الارشيف / عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

أصبحت مكان العيش والعمل الأفضل للمهاجرين

  • 1/2
  • 2/2

قد تبدو فكرة كدولة هجرة غير منطقية، فقد صوّت مواطنوها لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في عام 2016، بعد أن وُعدوا بتضييق الخناق على تدفقات الأشخاص من أوروبا. ويزداد النقاش حدة بين السياسيين في البرلمان، في الأيام الأخيرة، حول مشروع قانون من شأنه أن يسهل إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا دون الاستماع إلى مناشداتهم، وهو الأمر الأحدث في سلسلة من القوانين غير الليبرالية المصممة «لإيقاف القوارب».

ولا تتباهى البلاد بالمهاجرين لديها. وللمقارنة، فإن أماكن أخرى لديها متاحف الهجرة الكبرى. ويجذب المتحف الموجود في ميناء نيويورك ملايين السياح كل عام. ويقع متحف الهجرة البريطاني الصغير الذي لم تؤسسه الدولة، بل بعض الأشخاص الجديرين، في مركز «لويشام» للتسوق جنوب لندن، بين متجر للتخفيضات ومتجر للأحذية.

ومع ذلك، فإن بريطانيا لديها الآن حصة أكبر من المقيمين المولودين في الخارج، مقارنة بالولايات المتحدة. وبدأ واحد من كل ستة من سكانها الحياة في بلد آخر. وترتفع الحصة، لأنه حتى في الوقت الذي تسعى فيه جاهدة إلى وقف القوارب، فتحت حكومة المحافظين الباب أمام العمال والطلاب ومجموعة مختارة من ضحايا الاستبداد، مثل سكان هونغ كونغ والأوكرانيين. ومع ذلك، لا يمثل اللجوء سوى جزء بسيط من حيث الأرقام، فقد عبر نحو 30 ألف شخص القناة الإنجليزية العام الماضي. وبلغت الهجرة طويلة الأجل حتى يونيو من العام الماضي نحو 1.2 مليون.

فشل التعددية الثقافية

والأكثر إثارة للدهشة هو حقيقة أن البلاد جيدة جداً في استيعاب المهاجرين. ويشتكي السياسيون الغاضبون من أن بريطانيا تسمح لأشخاص من الدول الفقيرة بالقيام بوظائف وضيعة، وللطلاب الأجانب الذين يريدون الحصول على تأشيرات، بشغل وظائف مثل توصيل البيتزا. ويقولون إن التعددية الثقافية قد فشلت، فالعديد من المهاجرين يعيشون حياة موازية في أحياء معزولة، ولكن الحقيقة هي أن بريطانيا تتفوق في جعل الأجانب يتقدمون بسرعة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وهي - في هذا الصدد على الأقل - نموذج لبقية دول العالم.

وفي العديد من البلدان، يكافح المهاجرون المهرة للعثور على وظائف. وفي الاتحاد الأوروبي، فإن البالغين المولودين في الخارج الحاصلين على درجات علمية والذين لم يكملوا تعليمهم، لديهم معدل توظيف أقل بعشر نقاط مئوية من السكان الأصليين الحاصلين على درجات علمية مماثلة. وفي بريطانيا، تبلغ الفجوة نقطتين فقط، والأشخاص المولودون في الخارج من ذوي التعليم المتدني هم أكثر عرضة للعمل بنسبة 12 نقطة من أقرانهم المولودين في بريطانيا.

وحتى المهاجرون العالقون في وظائف مملة، يعرفون أن أطفالهم يميلون إلى تحقيق أداء جيد في المدرسة. وفي إنجلترا، من المرجح أن يحصل المراهقون الذين لا يتحدثون الإنجليزية كلغة أولى على درجات جيدة في الرياضيات واللغة الإنجليزية في امتحانات الوطنية، مقارنة بالناطقين الأصليين باللغة الإنجليزية. وتُظهر اختبارات «بيزا» التي تجريها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - وهي نادي الدول الغنية - أن أداء المهاجرين وأطفالهم سيئ في معظم أنحاء أوروبا. وفي ألمانيا سجل أبناء المهاجرين 436 نقطة في آخر اختبار للرياضيات، مقابل 495 نقطة للمواطنين الأصليين. وفي بريطانيا كان أداؤهم أفضل قليلاً من المواطنين الأصليين.

مناطق الاندماج

إن فكرة تقسيم بريطانيا إلى أحياء مغلقة هي أسطورة. لقد أصبحت كل مجموعة عرقية أقل انفصالاً على نحو مستمر منذ أن بدأ التعداد السكاني في عام 1991. وينمو السكان المولودون في الخارج بشكل أسرع ليس في مناطق الاندماج التقليدية، مثل برمنغهام وداخل لندن، بل في الضواحي الراقية أيضاً والبلدات الصغيرة. وحتى داخل تلك المدن، لا يتجمع الأجانب معاً.

صحيح أن الهجرة تظل موضوعاً لنقاش سياسي محتدم، لكن ربما يرجع ذلك إلى أن الأشخاص الذين لا يعجبهم الأمر حقاً، مستعدون لتأسيس قراراتهم التصويتية على هذه القضية وحدها. لقد أصبح البريطانيون ككل أكثر نضجاً، وخصوصاً منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويبدو أنهم غير منزعجين من أحد التطورات الأخيرة الرائعة، وهو أن جميع المناصب السياسية العليا في بريطانيا وأسكتلندا ولندن يشغلها أبناء المهاجرين، وجميعهم من أصول جنوب آسيوية. ووُلِدت وزيرة إيرلندا الشمالية ووزير مقاطعة ويلز في الخارج (على الرغم من أن ميشيل أونيل - شمال إيرلندا - انتقلت شمالاً من جمهورية إيرلندا فقط).

ولا تستطيع بريطانيا تحويل كل مهاجر وكل طفل من أطفاله إلى أعضاء منتجين ومتعلمين جيداً في المجتمع. فهي تكافح مع التحيزات المستوردة والتعصب العدواني، على الرغم من أن هذه المشكلة غالباً ما تكون محلية المنشأ للأسف. ولا يتأقلم طالبو اللجوء مثل الآخرين، ربما لأن الحكومة تحشرهم في الفنادق وتمنعهم من العمل، بينما تتجه ببطء إلى الاستماع إلى قضاياهم. كما أن الدولة ليست جيدة في ما يخص الإجراءات البيروقراطية. ومن المعروف أن وزارة الداخلية غير كفؤة، فهي في الواقع تؤخر الاندماج من خلال فرض رسوم كبيرة على التجنيس، وبالقيمة الحقيقية زادت الكلفة بمقدار ستة أضعاف منذ عام 2000.

مزايا خاصة

وعلاوة على ذلك، تتمتع بريطانيا ببعض المزايا التي لا تستطيع الدول الأخرى تقليدها. إنها بعيدة كل البعد عن مناطق الحرب، لذا فهي تستقبل عدداً قليلاً نسبياً من اللاجئين غير المدعوّين، ويصادف أنها تستخدم لغة يتحدثها كثير من الناس، ولو قليلاً، لكن هناك تفسيران آخران لنجاحها يسهل على الآخرين تقليدهما.

الأول هو سوق العمل المرن في بريطانيا. ومقارنة ببقية أوروبا، فإن التوظيف والفصل أمر واضح ومباشر، حتى بالنسبة للأشخاص الذين يعملون بموجب عقود منتظمة. وهذا يساعد المهاجرين على إيجاد موطئ قدم اقتصادي، ما يجعل كل شيء آخر أسهل. أما الاعتماد على الخلفية الثقافية فهو أضعف. وأحد الأشياء غير العادية في بريطانيا هو أن المهاجرين الذين يحملون مؤهلات أجنبية لديهم معدل التوظيف نفسه تقريباً، مثل أولئك الذين يحملون مؤهلات محلية. وفي معظم الدول الأوروبية، تكون الفجوة كبيرة، وفي اليونان كانت النسبة مذهلة، وهي 25 نقطة مئوية.

الميزة الأخرى للمملكة المتحدة هي موقف شعبها، فالبريطانيون منفتحون. وفي هذا الصدد، قال 5% فقط من المشاركين في استطلاع القيم العالمية، إنهم يعترضون على العيش بجوار مهاجر (ويفيد أطفال المهاجرين بأنهم يتعرضون للتنمر في المدرسة بشكل أقل من أطفال السكان الأصليين). ويجمع البريطانيون بين عدم التسامح مع التمييز والتوقعات العالية. وبالمقارنة مع الأوروبيين الآخرين، فإنهم حريصون على أن يتعلم المهاجرون اللغة، ويحصلون على المؤهلات، ويتبنّون الثقافة ويصبحون مواطنين. وربما كان من المفيد أن بريطانيا لم يكن لديها عمال زائرون على الإطلاق، ولكن من الحكمة ألا يتوقع السياسيون أن الوافدين الجدد الذين تم قبولهم سيعودون إلى ديارهم ذات يوم.

• تتفوق بريطانيا في جعل الأجانب يتقدمون بسرعة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

• أصبحت كل مجموعة عرقية أقل انفصالاً على نحو مستمر منذ أن بدأ التعداد السكاني في عام 1991.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا