في مستشفى ناصر الطبي المتهالكة في غزة، يرقد الطفل عبد الكريم العربيد، البالغ من العمر عامًا واحدًا، وهو يصارع تدهورًا صحيًا مستمرًا منذ لحظة ولادته.

الطفل عبد الكريم العربيد

عبد الكريم الذي يعاني من ضمور بسيط في المخ، ترافقه نوبات تشنج عصبية متكررة وخطيرة، تصاحبها رعشة صرعية في العينين، إضافة إلى ارتخاء واضح في العضلات والأعصاب، ما جعله عاجزًا عن النمو أو التفاعل كغيره من الأطفال في عمره.

الطفل الفلسطيني عبد الكريم العربيد

وبحسب عائلة الطفل المصاب، فرغم ما بذله الأطباء بالقطاع من محاولات متكررة للتخفيف من معاناته، فإن انهيار المنظومة الصحية وضعف الإمكانيات الطبية ونقص العلاجات اللازمة في القطاع حال دون تحسن وضعه أو السيطرة على حالته الحرجة، لتبقى حياته معلقة بين الأمل والخطر وبين الحصول على تحويلة طبية للسفر للعلاج خارج القطاع.

الطفل الفلسطيني المصاب عبد الكريم العربيد

وفي 7 أكتوبر، أكد الدكتور منير البرش مدير عام وزارة الصحة في غزة، بحسب بيان للوزارة، أن 16 مستشفى فقط تعمل بشكل جزئي بعد إعادة تأهيلها، فيما 22 مستشفى خرجت من الخدمة كليًا نتيجة الدمار والاستهداف المباشر، موضحا أن القدرة الاستيعابية انخفضت من 6000 سرير قبل الحرب إلى 2000 سرير فقط حاليا.

وأضاف أن 50% من الأدوية نفدت بالكامل، و65٪ من المستلزمات الطبية غير متوفرة في مخازن الوزارة، لافتا إلى أن استهداف الكوادر الطبية أسفر عن 1671 شهيدًا و362 معتقلًا من العاملين في القطاع الصحي بسبب الحرب.

ويروى جد الطفل عبد الكريم العربيد، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، تفاصيل رحلة المعاناة قائلاً: "حفيدي كان حتى عمر أربعة أشهر تقريبًا طفلًا طبيعيًا، لكن حالته بدأت تتغير بعد ذلك، بسبب سوء تغذية والدته نتيجة المجاعة والحصار".

الحالة الصحية لعبد الكريم العربيد

وأضاف: "أول ما لاحظناه على الطفل كان عدم قدرته على الجلوس، وكان لا يهدأ إلا إذا بقي مستلقيًا على ظهره، وحاولنا مرارًا مساعدته على الجلوس، لكنه كان يبكي بشدة حتى نعيده إلى وضع الاستلقاء".

النقرير الطبي لعبد الكريم العربيد

وتابع بحزن: "شعرنا أنه بحاجة إلى متابعة طبية، وعندما بدأنا بالفحوصات تبين أنه يعاني من ضمور في الدماغ، ثم اكتشف الأطباء إصابته بزيادة في كهرباء المخ عندما كان في السابعة من عمره شهور".

وتحدث عن انهيار المنظومة الصحية في غزة، قائلا: "الوضع الطبي في القطاع بسبب الحرب صعب للغاية، حيث نقص في الأدوية والعلاج، لكننا رغم ذلك حاولنا تأمين الدواء له بشق الأنفس".

وأضاف: "بعد بدء العلاج، أصبح عبد الكريم ينام لساعات طويلة أكثر مما كان عليه، وبدأ يظهر عليه ارتخاء شديد في العضلات والأعصاب، ثم لاحظنا حركات لا إرادية في عينيه على شكل تشنجات، واليوم، وقد شارف عمره على عام كامل، لا يزال غير قادر على الجلوس أو التحكم بجسده مثل باقي الأطفال".