منوعات / صحيفة الخليج

د. خالد العناني أول مدير عربي لـ«اليونسكو»: نموذج يُحتذى في حماية التراث

حوار: أحمد صالح
في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تصوت 194 دولة عضوة في منظمة اليونسكو، للموافقة على اختيار د. خالد العناني مديراً للمنظمة، وهو أول عربي يشغل هذا المنصب منذ تأسيسها عام 1945.
وفي لقاء حصري مع «الخليج» ثمن د. العناني دور في الاستثمار لحماية المواقع التراثية، وتأسيس مؤسسات متخصصة مثل مركز «إيكروم الشارقة»، ودعم مشاريع تعليمية وثقافية رائدة، ما يجعلها شريكًا مثاليًا لليونسكو.
ويتناول د. العناني في حواره، أهم محاور أجندته والأفكار والرؤى التي سيعمل بها خلال توليه المنصب.
* ما أبرز الأفكار والأولويات التي ستنفذها خلال المرحلة المقبلة؟
- اعتبر نفسي ممثلاً لجميع الدول الأعضاء الـ193، وليس فقط للدول التي دعمتني في المجلس التنفيذي. وقد تواصلت مع الجميع خلال فترة الحملة للحصول على الثقة في قيادة المنظمة في مناخ من الاحترام، والاستماع، والتعاون، وهو النهج ذاته الذي سأواصل اتباعه في المرحلة المقبلة.


وفي حال نيلي ثقة المؤتمر العام في 6 نوفمبر المقبل، أبدأ فترة 100 يوم من التشاور الواسع مع الدول الأعضاء لصياغة خريطة طريق مشتركة وواضحة، تقوم على الحوار والمنهجية والشفافية.
وأؤمن أن الثقة هي الأساس الأول لأي منظمة ناجحة، وأن بناءها يبدأ من التواصل الصادق والمشاركة الفعلية في صنع القرار.

التحديات


* ما التحديات الكبرى التي تراها تواجه المنظمة خلال المرحلة المقبلة؟
-التحدي الأول يتمثل في إعادة تقديم اليونسكو إلى العالم بكل أبعادها.
فالكثيرون يعرفون المنظمة من خلال دورها في الثقافة والتراث، لكنهم لا يدركون حجم عملها في مجالات أخرى لا تقل أهمية مثل التعليم والعلوم والاتصال.
لذلك، فإن تعزيز حضور اليونسكو في وعي الناس، وإظهار أثرها في حياتهم اليومية، سيكونان أولوية قصوى.
أما التحدي الثاني، فهو الموارد. فبينما تتزايد التوقعات من المنظمة، تبقى إمكانياتها محدودة، ما يستدعي تنويع مصادر التمويل العامة والخاصة في إطار من الشفافية والالتزام بولاية المنظمة، لضمان أن تُوجَّه كل مساهمة لخدمة المصلحة العامة دون استثناء.
والتحدي الثالث تعزيز الكفاءة الداخلية للمنظمة، وتبسيط الإجراءات، وتوثيق بين المكاتب الميدانية والإدارة المركزية، بحيث تُتخذ القرارات أقرب ما يمكن من الميدان، لتكون الاستجابة أسرع وأكثر فاعلية.
ويجب أن تبقى اليونسكو ساحةً عالمية للحوار والثقة، في عالم يزداد انقسامًا وشكًّا، ومهمتها الحقيقية هي أن تظل جسرًا يربط بين الشعوب حول قيم إنسانية مشتركة.

حماية المواقع


* كيف ستتعامل مع مسألة حماية المواقع الأثرية والعلمية والسياحية التي تحتاج إلى دعم دولي؟
-حماية التراث مسؤولية مشتركة تتطلب عملاً جماعيًا منسقًا بين الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وتكمن قوة اليونسكو في قدرتها على جمع هذه الأطراف معًا في إطار شراكة شفافة وأخلاقية، تحترم سيادة الدول وتخدم هدفًا واحدًا هو حماية التراث الإنساني المادي وغير المادي.


كما أن هناك أهمية كبرى للتعاون العلمي والتقني، من خلال إشراك الجامعات ومراكز البحث العلمي والمجتمعات المحلية في مشروعات الحماية والترميم.
وأسعى إلى أن تصبح اليونسكو منصة لتعبئة الموارد الدولية وتيسير الوصول إلى التمويل، بما يعزز من قدرة الدول على تنفيذ مشروعات صون التراث بطرق مستدامة وفعّالة.

