مرصد مينا
مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا يوم الثلاثاء الماضي، بدأ الحراك الاقتصادي في البلاد يشهد مؤشرات مبكرة على تحوّل جذري مرتقب، قد يفتح الباب واسعاً أمام عودة الاستثمارات الخارجية، لاسيما من الجالية السورية في المهجر، ودول الخليج، وتركيا، التي تدعم الحكومة الانتقالية الجديدة بقيادة أحمد الشراع.
وبحسب ما أفادت به وكالة “رويترز”، اليوم الخميس، فإن رجال أعمال بارزين، ومسؤولين سوريين، ومحللين اقتصاديين، أعربوا عن تفاؤلهم بشأن تدفق وشيك لرؤوس الأموال إلى اقتصاد منهك، ظل يعاني لأكثر من عقد من الحرب، والعقوبات، والانقسام الداخلي.
“الخوف من العقوبات زال.. وسأستثمر”
من أبرز الأسماء التي أبدت استعدادها للعودة إلى السوق السورية، رجل الأعمال السوري الملياردير غسان عبود، المقيم في الإمارات، الذي أكد لـ”رويترز” أنه يخطط فعلياً للاستثمار في سوريا، متوقعاً أن يحذو الكثير من السوريين ممن يملكون علاقات وشبكات دولية حذوه.
وقال عبود: “الكثيرون كانوا يتجنبون الاستثمار والعمل في سوريا بسبب العقوبات والمخاطر القانونية المرتبطة بها. أما الآن، فإن هذا الخوف قد زال تماماً”.
وأضاف: “بالنسبة لي، لدي سببان واضحان للدخول إلى السوق: أولاً، رغبة حقيقية في دعم تعافي بلدي بكل السبل الممكنة، وثانياً، لأن سوريا اليوم تمثل أرضاً خصبة، يمكن لأي بذرة تُزرع فيها الآن أن تحقق هامش ربح ممتاز”.
وكشف عبود عن تحضيره لخطة استثمارية واسعة النطاق بمليارات الدولارات، ستركز على دعم الثقافة والفن والتعليم، باعتبارها قطاعات استراتيجية لبناء مجتمع متماسك.
اقتصاد جديد.. بفكر مختلف
رفع العقوبات لا يمثل مجرد خطوة إجرائية، بل يترافق مع تغير نوعي في شكل الاقتصاد السوري. إذ تشهد البلاد تحوّلاً جذرياً في بنيتها الاقتصادية، في ظل توجه القيادة الانتقالية الجديدة نحو تبني سياسات السوق الحرة، والانفتاح على العالم، بعد أكثر من خمس عقود من الاقتصاد المركزي الموجه الذي ميّز حقبة حكم عائلة الأسد.
وتعكس هذه التوجهات رغبة واضحة في القطع مع الماضي، وإعادة بناء اقتصاد حديث قائم على المنافسة والاستثمار، وفق ما يراه مسؤولون سوريون ومحللون.
تأييد خليجي وتركي.. وترقب أميركي
وكانت كل من السعودية وتركيا قد مارستا ضغوطاً على واشنطن لرفع العقوبات، معتبرتين أن المرحلة الجديدة في سوريا تقتضي فتح المجال أمام الدعم الاقتصادي والاستثمار.
وقال وزير الخارجية السعودي إن بلاده ترى في سوريا فرصاً استثمارية كبيرة، وجاهزة للدخول في قطاعات استراتيجية حال رفع العقوبات.
من جهتها، أعربت تركيا عن استعداد شركاتها وبنوكها للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار.
وقال أونور غينتش، الرئيس التنفيذي لمجموعة BBVA، التي تمتلك بنك “غارانتي BBVA” التركي: “رفع العقوبات سيمنح الشركات التركية فرصة للعمل بحرية، وسيسمح للبنوك بتمويل تلك المشاريع. إنه تطور إيجابي جداً بالنسبة لتركيا ولسوريا على حد سواء”.
الليرة تنتعش والأسواق تترقب
في أولى الإشارات الاقتصادية المباشرة على تأثير رفع العقوبات، شهد سعر صرف الليرة السورية تحسناً كبيراً عقب إعلان ترامب.
وأفاد متعاملون في السوق بأنها ارتفعت من نحو 12,600 ليرة للدولار إلى ما بين 9,000 و9,500، ما يعكس عودة تدريجية للثقة.
وقال وزير المالية السوري يسر برنية إن وزارته تلقت بالفعل اتصالات من مستثمرين في الإمارات والسعودية والكويت، أبدوا اهتماماً مباشراً باستكشاف فرص الاستثمار.
وأضاف برنية: “سوريا اليوم تمثل أرض الفرص. هناك إمكانات ضخمة في مختلف القطاعات، من الزراعة إلى الطاقة، ومن البنية التحتية إلى السياحة والنقل. ونحن نوجه دعوة مفتوحة لكل المستثمرين للانضمام إلى مسيرة إعادة البناء”.
عودة الحراك المصرفي: مؤشرات على انفراج
في العاصمة دمشق، كان كرم بشارة، المدير العام لبنك “الشهباء”، يتابع بثاً للقاء جمع ترامب بالرئيس السوري أحمد الشراع في الرياض، وعلّق قائلاً: “هناك حالة من الحماس غير المسبوق في الأوساط الاقتصادية.
وأضاف: “المشهد يبدو جيداً لدرجة يصعب تصديقها. نحن الآن على المسار الصحيح، ما لم تقع انتكاسات داخلية”.
تحفظ إسرائيلي ومخاوف أمنية مستمرة
ورغم أجواء التفاؤل، لا تزال المخاطر قائمة. إذ لم يتم نزع سلاح بعض الجماعات المسلحة، كما لا تزال المطالب الكردية بالحكم الذاتي تمثل تحدياً سياسياً كبيراً للإدارة السورية الجديدة.
كما تتخوف بعض الأقليات من مستقبل غير واضح المعالم، رغم تعهد الشرع بتبني نموذج حكم ديمقراطي وحماية حقوق جميع المكونات السورية.
وتبقى إسرائيل من أبرز المعارضين للقيادة السورية الجديدة، معتبرة أن الشراع لا يزال يحمل “إرثاً جهادياً”، وقد نفذت عشرات الضربات الجوية ضد مواقع داخل سوريا منذ اليوم الأول لسقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
رسائل سياسية قوية.. وتحركات سريعة
اعتبر المحلل الاقتصادي تيموثي آش أن قرار رفع العقوبات يمثل تحولاً نوعياً، قائلاً: “هذه إشارة سياسية قوية للغاية. إنها تمهد الطريق أمام سوريا للعودة إلى الحضن الإقليمي والدولي، والاندماج مع دول الخليج، والمنظمات المالية الدولية، والجاليات السورية في المهجر”.
ومن بيروت، قال المستثمر اللبناني عماد الخطيب إنه باشر فوراً تحركاته لتنفيذ مشروع استثماري في سوريا، مشيراً إلى أنه أعد دراسة جدوى لمعمل فرز نفايات في دمشق بقيمة 200 مليون دولار، وأن فريقاً من الخبراء توجه بالفعل إلى هناك لبدء الترتيبات.
وأضاف: “هذه هي الخطوة الأولى. وستتبعها خطوات أكبر، بإذن الله. سوريا أكبر من لبنان بعشرات المرات، والفرص فيها لا تُقدّر بثمن”، كما قال.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.