تكنولوجيا / البوابة العربية للأخبار التقنية

الطائرات المسيّرة تعيد تعريف مكافحة الألغام في َة.. إجراء أول تجربة رسمية بنجاح لافت

  • 1/2
  • 2/2

في خطوة تُعد تحولًا نوعيًا في واحدة من أعقد الملفات الإنسانية والتقنية في َة، أعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث تنفيذ أول تجربة رسمية لطائرة مسيّرة متخصصة في مسح المناطق الملوّثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة، وقد أُجريت التجربة على مجسّمة آمنة في منطقة دروشا بريف دمشق لقياس الدقة وكفاءة تحليل البيانات.

وأكد معالي رائد الصالح، الطوارئ وإدارة الكوارث في سوريَة، أن هذه الخطوة تمهّد لتشغيل منظومة المسح الجوي، بهدف رئيسي هو الحدّ من المخاطر على الكوادر والمجتمع، وتعزيز قدرة السلطات على تحديد النقاط الخطرة قبل إرسال فرق إزالة الألغام، بما يخدم خطط التعافي وعودة الحياة إلى المناطق المتضرّرة.

وقد أثارت هذه الخطوة اهتمامًا واسعًا في الأوساط التقنية والإنسانية؛ لأنها تعكس رغبة حكومية واضحة في تحديث أدوات العمل الميداني، والانتقال من المسح اليدوي الشديد الخطورة إلى منظومات ذكية قادرة على تغطية مساحات شاسعة بدقة عالية وفي وقت أقل.

تجربة ناجحة في أول اختبار ميداني:

أوضح حسام حلاق، معاون وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، أن التجربة التي نفذتها الوزارة في منطقة دروشا بمحافظة ريف دمشق باستخدام التكنولوجيا الحديثة، في عمليات المسح الميداني للألغام غير المنفجرة التي خلفها النظام السابق، تمثل خطوة نوعية في تطوير قدرات الاستجابة الوطنية وتعزيز حماية المدنيين.

وأشار حلاق إلى أن هذه التجربة هي الأولى من نوعها في سوريَة والشرق الأوسط، وأثبتت نجاحها في تحديد الأجسام الملوثة بدقة، مع إمكانية إعطاء بيانات بشأن الوزن والعمق والحجم، بما يوفر سرعة أكبر في العمل، ويقلل من المخاطر التي تواجه الفرق الميدانية، مبينًا أن إدخال هذه التكنولوجيا يعكس التزام الوزارة بتطوير أدواتها، بما ينسجم مع المعايير الدولية، وخاصة أن الألغام ومخلفات الحرب تشكل تهديدًا مباشرًا للمجتمعات، وتعوق انطلاق مشاريع الإعمار والتنمية.

وكشف حلاق في تصريحات، لوكالة الأنباء السورية، أن التجربة الحقيقية ستبدأ قريبًا في أحد الحقول الملوثة بمدينة حسياء بريف حمص، مع الاستفادة من الخبرات والتقنيات الألمانية في هذا المجال.

وفي سياق ذي صلة، أكد فادي الصالح، مدير المركز الوطني لإزالة الألغام، أن إدخال هذه التكنولوجيا الحديثة يساعد في إنجاز مسح ميداني لمساحات واسعة خلال دقائق معدودة، مع تحديد الأهداف بدقة تصل إلى سبعة أمتار تحت سطح الأرض، الأمر الذي يعزز سرعة الاستجابة، ويمنح فرقنا الميدانية أمانًا أكبر.

وأكد الصالح في تصريحات للصحفيين أن التجربة أثبتت قدرتها على مسح نحو 10 آلاف متر مربع خلال 35 دقيقة فقط، وهذا يعد إنجازًا كبيرًا مقارنة بالعمل اليدوي، مع وجود بعض التحديات المرتبطة بغياب أبراج تحديد المواقع GPS في سوريَة، مما يؤدي إلى نسبة خطأ محدودة يجري العمل على معالجتها، لافتًا إلى أن نجاح التجربة يعتمد على توفير العدد الكافي من الطائرات والتدريب المستمر للعناصر، إلى جانب الدعم الدولي الموعود لهذا الملف الحيوي.

الألغام وتركة الحرب في سوريَة:

منذ اندلاع النزاع في سوريَة في عام 2011، تحوّلت البلاد إلى حقل تجريب للأسلحة من مختلف الأنواع، ومن ذلك الألغام الأرضية والصواريخ والذخائر العنقودية، ووثقت فرق الدفاع المدني السوري، المعروفة سابقا باسم “الخوذ البيضاء” أن النظام السابق، مع حلفائه، قد استخدموا خلال السنوات الماضية أكثر من 70 نوعًا من الذخائر، من بينها 13 نوعًا من القنابل العنقودية المحرّمة دوليًا.

التلوث بالمتفجّرات أصبح واسع النطاق، ولا يقتصر على المناطق العسكرية أو خطوط الجبهة، بل يمتد إلى الأحياء السكنية، والأراضي الزراعية، وحتى ملاعب الأطفال.

ووفقًا لتقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، فقد تسبّبت الألغام الأرضية ومخلفات الحرب بمقتل ما لا يقل عن 600 شخص منذ ديسمبر 2024، بينهم أطفال، وإصابة المئات، تزايد حركة العودة إلى المناطق التي كان يصعب الوصول إليها خلال سنوات النزاع.

كما تُبرز التقارير أثر الألغام على سبل العيش، فبعض المزارعين في ريف الرقة عادوا إلى أراضيهم بعد سنوات، ووجدوا حقولهم لا تزال ملوّثة ولم تُعلَّم بعلامات تحذير، وهذا مما يجعل العمل الزراعي خطيرًا جدًا.

وحسب تقارير الدفاع المدني السوري، فإن الألغام والذخائر غير المنفجرة تسبّب معوقات كبيرة أمام العودة الآمنة للنازحين، وتعوق إعادة الإعمار والتنمية الزراعية وإعادة تشغيل الورش والمصانع.

التحديات التي تَحول دون مكافحة فعّالة للألغام:

 هناك عدة عوامل تعرقل العمل على نطاق واسع على الرغم من الجهود المبذولة، ومنها:

  • نقص والمؤسسات الوطنية: تشير منظمة (هيومن رايتس ووتش) إلى غياب هيكل مركزي وموحَّد لإدارة عمليات إزالة الألغام، سواء في التنسيق أو جمع البيانات.
  • تمويل محدود: تقول التقارير إن التمويل من الجهات المانحة لا يغطي الاحتياجات الواسعة لمسح وإزالة الألغام والتوعية والتدريب.
  • غياب معايير موحّدة: بعض مجموعات إزالة الألغام تعمل بتدريب غير رسمي، خصوصًا على مستوى المجتمعات المحلية، مما قد يعرّض المتطوعين إلى مخاطر عالية دون ضمان سلامة كاملة.

لماذا خطوة الطائرة المسيّرة مهمة؟

إعلان وزير الطوارئ، رائد الصالح، يدخل في هذا السياق كإشارة قوية إلى رغبة رسمية في التحول نحو استخدام تكنولوجيا حديثة لمواجهة التهديدات المتفجّرة، والمزايا المحتملة لهذا التوجّه تكمن في:

  • رفع مستوى السلامة: فالطائرات المسيّرة تحسّن من القدرة على فحص المواقع مِن بُعد قبل دخول الفرق الميدانية، مما يقلّل من المخاطر على الأفراد.
  • تحسين الدقة وتقليص الزمن: باستخدام معدات تحليل البيانات، يمكن للطائرة تحديد أكثر النقاط خطورة بدقة، مما يقلل الوقت والتكلفة في المسح اليدوي.
  • تغطية مساحات واسعة: يمكن للطائرات التقاط بيانات من مناطق شاسعة أكثر بسرعة من فرق المسح الأرضي التقليدي، خصوصًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
  • دعم خطط الإعمار والعودة: المسح الجوي يمكن أن يُستخدم كأداة استباقية قبل إعادة الإعمار أو عودة السكان، مما يمنع المفاجآت الخطيرة.

المخاطر والتحديات المحتملة:

مع التفاؤل الذي يثيره إعلان الوزير، فإن هناك عدة قضايا لا تزال بحاجة إلى معالجة لضمان نجاح هذا التوجّه:

  • البنية التحتية والتقنية: تشغيل منظومة المسح الجوي يحتاج إلى بنية تحتية لوجستية، مثل محطات التحكم والصيانة، وأبراج تحديد المواقع (GPS).
  • التكلفة والتمويل: يتطلب شراء الطائرات، ومعدات الاستشعار، والبرمجيات، وتدريب الطواقم استثمارات كبيرة وتمويلًا دوليًا.
  • إدارة البيانات: جمع وتحليل الكم الهائل من البيانات يتطلب خبرات متخصصة وتنسيقًا فعالًا مع الجهات المانحة ومنظمات إزالة الألغام الدولية.

ما الذي تكشفه المبادرة؟

يمكن القول إن مبادرة الطائرات المسيّرة، كما أعلنها وزير الطوارئ، ليست مجرد تطوير تقني؛ بل هي رسالة قوية تُعزز من مصداقية الحكومة والتزامها الدولي بحماية المدنيين وتأمين العودة الآمنة.

كما يُمثل إدماج هذا الابتكار في الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الألغام نقطة تحوّل، تفتح الباب أمام تعاون أوسع مع المنظمات الدولية والمتبرّعين. وفي بلد يرزح تحت وطأة تركة النزاع، فإن هذه التجربة الرائدة تعطي الأمل بأن العودة إلى الديار ستكون مدعومة بالتكنولوجيا، والخبرة، والالتزام البشري، لتوفير بيئة أكثر أمانًا تسهم في استعادة الحياة الطبيعية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا