على الأرض الطيبة التي ما زالت تنبت الخير لأهالي القرية منذ مئات السنين ما زالت الشواهد حاضرة من زمن لم يكن فيه استخدام الآلة وانتشارها مثل الوقت الحالي، فبعد أن اعتمد المزارعون لسنوات طويلة على الساقية والشادوف، جاء دور وابور المياه في الفترة ما بين عامي 1900 وحتى وقتنا هذا، ورغم انتشار ماكينات رفع المياه التي تعمل بالكهرباء، إلا أن تلك البوابير ما زالت قائمة حتى اليوم كشاهد على تراث قديم عاش هنا.

هنا عرف معنى الإيثار ومساعدة الجيران لبعضهم البعض، حتى في توزيع جزء من المحصول على المحتاجين والصناع، والحرفيين الذين كانوا يعملون في القرية آنذاك من خلال نظام المقايضة، وكان صوت الوابور علامة مميزة للمكان الذي يتواجد فيه، ليعلن بدء مواسم الزراعة والعمل وري مئات الأفدنة، حيث ساهم في ري الأرض وتوفير الوقت والجهد، فكان أحد مراحل التطور في العملية الزراعية آنذاك.

قال جلال همام، أحد أهالي القرية، إن الري في مصر شهد تحولا كبيرا منذ بداية القرن التاسع عشر، حيث انتقل من الري الحوضي إلى الري الدائم، موضحًا أن الري الحوضي كان يعتمد على ري المزروعات داخل الأحواض بكميات كبيرة من المياه حتى تتشبع، بينما الري الدائم يقوم على توصيل المياه للأراضي بقدر مناسب ومستمر.

وأضاف جلال، أن قرية كوم بلال شهدت بداية تطبيق الري الدائم من خلال عدد من البوابير، منها وابور الشيخ صبري الذي أنشئ عام 1945 وكان يسقي الأحواض كاملة، إذ تبلغ مساحة الحوض الواحد نحو 50 فدانًا، وكان يسقي حوالي أربعة أحواض بمساحة إجمالية تصل إلى 200 فدان،  وكانت طريقة الري تتم بالمقاسمة، حيث يحصل صاحب الوابور على الثلث، بينما يحصل المزارع على الثلثين، أما المنطقة المجاورة فكانت تعرف باسم "الجرون"، حيث يتم فيها جمع الحصاد ودَرْسه.

ولفت همام، إلى أن توزيع المحصول قديما كان يتم بالعدل، فثلث لصاحب الوابور، ونصيب من الغلال للتجار والنجارين والصنايعية الذين يعملون في القرية، مؤكدًا أن الحفاظ على هذا التراث هو بمثابة حفاظ على الهوية، إذ اشتهر المكان باسم “وابور صبري”، ومن الصعب التخلي عنه أو بيعه حتى اليوم.

وابور مياه بقنا

وابور قرية كوم بلال بنقادة

مكان وابور مياه

مكان وابور مياه قديم

تاريخ الري في قرى قنا

بئر مياه الوابور

العم حماده قرقار