

أشارت نتائج الدراسة إلى أن الشركات في الإمارات تثبت أن إدماج الذكاء الاصطناعي بنحو مسؤول عبر الأفراد والعمليات والمنصات، يجعله محركًا للنمو، ويعكس هذا التركيز على الجانب البشري – إذ يمثل رضا الموظفين نسبة تبلغ 47% من مجالات تحقيق العائد – فهمًا عميقًا بأن الذكاء الاصطناعي هو أداة لتحويل القوى العاملة وتمكينها، وليس استبدالها، مما يساهم في بناء اقتصاد معرفي مستدام.

3- التنظيمية والريادة الحكومية:

ما يميز التجربة الإماراتية عن غيرها هو أن تبنّي الذكاء الاصطناعي لا يجري بمعزل عن رؤية وطنية متكاملة. فمنذ إطلاق الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031، عملت الدولة على توطين القدرات التقنية، وتطوير المهارات البشرية، وتأسيس بنية تحتية رقمية متقدمة تدعم الانتقال إلى اقتصاد معرفي متكامل.

وقد صنع هذا التكامل بين السياسات الحكومية الطموحة ومبادرات القطاع الخاص، بيئة تمكينية جعلت من الذكاء الاصطناعي مكونًا رئيسيًا في النمو الاقتصادي، خاصة في القطاعات ذات التأثير العالي مثل: والنقل والخدمات الحكومية والخدمات المالية.

وتتميّز هذه البيئة بعدة ركائز أساسية، أبرزها:

  • ثقة المؤسسات: وجود تشريعات وتنظيمات واضحة يُشجع الشركات على الاستثمار بثقة في مشاريع الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
  • البنية التحتية الرقمية: توجد استثمارات مستمرة في شبكات الاتصال ومراكز البيانات الضخمة، التي تشكل العصب الحيوي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق استخدامها.

التأثير الإستراتيجي على الاقتصاد الإماراتي:

يُجسّد هذا النضج في توظيف الذكاء الاصطناعي تحولًا إستراتيجيًا في مسار الاقتصاد الإماراتي، إذ لم تَعد التقنية غاية في حد ذاتها، بل أداة لصنع قيمة مضافة وترسيخ ريادة الدولة في المشهد التكنولوجي العالمي. وتتجلى أبرز مكاسب هذا التحول في ثلاث محاور رئيسية:

  • تعزيز مكانة الإمارات كمحور تكنولوجي إقليمي: يترجم التفوق في العائد على الاستثمار إلى جاذبية متزايدة للاستثمارات التقنية الأجنبية، ويعزز موقع الدولة كمركز رائد لاستقطاب الشركات الناشئة ورواد الأعمال الباحثين عن بيئة نمو سريعة ومجزية ماليًا.
  • رفع القدرة التنافسية عالميًا: ارتفاع نسبة الشركات التي تحقق تحسينات كبيرة في الإنتاجية يعني وجود انخفاض في تكلفة ممارسة الأعمال وتسريع لدورات العمل، مما يجعل الشركات الإماراتية أكثر جاذبية وتنافسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
  • تسريع مسار التنويع الاقتصادي: يشكّل الذكاء الاصطناعي اليوم القوة المحركة للنمو في القطاعات غير النفطية مثل: التكنولوجيا المالية، والرعاية الصحية المتقدمة، وخدمات المدن الذكية، مما يدعم توجه الدولة نحو اقتصاد مستدام متنوع قائم على المعرفة والابتكار.

قفزة الإمارات نحو المستقبل الإنتاجي:

تُشكّل دراسة (IBM) برهانًا واضحًا على أن الإمارات أنجزت بنجاح انتقالها من مرحلة تجريب التقنية إلى مرحلة تفعيلها كركيزة إستراتيجية للاقتصاد الوطني، فقد استطاعت الدولة، عبر ربط الذكاء الاصطناعي بنحو مباشر ومسؤول بمكاسب إنتاجية قابلة للقياس وعائد مالي ملموس وسريع، أن تنتقل من الاستخدام المحدود إلى الاستثمار الممنهج في التقنية كقوة دافعة للنمو.

ولم تقتصر نتائج هذا التحول على رفع كفاءة المؤسسات، بل امتدت لتجعل من الذكاء الاصطناعي محركًا مستدامًا للنمو الاقتصادي الإماراتي، يؤسس لنموذج متكامل يحتذى به إقليميًا وعالميًا في كيفية تحويل الابتكار إلى عائد اقتصادي حقيقي ومعياري للتبني التكنولوجي الفعّال.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا