سياسة / اليوم السابع

بين الكوالح والصوالح.. أسرار الـ 40 ليلة التي حكم بها أجدادنا الشتاء

كتبت أسماء نصار

الإثنين، 29 ديسمبر 2025 06:00 ص

بينما تمر الأيام باردة ثقيلة، يبرز موروث الأجداد كدليل لا يخطئ في فهم تقلبات المناخ، حيث لم يكن تعامل المصريين القدماء مع الشتاء مجرد انتظار لانتهاء البرد، بل كان نظاماً فلكياً ومناخياً دقيقاً يعرف بـ "أربعينية الشتاء".

هذا النظام الذي يمتد لـ 40 ليلة، ليس مجرد تسمية عابرة، بل هو خارطة طريق زراعية وحياتية تبدأ من 25 ديسمبر وتنتهي في 2 فبراير، تعكس عبقرية استثنائية في قراءة حركة الرياح وطبيعة الصقيع.

الليالي البيضاء ذروة الصقيع وانكسار القوة
 

تنقسم الأربعينية في الوجدان الشعبي إلى نصفين متساويين، يبدأ النصف الأول بما يسمى "الليالي البيضاء"، وهي 20 ليلة يتسيد فيها اللون الأبيض المشهد، ليس ثلجاً فحسب، بل بفعل "الشبورة" الكثيفة والرياح الباردة التي تكسو الأفق بصقيع قارس.

وتتوزع هذه الليالي إلى مرحلتين:
 

عشر ليالي "كوالح"، وتبدأ من 25 ديسمبر إلى 3 يناير، وتعد الأشرس في لسعتها الحادة، حيث "تكلح" فيها الوجوه من شدة البرد.

عشر ليالي "طوالح"، وتمتد من 4 إلى 13 يناير، وسميت بذلك لأن البرد المستمر فيها "يطلح" الأجساد (أي ينهكها) ويصيب الناس بالهزل من طول فترة الملازمة للمنازل طلباً للدفء.

الليالي السوداء: قسوة البرد وبشائر الخير
 

مع انتصاف الأربعينية، تدخل "الليالي السوداء" (من 14 يناير إلى 2 فبراير)، وبالرغم من أن اسمها قد يوحي بالتشاؤم، إلا أنها في الموروث الشعبي هي ليالي "الخير والبركة"، فالسواد هنا يشير إلى السحب المحملة بالأمطار والتربة الرطبة التي تستعد للاخضرار.

وتنقسم هي الأخرى إلى فترتين تحملان دلالات زراعية هامة:
 

1 - ليالي "الموالح": (14 – 23 يناير)، واشتق اسمها من قدرتها على "تظبيط" الزرع كما يضبط الملح طعم الطعام، حيث تبدأ الأرض في امتصاص برودة الشتاء وتحويلها إلى طاقة نمو.

2- ليالي "الصوالح": (24 يناير – 2 فبراير)، وهي مسك الختام، حيث يبدأ الحال في "الصلاح" وتلوح في الأفق بشائر اعتدال الجو، ما يبعث التفاؤل في نفوس المزارعين بقرب انتهاء ذروة الشتاء القاسية.

فلسفة التعايش مع المناخ
إن هذا التقسيم الزمني الدقيق يثبت أن الأجيال السابقة نجحت في تحويل مراقبة الظواهر الطبيعية إلى "دستور حياتي"، فلم تكن المربعانية مجرد أرقام في تقويم، بل كانت وسيلة لتنظيم مواعيد الري، ونوعية المحاصيل، وحتى العادات الغذائية والاجتماعية.

وبرغم التطور التكنولوجي وأدوات الأرصاد الحديثة، تظل "أربعينية الشتاء" بلياليها البيضاء والسوداء مرجعاً وجدانياً وحقيقة مناخية يعيشها المصريون عاماً بعد عام.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا