مصر اليوم / الحكاية

وسط مخاوف من أزمات مماثلة.. " المتجددة" متهم رئيسي في انقطاع الكهرباء الأوروبي "الأكبر في التاريخ"

شهدت إسبانيا والبرتغال، الاثنين، انقطاعًا هائلًا للتيار الكهربائي أثر على عشرات الملايين من السكان وشل حركة النقل والمواصلات والخدمات الأساسية.

ويُعد هذا الانقطاع الأكبر في تاريخ أوروبا، متجاوزًا أزمة إيطاليا وسويسرا عام 2003 التي أثرت على 56 مليون شخص.

في الوقت الذي وصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الوضع بأنه "غير مسبوق"، قائلًا: "هذا لم يحدث من قبل"، حسبما نقلت صحيفة بوليتيكو.

أرجع إدواردو بريتو، مدير شركة النقل الإسبانية للكهرباء "ريد إليكتريكا"، سبب الانقطاع إلى "تذبذب قوي جدًا في شبكة الكهرباء" أدى إلى "انفصال نظام الإسباني عن النظام الأوروبي، وانهيار شبكة الكهرباء في شبه الجزيرة الإيبيرية في الساعة 12:38"، وفقًا لما أوردته بوليتيكو.

ورغم المخاوف الأولية من احتمال وقوع هجوم إلكتروني، خاصة في ظل دعم إسبانيا لأوكرانيا ضد روسيا وموقفها من الحرب في غزة، إلا أن تيريزا ريبيرا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، استبعدت هذه الفرضية، قائلة إنه "لا يوجد ما يسمح لنا بالقول إن هناك أي نوع من التخريب أو الهجوم الإلكتروني".

ومن جانبه، امتنع سانشيز عن تقديم تفسيرات محددة في مؤتمره الصحفي، قائلًا: "ما تسبب في ذلك هو شيء لم يحدده الخبراء بعد - لكنهم سيفعلون ذلك"، مضيفًا أنه "لم يتم استبعاد أي فرضية، وكل سبب محتمل يخضع للتحقيق".

وفقًا لخبراء الطاقة، فإن استعادة التيار الكهربائي بعد انقطاع بهذا الحجم تمثل تحديًا تقنيًا كبيرًا.

وشرح ليوناردو ميوس، الأستاذ المتخصص في الكهرباء بالمعهد الجامعي الأوروبي، أن مشغلي الشبكات اضطروا لاتباع عملية "معقدة تقنيًا للغاية" لإعادة تشغيل نظام الطاقة.

وأضاف سولومون براون، الأستاذ المتخصص في أنظمة الطاقة بجامعة شيفيلد في تصريحات نقلتها بوليتيكو: "بما أن الشبكتين قد انهارتا، سيتعين إعادة تشغيلهما، مما يعني أن مشغل الشبكة سيقوم ببطء بتشغيل مولدات رئيسية متطابقة مع المستخدمين في مناطق الشبكة التي تتوسع ببطء، حتى يعود النظام بأكمله للعمل ويمكن إعادة توصيله بالشبكات الخارجية".

واعتمدت عملية الاستعادة على المساعدات من الدول المجاورة، حيث قدمت شركة الشبكة الفرنسية RTE 700 ميجاواط من الكهرباء إلى إسبانيا، بالإضافة إلى إمدادات الطاقة من ، مما ساعد في استعادة التيار في معظم المناطق الشمالية والجنوبية من شبه الجزيرة الإيبيرية بحلول فترة ما بعد الظهر.

وتسبب انقطاع التيار الكهربائي في اضطرابات هائلة في الحياة اليومية، وكشفت صحيفة "التلجراف" البريطانية عن صورة قاتمة للوضع حيث اضطرت المستشفيات للتحول إلى مولدات الطوارئ، وتعطلت إشارات المرور مما أدى إلى فوضى مرورية.

كما تأثرت شبكات الهاتف المحمول، مما دفع الناس للاعتماد على أجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات للحصول على المعلومات.

ونفذ عمال الطوارئ 286 عملية إنقاذ لتحرير أشخاص محاصرين داخل المصاعد في مدريد وحدها، بينما اضطر الركاب للفرار عبر الأنفاق المظلمة في شبكات المترو.

وأعلنت شركة المياه البرتغالية EPAL أن إمدادات المياه قد تتعرض للانقطاع أيضًا، مما فاقم من حدة الأزمة.

وتشكلت طوابير طويلة أمام المتاجر لشراء مستلزمات الطوارئ كمصابيح الغاز والمولدات والبطاريات.

وعلى صعيد حركة السفر، علقت الرحلات في مطار لشبونة حتى الساعة العاشرة مساءً على الأقل، بينما عملت مطارات مدريد وبرشلونة بقدرة مخفضة حتى إشعار آخر.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذا الانقطاع أثر على نحو 100 ألف مسافر بريطاني، حيث كان من المقرر مغادرة أكثر من 500 رحلة جوية من إلى مطارات إسبانيا والبرتغال يوم الاثنين.

وأثار الانقطاع الكهربائي جدلًا واسعًا حول دور الطاقة المتجددة في تعزيز هشاشة شبكات الكهرباء، إذ نقلت "ذا تليجراف" عن خبراء الطاقة أن الاعتماد الكبير على مزارع الطاقة الشمسية والرياح في إسبانيا جعل شبكة الطاقة في المنطقة عرضة لمثل هذه الأزمات.

وتظهر البيانات التي أوردتها الصحيفة أن إسبانيا شهدت تحولًا كبيرًا في مصادر طاقتها خلال العقدين الماضيين، حيث انخفضت نسبة الاعتماد على الوقود الأحفوري من 80% إلى أقل من 50%، بينما ارتفعت نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 50.3% بحلول عام .

وفي يوم الانقطاع، كانت الطاقة الشمسية توفر حوالي 53% من الكهرباء في إسبانيا، مع 11% إضافية من طاقة الرياح، وذلك قبل الانهيار مباشرة.

وأوضحت كاثرين بورتر، محللة الطاقة المستقلة، المشكلة قائلة: "في بيئة منخفضة القصور الذاتي، يمكن أن يتغير التردد بشكل أسرع بكثير. إذا كان لديك عطل كبير في الشبكة في منطقة ما، فإن مشغلي الشبكة لديهم وقت أقل للرد، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إخفاقات متتالية إذا لم تتمكن من السيطرة عليها بسرعة".

وأضاف دنكان بيرت، مشغل الشبكة البريطاني السابق ورئيس استراتيجية شركة Reactive Technologies: "إذا كان لديك يوم عالٍ جدًا من الطاقة الشمسية، فإن شبكتك تكون أقل استقرارًا، ما لم تتخذ إجراءات للتخفيف من ذلك".

ومع ذلك، فقد نفى ليوناردو ميوس أن تكون الطاقة المتجددة هي السبب في الانقطاع الكهربائي، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض في السنوات الأخيرة عدة مجموعات من القواعد لمنع مولدات الطاقة المتجددة من الانفصال عن الشبكة بطريقة تعرض النظام للخطر.

وأيّد هذا الرأي دانيال موير، محلل الطاقة الأوروبية في S&P Global، إذ قال إن "طبيعة وحجم الانقطاع يجعلان من غير المرجح أن يكون حجم المصادر المتجددة هو السبب"، مضيفًا أنه "كان هناك توليد تقليدي كافٍ متاح، مع تقنيات نووية ومائية وحرارية كلها موجودة في النظام قبل الحدث".

الاتصال بين الشبكات

يُشكل انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال تحديًا كبيرًا للسياسة الأوروبية في مجال الطاقة، خاصة مع ضغط المفوضية الأوروبية على شبه الجزيرة الإيبيرية للربط بشكل أفضل بشبكات أوروبا، كما أوضحت بوليتيكو.

وقالت براثيكشا رامداس، محللة الطاقة الأولى في شركة Rystad الاستشارية، إن المزيد من الروابط عبر الحدود كان يمكن أن يعزز قدرة إسبانيا على موازنة العرض والطلب واستيراد الكهرباء، لكنها حذرت أيضًا من أن "زيادة الاتصال قد تعرض لخطر نشر عدم استقرار التردد في الأنظمة المجاورة"، مما يخلق تأثير الدومينو من انقطاعات التيار الكهربائي المتتالية عبر دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

وحذرت المحكمة الأوروبية للمدققين، وهي هيئة مستقلة تشرف على الإنفاق في الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من هذا الشهر من أن نمو الطاقة المتجددة يجعل من الصعب موازنة شبكات الكهرباء في البلدان المختلفة.

وقالت في تقرير: "مصادر الطاقة المتجددة لديها تقطع وتقلب أعلى؛ لأن إنتاجها يعتمد على الظروف الجوية، وهذا يجعل موازنة النظام أكثر تحديًا".

الأزمة في أرقام

يتجاوز هذا الانقطاع في حجمه أزمة إيطاليا عام 2003، ليصبح بذلك أكبر انقطاع للكهرباء في تاريخ أوروبا.

ومع ذلك، فهو يظل أصغر بكثير من أكبر انقطاع للكهرباء في التاريخ، الذي وقع في الهند عام 2012 عندما بقي 700 مليون شخص، أي ما يقرب من 10% من سكان العالم آنذاك، بدون كهرباء.

وفي مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، عقد مجلس الوزراء البرتغالي اجتماعًا طارئًا، وزار بيدرو سانشيز شركة "ريد إليكتريكا" لمتابعة جهود استعادة الشبكة.

واضطرت إسبانيا لتفعيل إجراءات الطوارئ وإعادة تشغيل محطات الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء البلاد، واستيراد الطاقة عبر كابلات عملاقة من فرنسا والمغرب.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا