أزياء / ليالينا

طوني ورد يقدم مجموعة "تحت المدّ" لربيع 2026: حيث يلتقي الخيال بالذاكرة في عالمٍ غارق بالجمال

في موسم ربيع وصيف 2026، قدّم طوني ورد Tony Ward مجموعةً استثنائية من الأزياء الجاهزة تحمل عنوان تحت المدّ Under the Tide، رحلة بصرية وشاعرية تغوص في أعماق الجمال والذاكرة، في هذه المجموعة، لا يُعيد ورد اكتشاف الأنوثة فحسب، بل يُعيد تعريف العلاقة بين الفخامة والزوال، بين القوة والرقة، وبين ما يضيع وما يُستعاد من تحت أمواج الزمن. 

لم تكن هذه التشكيلة من مجموعة طوني ورد مجرد عرضٍ للأزياء، بل كانت قصيدة بصرية تنبض بالتأملات، حيث تتحرك الأقمشة كما لو كانت كائنات بحرية تتنفس الضوء، وتروي قصة حضارة خيالية أطلانتس، لا كمدينةٍ غارقة، بل كمرآةٍ تعكس هشاشة عالمنا الحالي وجماله العابر.

الإلهام: أتلانتس بين الأسطورة والواقع

  1. استوحى طوني ورد مجموعته من الأسطورة الإغريقية لأتلانتس، تلك المدينة الغامضة التي قيل إنها اختفت في أعماق البحر بعد أن كانت رمزًا للرفاهية والقوة.
  2. لكن ورد لم يُقدّم هذه الأسطورة من منظور الحنين إلى الماضي أو الفقد، بل من خلال إعادة تأملها كصورة معاصرة لعالمنا اليوم.

ففي زمنٍ يتأرجح بين التقدم المذهل والهشاشة البيئية، وبين الرفاهية المفرطة والقلق الوجودي، أراد ورد أن يطرح سؤالًا جوهريًا:

ما الذي يبقى عندما يبتلع المدّ كل شيء؟ جاءت الإجابة على لسان الأقمشة، التي بدت وكأنها تُحاكي تموّجات البحر، والقصّات التي تعكس حركة الموج، في مزجٍ بين الأسطورة والفلسفة والموضة، كانت المجموعة بمثابة تأمل في معنى البقاء بعد الزوال، وفي كيفية استمرار الجمال رغم تغير الزمن.

البنية والتفاصيل: حركة الماء مجسّدة في القماش

تميزت مجموعة "تحت المدّ" ببنيةٍ معمارية تُعيد تعريف التوازن بين النعومة والانسيابية والدقة التقنية للأقمشة، كانت كل قطعة تبدو كأنها تتحرك حتى وهي ساكنة، حيث جسّد طوني ورد فلسفة الحركة عبر الخياطة الدقيقة والتصميم المدروس.

  • كشكشة الأورجانزا تموجت بانسيابية تُحاكي تموّج التيار البحري.
  • طبقات الموسلين تناثرت على الفساتين كزَبَد البحر، بخفةٍ تلامس الهواء.
  • التطريزات الدقيقة بدت كالشعاب المرجانية التي استعادت الحياة وسط الأعماق.

أما الثنيات والطيّات، فقد جاءت بتوزيع غير متوقّع، تُفتح وتلتفّ بخطوطٍ حرة، تُجسّد الطبيعة غير المتوقعة لحركة المدّ والجزر، كانت الحرفية هنا ليست مجرّد تنفيذ، بل لغة بصرية تروي قصة البحر نفسه.

الألوان: لغة البحر وأمزجته المتحوّلة

حملت الألوان في مجموعة طوني ورد نبضًا عاطفيًا عميقًا، إذ لعبت دور الراوي في هذه الحكاية الغامرة بالجمال، فكل تدرجٍ لونيّ كان تعبيرًا عن مزاج البحر وأسراره:

  • الأزرق العميق استحضر عمق المحيط وغموضه.
  • الأخضر المائي عكس الصفاء والحياة الكامنة في الأعماق.
  • الليلك وزهر الكوارتز قدّما لمسة رومانسية تشبه غروب الشمس على سطح الماء.
  • الفضة والذهب الهادئ أضافا بريقًا معدنيًا يُذكّر بلمعان القمر على البحر.

جمعت هذه الألوان بين الهدوء والتحوّل، بين ما هو ساكن وما هو متغيّر، فبدت لوحة الألوان وكأنها خريطة وجدانية للروح وهي تغوص في المجهول.

الحرفية: بين الفخامة والحركة

  1. منذ بداياته، اشتهر طوني ورد بحرفيته العالية وقدرته على تحويل الخياطة إلى شكلٍ من أشكال النحت، لكن في هذه المجموعة، أخذ الإتقان منحًى جديدًا، حيث ركّز على الحركة بدلًا من الفخامة التقليدية.
  2. كانت كل خياطة وكل طيّة تحمل غرضًا شعوريًا قبل أن تكون زخرفيًا. فالتفاصيل الدقيقة لم تُضف فقط جمالًا بصريًا، بل أعطت القطعة حياةً خاصة، تُشعرك بأنها تتحرك مع الضوء وتتنفس.
  3. وقد استخدم ورد مزيجًا من الأقمشة الطبيعية والمعدّلة لتوليد تأثيرات بصرية تشبه الموج المتكسّر، مثل الموسلين الحريري، الأورجانزا المائية، التفتا اللامع، والدانتيل المتشابك مع خيوط الميتاليك الدقيقة.

القصّات والظلال: خفة تتحدى الجاذبية

في عالمٍ يميل إلى التصاميم الثقيلة والمبالغة في الزخرفة، جاءت مجموعة "تحت المدّ" لتُقدّم أشكالًا ظليّة تتنفس، تخفّ وتتحرّك مع الضوء.

  • كانت الفساتين الطويلة تنساب على الجسد كما تنساب المياه على الصخور، أما التنانير القصيرة فقد جاءت بطبقات شفافة تُظهر عمقًا في البنية دون إثقال المظهر.
  • ظهرت أيضًا البذلات الأنثوية الناعمة بخطوطٍ انسيابية، تُعيد تعريف القوة الأنثوية دون صلابة.
  • في بعض الإطلالات، أضاف ورد لمسات دراماتيكية هادئة عبر أكمامٍ منفوخة شفافة أو ذيول تمتد بخفةٍ خلف العارضات، في حركة تُذكّر بانسحاب الموج من الشاطئ.

التطريز والزخارف: ذاكرة من لآلئ البحر

  1. التطريز في هذه المجموعة لم يكن تزيينًا بقدر ما كان ذاكرةً مجسدة. فقد استُخدمت الخرزات الصغيرة والكريستالات بطريقةٍ تُشبه آثار الزمن على قاع البحر، وكأنها رواسب من حضارة أتلانتس الغارقة.
  2. ظهرت التطريزات على أطراف الفساتين أو عند الصدر والخصر بشكلٍ خفيف وراقٍ، تُشبه انعكاس الضوء تحت الماء، مما أضفى إحساسًا بالعُمق والتوهّج الداخلي.
  3. وقد برزت الدمى المعدنية الدقيقة والتطريز اليدوي على الأورجانزا الشفافة، لتخلق تباينًا بين الصلابة والنعومة، بين بريق المعدن وشفافية القماش.

الرمزية: الجمال الذي ينجو من الزوال

  • ما يجعل مجموعة “تحت المدّ” أكثر من مجرد عرضٍ للأزياء هو رسالتها الفلسفية العميقة.
  • ففي عالمٍ يتغير بسرعة، حيث يُمحى الجمال تحت ضغوط الحداثة، أراد طوني ورد أن يذكّر بأن الأناقة الحقيقية لا تغرق، بل تبقى حاضرة حتى وإن تآكلت.
  • كانت كل قطعة في العرض بمثابة استعارة عن الصمود الأنثوي، عن القدرة على البقاء أنيقة رغم التحوّل، قوية رغم الانكسار، ولامعة رغم الغمر.

يقول ورد في روح المجموعة:

الزوال ليس نهاية الجمال، بل بدايته من جديد.”

بهذا المعنى، يصبح كل فستانٍ كائنًا حيًا من عالمٍ أسطوري، يخرج من تحت الماء ليُعيد رواية قصته.

الرؤية الفنية: بين الشعر والموضة

  1. من الواضح أن طوني ورد لم يصمّم “تحت المدّ” كمجموعة أزياء فحسب، بل كعملٍ فنيّ متكامل يجمع بين التصميم والنحت والرؤية الشعرية، كل قطعة تشبه مشهدًا سينمائيًا من ٍ عن الحنين والجمال المفقود.
  2. الصور الدعائية للمجموعة، التي صُورت بأسلوب ضبابي ناعم، عززت هذا الطابع الحلمي، حيث بدت العارضات ككائنات بحرية ضائعة بين الأسطورة والواقع.
  3. تتحرك المجموعة بين الرومانسية والرمزية، بين النعومة التي تلامس القلب والدقة التي تُدهش العين، مما يجعلها واحدة من أكثر مجموعات طوني ورد اكتمالًا من حيث الرؤية والهوية الفنية.

أتلانتس التي لا تغرق

  1. مع "تحت المدّ"، أعاد طوني ورد تعريف مفهوم الفخامة في زمنٍ يبحث فيه العالم عن المعنى. لم تكن مجموعته عن الهروب من الواقع، بل عن العودة إلى جوهر الجمال كقوةٍ خالدة، قادرة على النجاة من النسيان كما تنجو اللآلئ من العواصف.
  2. في نهاية العرض، ومع آخر فستانٍ من التفتا الفضي المتلألئ، شعر الحضور وكأنهم يشهدون ولادة جديدة لأتلانتس، ليست تحت البحر هذه المرة، بل في خيال كل من يؤمن بأن الأناقة قادرة على النجاة من كل شيء.
  3. بهذه المجموعة، يواصل طوني ورد رحلته الفنية كأحد أبرز مصممي العالم العرب في تقديم الموضة كفنٍّ روحيٍّ حيّ، يجمع بين التقنية، الفلسفة، والخيال، ليذكّرنا بأن حتى تحت المدّ، يظل الجمال يتنفس.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا