كشفت دار Giorgio Armani Privé عن مجموعتها للأزياء الراقية ر خريف وشتاء 2025-2026، خلال أسبوع باريس هوت كوتور، في قصر طوكيو، لم يكن هذا العرض كغيره من عروض أرماني، ليس فقط بسبب تصاميمه المبهرة، بل لأنه حمل لحظة إنسانية مؤثرة، مع غياب المصمم جورجيو أرماني للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين عن تقديم مجموعاته بنفسه، وذلك بسبب تعافيه من وعكة صحية،  ومع ذلك، بقيت روحه حاضرة في كل خيط، وكل قطعة، وكل إضاءة على منصة العرض، مؤكدًا أن الغياب الجسدي لا يعني الغياب الإبداعي.

أناقة الأسود في أجلى صورها

1. تحت عنوان "Noir Séduisant"، احتفت المجموعة بلون أرماني المفضل "الأسود"، ولكن لم يكن الأسود هنا مجرد خلفية أنيقة، بل كان مادة حيّة تتنفس وتنبض، يتلاعب بالضوء والظل، باللمعان والانطفاء، ويتحول إلى نسيج درامي مليء بالجاذبية، تمثلت رؤية أرماني في تقديم الأسود كوسيلة للتعبير عن القوة الصامتة، عن الأنوثة التي لا تحتاج إلى صراخ، وعن الأناقة التي لا تموت.
2. من البدلات المخملية السوداء ذات الخصر العالي، إلى السترات القصيرة ذات الأكمام الباغودية، تنقلت المجموعة بسلاسة بين الكلاسيكية الصارمة والابتكار الأنثوي، أضفت التفاصيل الدقيقة، من الزخارف الكريستالية إلى التطريزات الزهرية المتلألئة، بعدًا شاعريًا يبتعد عن الابتذال ويقترب من السحر.

بُعد مسرحي متقن

1. رغم أن أرماني يُعرف ببساطته المتقشفة وأناقة خطوطه النقية، إلا أن عرض "Noir Séduisant" كشف عن جانب مسرحي مدهش ولكن مضبوط بإتقان، لم تكن الفخامة هنا صاخبة أو استعراضية، بل تجلّت في التصعيد البصري الهادئ، أقمشة تتراقص مع الضوء، فساتين تنساب كالموج، وزخارف تنبض برقةٍ درامية مدروسة.
2. توهج الترتر على الأسطح المخملية لم يكن صدفويًا، بل أشبه بإضاءة موضعية على مسرحٍ مظلم، بينما بدت بعض الإطلالات وكأنها خارجة من مشهد سينمائي قديم، حيث تُروى القصة بالإيماءة والظل.
3. في هذا العرض، نجح أرماني في تحقيق توازن دقيق بين الانضباط والتأثير البصري، مقدّمًا أزياء لا تكتفي بأن تُرتدى، بل تُعرض وتُتذوق كقطعة من فن الأداء.

تراث أرماني: تصميم يتجاوز الغياب

1. كان الحضور الإعلامي والنخبوي في قصر طوكيو دليلاً على تقدير عميق لإرث أرماني. فمنذ إطلاق خط "Privé" في 2005، شكّل هذا الفرع من الدار مساحةً لتجسيد أعلى مستويات الحرفية والتفاصيل المصممة بعناية، وها هو عام 2025 يشهد عرضًا يكرّس هذا الإرث من جديد.
2. في خضم الغياب المؤقت للمصمم، تولى الفريق الإبداعي الداخلي زمام التنفيذ، ولكن تحت إشراف مباشر من أرماني من مقر إقامته في ميلانو، من تنسيق الألوان، إلى انتقاء الموسيقى، إلى خيوط التول الرفيعة التي زُينت بها بعض القطع، كل تفصيلة كانت موقّعة بروحه. بدا الأمر وكأنّ كل غرزة كانت توقيعًا على حضور لا يُنسى.

أناقة خالدة في زمن متسارع

1. في عصرٍ تتسارع فيه الإيقاعات وتتغير فيه صيحات الموضة بوتيرة لا تهدأ، تأتي مجموعة Giorgio Armani Privé هوت كوتور خريف وشتاء 2025-2026 لتُثبت أن الأناقة الحقيقية لا تخضع للزمن.
2. اختار أرماني، حتى في غيابه الجسدي، أن يُعبّر عن رؤيته من خلال تصاميم تحاكي البساطة الراقية والأنوثة المتزنة، متمسكًا بفلسفته الجمالية التي ترتكز على الهدوء، والدقة، والكمال الداخلي.
3. لم تنسق الأزياء لتثير ضجة عابرة، بل لتؤسس لحضور دائم، كما لو أن كل قطعة صُممت لتقاوم زوال اللحظة وتبقى شاهدة على ذوق لا يتأثر بالعواصف الموسمية، إنها أناقة لا تلهث خلف الجديد، بل تخلقه بصمتٍ وثقة.

عرض بلا مصمم 

1. ربما لم يُطل جورجيو أرماني على الجمهور في ختام العرض، لكنّ كل ما عُرض على المنصة كان بمثابة تحية حية لهذا الرجل الذي لا يزال يملي شروط الأناقة من بعيد، لقد أثبت أن المصمم الحقيقي لا يحتاج لأن يكون حاضرًا جسديًا ليطبع بصمته على الذاكرة، يكفي أن ينطق القماش نيابةً عنه.

2. رغم غيابه الجسدي عن منصة العرض، ظل جورجيو أرماني حاضرًا في كل تفصيلة من تفاصيل مجموعة "Noir Séduisant"، ففي قصر طوكيو، تألق العرض دون أن يطل المصمم على الحضور، لكنه لم يكن غائبًا؛ بل كان ظلّه مُلقى على كل قطعة، وكل تقاطع قماش، وكل لمسة مكياج.

3. جسّد هذا العرض المفارقة الجميلة بين الغياب الفيزيائي والحضور الإبداعي الطاغي، حيث أثبت أرماني أن العظمة الحقيقية لا تحتاج إلى حضورٍ صاخب، بل إلى رؤية متجذرة، تتحدث من تلقاء نفسها.