غيّب الموت، السبت، الأمير والشاعر السعودي بدر بن عبد المحسن؛ عن عمرٍ ناهز ال 75 عاماً، حيث عُرف بأنه أحد أبرز روّاد الحداثة الشعرية في الجزيرة العربية، كما له إسهاماته الواسعة في الحراك الإبداعي السعودي خلال خمسة عقود من الزمن.

النشأة والبداية

ولد الأمير بدر بن عبد المحسن في عام 1949، بمدينة الرياض. ودرس بين السعودية ومصر، حيث التحق بمدرسة الملكة فيكتوريا في الإسكندرية، كما درس في بريطانيا وفي الولايات المتحدة.

وأحب الشعر منذ طفولته، إذ ورث هذه الموهبة من والده، وصقلها بالدراسة والتجربة والاطّلاع. ونشأ الراحل في بيت علم وأدب، فوالده الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز، كان شاعراً محباً للعلم والأدب، وصاحب مكتبة ضخمة عامرة بأنفس المؤلفات، إضافة لاكتظاظ مجلسه على الدوام بالعلماء والأدباء وكبار المفكرين.

مناصب وإنجازات شعرية

الأمير الملقب ب«مهندس الكلمة»، وأيقونة الشعر السعودي، والفنان والفيلسوف عُرف على الساحة العربية، بأنه أحد أبرز روّاد الحداثة الشعرية في الجزيرة العربية، وله مجهودات كبيرة في وضع نصوص أدبية تجمع بين الغزل والفخر والرثاء والواقع الاجتماعي والسياسي للسعودية خاصة، والعالم العربي عامة.

وتحدث الناقد السعودي إبراهيم الشتوي، في كتابه «مسارب ضوء البدر» الصادر في العام 2012، عن الأمير بدر، إنه «من أهم رواد النص الشعري الحديث، وأحد المغامرين، والمغيرين في ملامح القصيدة الشعبية الحديثة».

كما تغنّى بقصائده مطربون بارزون مثل طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعبد المجيد عبد الله وخالد عبد الرحمن وعبد الله الرويشد وكاظم الساهر وصابر الرباعي وراشد الماجد.

مناصب رسمية

تولى الأمير بدر بن عبد المحسن في سنة 1973 رئاسة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وعُين رئيساً لتنظيم الشعر بالسعودية، وكلف لسنوات عدة بكتابة الأوبريتات الافتتاحية لمهرجانات شهيرة أبرزها الجنادرية. وضمّت خمسة دواوين هي: هام السحب، وشهد الحروف، ورسالة من بدوي، وما ينقش العصفور في تمرة العذق، ولوحة.. ربما قصيدة.

وبعد ركض في ميدان الشعر لامس نصف قرن، صدرت أعماله الشعرية الكاملة تزامناً مع معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2022، وهي «هام السحب، شهد الحروف، ما ينقش العصفور في تمرة العذق، لوحة ربما قصيدة، رسالة من بدوي»، بإشراف مؤسسة بدر بن عبد المحسن الحضارية، وبمبادرة من وزارة الثقافة، ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتنفيذ شركة «المحترف السعودي»، التي تسهم بإشراف الهيئة، على ترجمة هذه الأعمال الشعرية إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، من خلال لجان متخصصة، لنقل تجربة الأمير بدر بن عبد المحسن الشعرية إلى العالمية.

جوائز وتكريمات

ونال الراحل تكريمات عدة، فقد منحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وشاح الملك عبد العزيز في عام 2019. كما كرمته الهيئة العامة للترفيه عام 2019 في ليلة كان عنوانها (ليلة الأمير بدر بن عبد المحسن: نصف قرن والبدر مكتمل). وأعلن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ تسمية المسرح المبنيّ لهذه المناسبة بمسرح الأمير بدر بن عبد المحسن.

وفي2021 أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة عزمها على جمع وطباعة الأعمال الأدبية الكاملة للأمير بدر تقديراً لإسهاماته في الحراك الإبداعي السعودي خلال خمسة عقود من الزمن. كما كُرّم في 2023 في ختام مهرجان القرين الثقافي في الكويت في دورته ال 28 باختياره شخصية المهرجان.

محبة إماراتية متبادلة

لطالما حرص الأمير بدر بن عبد المحسن على التعبير عن محبته الدائمة لدولة الإمارات وقاداتها، فأثار العواطف الجياشة في نفوس جماهير الشعر ومتذوقيه في العالم العربي بقصيدة من إبداعه، عبَّر من خلالها عمَّا يختلج في الصدور من حزن على فراق المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، في العام 2022.

وأيضاً كتب قصيدة «1000 حب»، التي شدا بها في ذكرى اليوم الوطني ال 45 للإمارات، مجسدة الحب المتبادل بين الشعبَيْن الشقيقَيْن (السعودي والإماراتي).

• وتقول مطلع أبيات القصيدة:

كل حرف كتبته له سبب..

وحرفي اليوم هيضه الغرام

للإمارات مني ألف حب..

وألف شوق وتحية واحترام

عيدها اليوم عيد للعرب..

وعيد للمملكة ما به كلام

سبعة سيوف تفخر بالنسب..

عزها الله في حرب وسلام