التعاون الدولي


كيف ترى مستقبل التعاون الدولي داخل اليونسكو؟ وهل هناك توافق بين الدول الأعضاء على أهداف المنظمة؟
- التعاون الدولي جوهر وجود اليونسكو، فهي من آخر المنابر التي تجمع 193 دولة حول قيم مشتركة، رغم اختلاف الأنظمة والتوجهات.والخلافات بين الدول أمر طبيعي، ودور المنظمة تحويل الاختلاف إلى حوار، والحوار إلى عمل مشترك. ولمست خلال جولاتي الانتخابية حجم التقدير الذي تحظى به المنظمة، والرغبة الصادقة لدى الدول في الحفاظ على روح التعاون والتعددية.
وسوف أعمل على تعزيز هذه الروح داخل المنظمة، وأن تبقى اليونسكو بيتًا للجميع، لا تنحاز إلى أحد، بل تبني الجسور حيث يعجز الآخرون عن التواصل.
* ما رؤيتك بشأن تسجيل مواقع وأنشطة جديدة على قوائم التراث الثقافي غير المادي؟
- التراث الثقافي غير المادي جوهر رسالة اليونسكو، لأنه يعكس هوية الشعوب وذاكرتها ويعبّر عن التنوع الإنساني.
وعملية التسجيل يجب أن تبقى قائمة على معايير عادلة وشفافة وموضوعية، لضمان تمثيل جميع الثقافات دون تمييز.
وتتمحور رؤيتي حول ثلاثة اتجاهات أساسية:
. تقديم دعم تقني للدول التي تفتقر إلى الموارد الكافية لإعداد ملفاتها الثقافية.
. تشجيع الترشيحات المشتركة بين الدول المتجاورة لإبراز الروابط الحضارية المشتركة.
. التركيز على التعليم ونقل المعرفة للأجيال الجديدة لضمان استمرار التراث حياً ومتجدداً.
وقد أشدت في أكثر من مناسبة بالدور الذي تقوم به الإمارات من خلال مركز «إيكروم الشارقة» الذي يطمح إلى حماية التراث الثقافي في المنطقة العربية، حيث يركز المركز على التراث المعماري والأثري الملموس، بما في ذلك المجموعات التراثية، والأماكن التاريخية، المواقع والصروح التاريخية. ويهدف إلى تحسين قدرات المؤسسات التراثية الرسمية لإدارة المواقع التراثية ومجموعات المتاحف على أسس مستدامة من خلال مجموعة من النشاطات الإقليمية التعليمية والميدانية، وبناء القدرات والتدريب، تقديم الاستشارات، نشر المعلومات، إقامة المؤتمرات، ورشات العمل والندوات، واعتبره نموذجًا يحتذى في التعاون البناء بين المنظمة والدول الأعضاء.

أجندة


* ما موقع العالم العربي في أجندة عملك المقبلة داخل المنظمة؟
- أعتز بانتمائي العربي، وأعتبر أن الدعم الذي تلقيته من جامعة الدول العربية ومن العديد من الدول العربية يعكس روحًا من الوحدة والتضامن الإقليمي. والعالم العربي يمثل أحد المراكز التاريخية للحضارة الإنسانية، بما يحمله من تراث وثقافة وإبداع.
والثقافة العربية تحمل في جوهرها قيم الحوار والتعايش، وهي القيم ذاتها التي تسعى اليونسكو لترسيخها عالميًا.
وفي الوقت نفسه، أرفض أي شكل من أشكال التمييز أو المحاباة الإقليمية، والمنظمة يجب أن تعمل بروح العدالة والتوازن لخدمة جميع الدول وفق احتياجاتها وأولوياتها.
أنظر إلى المنطقة العربية باعتبارها محورًا حضاريًا وثقافيًا أساسيًا، وإلى والإمارات على وجه الخصوص كأركان لا غنى عنها في أي أجندة تطويرية للمنظمة خلال الفترة المقبلة. مصر، بتاريخها العريق وتراثها العالمي الفريد، توفر منصة طبيعية لليونسكو لتنفيذ حماية التراث وتعزيز التعليم والفنون والثقافة.
والإمارات تُعتبر نموذجًا يحتذى على مستوى العالم، فهي لم تكتفِ بالاستثمار في حماية المواقع التراثية، بل أسست مؤسسات متخصصة مثل «إيكروم الشارقة»، ودعمت مشاريع تعليمية وثقافية رائدة، ما يجعلها شريكًا مثاليًا لليونسكو في تحويل الرؤية الثقافية إلى برامج عملية ومشاريع ملموسة على الأرض.
من ناحية أخرى، أسعى إلى تعزيز التعاون الإقليمي، بحيث تستفيد اليونسكو من القدرات والمبادرات العربية في حماية التراث، وتعزيز التعليم الفني والإبداعي، وتطوير المدن الإبداعية، وربط الثقافة بالاقتصاد والسياحة. والمنطقة العربية ليست مجرد طرف في السياسة الثقافية الدولية، بل قوة حقيقية قادرة على قيادة المشهد العالمي في الثقافة والمعرفة والابتكار، والإمارات تمثل نموذجًا ملهمًا في هذا المجال، يشكل مرجعية لكل المبادرات المستقبلية.

التطور التكنولوجي


* ما موقفك من التطور التكنولوجي المتسارع ودور الذكاء الاصطناعي في مجالات عمل اليونسكو؟
- الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة علمية هائلة تفتح آفاقًا واسعة في مجالات التعليم والعلوم والثقافة والبيئة، لكنه يثير في المقابل تحديات أخلاقية واجتماعية كبرى.
وأثمّن التجربة الرائدة التي حققتها الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، معتبرًا إياها نموذجًا ناجحًا على قدرة العالم العربي على أن يكون شريكًا فاعلًا في مسيرة الابتكار العالمي. فالذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداةً لخدمة الإنسان لا لاستبعاده، وأن يُستخدم لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الدول.
وفي هذا الإطار، أسعى إلى تفعيل التوصية العالمية التي أصدرتها اليونسكو عام 2021 بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من خلال دعم الدول النامية لبناء قدراتها التقنية، وتعزيز التعليم والبحث العلمي في هذا المجال، فضلاً عن تشجيع التعاون الدولي لتبادل الخبرات والمعرفة.
وأريد أن أجعل من اليونسكو البيت العالمي الذي تلتقي فيه التكنولوجيا بالقيم الإنسانية، لتظل المنظمة حاميةً للكرامة البشرية، ومنارةً للعلم والثقافة والسلام.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا