قالت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الإثنين، 22 سبتمبر 2025، بأن إسرائيل تعترف ضمنيًا بدقة حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة ، رغم إنكارها رسميًا.
وبحسب معطيات وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد أكثر من 65 ألفا و283 شهيدا في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأصيب أكثر من 166 ألفًا آخرين.
ورغم إصرار الحكومة الإسرائيلية على إنكار هذه الأرقام في تصريحاتها الرسمية، فإن مسؤولين عسكريين وسياسيين إسرائيليين كرّروا خلال الأشهر الماضية تقديرات قريبة جدًا من هذه المعطيات، بما يعكس إقرارًا ضمنيًا بدقتها، رغم الإنكار الرسمي.
ففي لقاء مع مستوطنين في "عين هبسور"، وفقا لصحيفة "هآرتس"، أقر رئيس الأركان السابق، هرتسي هليفي، بأن "أكثر من 10%الأ من سكان غزة قُتلوا أو جرحوا"، واعترف أن سكان القطاع قبل حرب الإبادة بلغ 2.2 مليون نسمة، مضيفًا أن ما يجري "ليس حربًا ناعمة".
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، قد أقر بدوره، في آذار/ مارس 2024، بأن جيشه قتل 13 ألفًا من عناصر المقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن نسبة المدنيين إلى المقاتلين تتراوح بين 1 و1.5 مدني لكل مقاتل، وهي معادلة تقود بدورها إلى حصيلة تقارب تلك الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
والمعطيات الفلسطينية مدعومة بقوائم تفصيلية بأسماء الشهداء وأرقام هوياتهم، التي تصدرها إسرائيل نفسها، ما يجعل إنكارها أمرًا شديد الصعوبة. بل إن امتناع الحكومة الإسرائيلية عن دحض هذه القوائم خلال العامين الماضيين عُدّ دليلًا إضافيًا على مصداقيتها.
اقرأ أيضا/ غـزة: نازحون محاصرون وسط تصعيد عسكري مُكثّف يُخلف 11 شهيدا
في المقابل، يتركز الجدل داخل إسرائيل على هوية الضحايا، أي نسبة المقاتلين مقارنة بالمدنيين. لكن بيانات الجيش الإسرائيلي نفسه تكشف الفجوة: ففي آب/ أغسطس الماضي، أعلن المتحدث العسكري أن قواته قتلت "أكثر من ألفين و100 مقاتل" منذ استئناف الهجوم في 18 آذار/ مارس الماضي، بينما سجّلت وزارة الصحة الفلسطينية في الفترة نفسها 10,576 شهيدًا. وبذلك فإن ما لا يقل عن 80% من الضحايا مدنيون.
وعززت تقديرات ميدانية سابقة هذه الصورة؛ ففي أيار/ مايو 2024 أظهر تحليل استند إلى قاعدة بيانات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) أن عدد مقاتلي " حماس " و"الجهاد الإسلامي" الذين استشهدوا لم يتجاوز 8,900، مقابل نحو 53 ألف شهيد إجمالي في القطاع، أي أن 17% فقط من الضحايا كانوا مقاتلين.
وتكشف المعطيات التفصيلية لوزارة الصحة أن 46% من الشهداء نساء وأطفال دون سن 18 عامًا، بينهم أكثر من 940 رضيعًا قُتلوا قبل أن يتموا عامهم الأول. هذه النسبة تُعدّ الأعلى عالميًا منذ تسعينيات القرن الماضي، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية في غزة.
وتتجاهل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الرد على كثير من الاستفسارات بشأن هجمات أوقعت أعدادًا كبيرة من الضحايا. فقد رفضت تقديم تفسير لأكثر من 29 غارة موثقة في آب/ أغسطس أودت بحياة 180 مدنيًا، كما تجاهلت أسئلة حول استشهاد 23 فردًا من عائلة زقوت، قبل أيام.
وأظهر تحقيق نشره مؤخرًا مركز "ACLED" الأميركي لتوثيق الصراعات أنّ عدد المقاتلين الفلسطينيين الذين قُتلوا لا يتجاوز 1100 شخص، أي أقل من 10% من إجمالي الضحايا. كما سبق أن شككت تحقيقات دولية في رواية الجيش الإسرائيلي. ففي شباط/ فبراير 2024، خلص تحقيق لشبكة "بي بي سي" إلى أن ادعاء إسرائيل مقتل 10 آلاف مقاتل غير واقعي.
بدوره، وجد مركز "Airwars" أن نسبة النساء والأطفال الشهداء في الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب كانت غير مسبوقة عالميًا، وأن من بين 606 غارات وثّقها لم يظهر سوى في 26 منها دليل على مقتل مقاتل في فصائل المقاومة الفلسطينية. أما منظمة "Action on Armed Violence" فقد قدّرت، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أن 74% على الأقل من مجمل الضحايا في غزة كانوا مدنيين.
في موازاة ذلك، أكدت تقارير حقوقية وصحافية أن سياسة النار الإسرائيلية تسمح بقتل جماعي للمدنيين حتى في غياب تهديد حقيقي أو عندما يكون الهدف شخصية ميدانية ثانوية. كما أن سير العمليات العسكرية نفسها يوضح غياب القيود. فقد اعترف هليفي، خلال اللقاء ذاته في "عين هبسور"، بأن الجيش الإسرائيلي "نفّذ هجمات بكميات هائلة في كل أنحاء الشرق الأوسط على مدى عام ونصف تقريبًا"، مضيفًا: "لم يحدث أن قيّدني أحد – حتى المدعية العسكرية العامة". هذا التصريح يعكس سياسة متعمدة تقوم على إطلاق اليد للجيش بلا ضوابط، ما يفسر الأعداد المرتفعة جدًا للضحايا المدنيين في غزة.
الانشغال بالأرقام قد يُغفل أن وراءها مأساة إنسانية لا يمكن تصورها. إلا أن التحقيقات والحقائق الميدانية تظهر زيف الرواية الرسمية الإسرائيلية. فهي تؤكد أن الغالبية الساحقة من الضحايا مدنيون، وأن الأرقام الفلسطينية أقرب للواقع بكثير من الأرقام التي تعترف بها علنًا المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
ورغم توالي هذه الشهادات والوثائق، يصرّ الجيش الإسرائيلي في بياناته على أنه "يبذل جهدًا لتقليل المساس بالمدنيين"، مدعيا أن الأرقام المنشورة "لا تعكس تقديراته". لكن الصور الخارجة يوميًا من غزة تفضح حجم الكارثة: جثث متفحمة، أطفال محمولون على الأكتاف أو محشورون تحت الأنقاض، وعائلات أُبيدت بالكامل. مشاهد تُثبت أن الأرقام لم تعد مجرّد إحصاءات، بل مأساة إنسانية غير مسبوقة.
المصدر : عرب 48
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة وكالة سوا الاخبارية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من وكالة سوا الاخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.