فيديو / صحيفة اليوم

«أنت ما منك فايدة»


تعتبر الكلمات من الأساسيات التي تساهم في تشكيل شخصية الطفل وتوجيه سلوكه. كثير من الآباء والأمهات يظنون أن العبارات العابرة أو تلك التي تُقال في لحظات الغضب لا تترك أثراً طويلاً، لكن الحقيقة تتناقض تماماً مع هذا الاعتقاد. ففي الواقع، يمكن لعبارة بسيطة مثل «أنت ما منك فايدة» أن تزرع أثراً نفسياً عميقاً في نفس الطفل، مما يؤثر بشكل مباشر على سلوكه ومستقبله. فكل كلمة نلفظها لها القدرة على بناء أو هدم، لذا علينا أن نكون حذرين فيما نقوله.
أثناء حديثي مع أخصائي اجتماعي حول موضوع تكوين الصدمات النفسية، ذكر لي أن «الطفل في مراحل نموه المبكرة يكون في مرحلة حساسة جداً من تطور شخصيته»، حيث إن أي كلمة أو تصرف يمكن أن يترك أثراً عميقاً في سلوكه وأفكاره. عندما يسمع الطفل عبارة مثل «أنت ما منك فايدة»، تتسلل هذه الكلمات إلى عقله اللا واعي، وتبدأ في تشكيل صورة سلبية عن ذاته. بدلاً من أن يشعر بالتقدير أو الحب من المحيطين به، يبدأ في الشعور بالعجز وفقدان القدرة على النجاح أو إحداث التغيير، مما يؤدي إلى تكوين نظرة سلبية عن نفسه وقدراته.
على المدى الطويل، يمكن أن تتسبب هذه العبارات في شعور الطفل بالعجز، مما ينعكس سلباً على ثقة الطفل بنفسه. وبمرور الوقت، قد يبدأ الطفل في تصديق هذه الكلمات، وينتقل هذا التصور إلى أفعاله وسلوكياته اليومية. يمكن أن يعتقد أنه لا يمتلك القدرة على التحسن أو النجاح، وبالتالي سيعزف عن المحاولة أو السعي لتحقيق أهدافه.
سبق لي أن قرأت في أحد الكتب التي تتناول قوة العقل الباطن للكاتب جوزيف ميرفي، حيث ذكر أن العقل الباطن يعمل بشكل غريزي ويصدق كل ما يُعرض عليه، ثم يبدأ في تطبيقه دون تفكير. فالكلمات التي يتعرض لها الإنسان بشكل مستمر تُشكل سلوكياته وتصرفاته دون وعي منه، وهو ما أظهرته العديد من الدراسات التي أكدت صحة هذا المفهوم.
الطفل لا يستوعب الكلمات فقط من خلال معانيها الظاهرة، بل يتأثر بما تحمله من مشاعر وسياقات. عندما يتم إخبار الطفل أنه «ما منه فايدة»، فهذا ليس مجرد انتقاد سلوكه في لحظة معينة، بل هو بمثابة تشخيص لقدراته بالكامل. هذه الرسالة اللا واعية بأن «أنت غير قادر» تترسخ في ذهنه وتبدأ في التأثير على سلوكه بشكل غير مباشر.
قد يتجنب الطفل في المستقبل أي نوع من المسؤولية أو التحدي، خوفًا من الفشل، لأنه يعتقد أنه لا يملك القدرة على النجاح. وبدلاً من المحاولة والتعلم من أخطائه، قد يفضل العزوف عن أي نشاط يتطلب جهدًا أو تفكيرًا عميقًا. هذا التأثير على سلوك الطفل يمتد ليشمل جوانب عدة من حياته، سواء في المدرسة أو في حياته الشخصية أو حتى في علاقاته مع الآخرين.
عندما نوجه كلمة إلى أطفالنا، يجب أن نتذكر أنهم في مرحلة تكوين شخصيتهم، وأن أي كلمة قد تترك أثراً عميقاً. ينبغي على الآباء أن يكونوا حذرين في استخدام كلماتهم، خاصة عندما يعبرون عن خيبة أملهم أو غضبهم. من الضروري أن نتذكر أن النقد يجب أن يكون بناءً وموجه للتصرفات، لا على الذات.
بدلاً من قول «أنت ما منك فايدة»، يمكننا أن نقول: «لقد أخفقت في هذا، لكن بإمكانك التحسن في المرة القادمة». هذه العبارات تشجع الطفل على المحاولة وتحفزه على التطور، مما يساعده في بناء ثقته بنفسه وتجاوز التحديات. على الآباء والأمهات أن يدركوا أن كلماتهم يمكن أن تبني أو تهدم. لذلك، يجب اختيارها بعناية. مسؤوليتهم لا تقتصر على تلبية احتياجات الأطفال الأساسية، بل تشمل تعزيز صحتهم النفسية وزيادة ثقتهم بأنفسهم، مما يساعدهم على النمو بشكل صحي وناجح.
@pbthdw

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا