الارشيف / فيديو / صحيفة اليوم

مستقبل الماء في جبل شدا


يتميز جبل شدا عن جميع جبال المملكة بمناخين مختلفين بنفس اللحظة، أسفله يرتفع 160 مترا عن سطح البحر، بمناخ تهامة الحار، أعلاه يرتفع 2200 متر بمناخ جبال السراة البارد، يعتمد أسفله على مياه أمطار أعلاه، ينساب عبر تضاريس جسده، يتجمع على سطح الأرض التي تحمله، وعبر التاريخ استطاع أهله التعامل بحرفية مع هذا الوضع الاستثنائي. استثمروا بؤر تواجد التربة الطينية النادرة في الجبل، فأسسوا مستوطناتهم حولها.
تفوقوا في استثمار بقية الجبل الصخرية، وظفوها لصالح شركائهم في الحياة، أسسوا إدارة تنميتها واستثمارها والحفاظ على عطائها، حققوا نجاح استدامة منافعها وسط تحديات مستدامة، انتصروا على تحديات مقومات البقاء ومشاكله.
متلازمة «ماء والتربة الطينية النادرة» أساس مقومات الحياة برمتها في جبل شدا، حددت بنجاح حدود شريط ضمان توفير استدامة البقاء، بعرض حوالي 600 متر، يقع بين نقطتين، السفلية ترتفع 1000 متر عن سطح البحر، العلوية ترتفع 1600 متر عن سطح البحر، الجزء فوق النقطة العليا يصل ارتفاعه 470 مترا، هذا الارتفاع هو المساحة الرئيسة لصيد مياه الأمطار في الجبل، لكن الأمطار تهطل أيضا على بقية جسم الجبل، هذا يعني أن إنسان جبل شدا تعامل مع الشريط الذي حدده لمستوطناته التاريخية مع هذه الأمطار، وذلك بنوعين من الإدارة المائية لمياه الأمطار.
حقق نجاح إدارة مياه الأمطار الهاطلة بشكل مباشر على مدرجاته المزروعة، يأخذ منها ما تستوعبه مساحاتها، ثم بمهارات ووسائل وأدوات أخرى يتخلص من الزائد، يدفع بها عبر جسم الجبل الصخرية لتسقط أسفل الجبل، حيث تتجمع في أودية معروفة، تصب في نهاية المطاف في مياه البحر الأحمر على بعد 50 كيلومترا.
أيضا حقق نجاح إدارة مياه الأمطار الهاطلة على الأجزاء الصخرية التي تعتلي مدرجاته الزراعية، حيث أرغم تجمعات مياه الأمطار على السير في قنوات نحتها في الصخر، سلسلة متقنة الأداء من المهارات تسمح باستخدام جزء منها، وفق مقدرة المدرجات على استيعابها، يتخلص من الزائد عبر جسم الجبل الصخري لتسقط أسفل الجبل حيث تتجمع في أودية معروفة تصب في نهاية المطاف في مياه البحر الأحمر.
استخلص من تجاربه التراكمية خلاصة مهارات دقيقة، فاعله، تحقق أقصى كفاءة في إدارة مياه الأمطار، وأقصى كفاءة في الحماية ومواجهة تحديات مياه الأمطار وفيضاناتها.
هكذا كان تعايش الإنسان مع جسم جبل شدا الصخرية، استثمر إمكانياته حتى مجيء الطفرة الأولى عام 1975 . معها هبّت رياح التغيير نحو الأفضل على كل مناحي الحياة في جميع مناطق المملكة.
تحت ضغط تحديات الحياة التقليدية في جبل شدا، وبسبب طبيعة تكوينه وندرة موارده، اضطر جميع أهله على النزوح. هجرة جماعية تركت موروثهم خلفهم للضياع والتهدم، هذا أمر كان حتميا أمام ضروريات الحياة الحديثة كبقية مناطق المملكة.
في ظل المؤشرات الحالية.. ومع نزوج أهل جبل شدا.. يهدد العطش مستقبل بيئة الجبل.. عطش حتمي في ظل تهدم بنية التعامل مع مياه الأمطار وفيضاناتها. اندثرت وضاعت مهاراته ووسائله وأدواته. التصحر يضرب جبل شدا. تزداد قسوته وتشتد بضياع تربته الطينية النادرة. بتهدم مدرجاتها يتعاظم جرفها. ويستمر الحديث بعنوان آخر.
@DrAlghamdiMH

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا