يُشكل وجود مساحات بين الأزواج في الحياة الاجتماعية حواجز تعيق التواصل العاطفي والتفاهم وفقدان الجاذبية بينهم، ويؤدي عدم كسر هذه الفواصل إلى التأثير سلبياً في العلاقة الزوجية، وعلى الرغم من أن الاحترام المتبادل يتجلى أحياناً في ترك مساحة آمنة للصمت والخجل، إلا أن عدم التحدث عن المشاعر والمتطلبات بصراحة قد يمنع بناء جسور التواصل وزيادة الفجوة والشعور بالوحدة والانعزال وعدم الانسجام.
رصدت «الخليج» مجموعة من آراء الأزواج والمتخصصين حول الأسباب والعوامل التي تزيد من فجوة هذه المساحات على الرغم من طول العشرة.
يقول غريب الكعبي: الخجل والحياء والاحترام من الصفات الجميلة التي تتسم بها الزوجة، إلا أنها تتسبب في بعض الأحيان في زيادة المسافة وعدم التواصل الجيد بين الزوجين، ويؤدي الحياء المفرط بين الشريكين إلى تحول العلاقة إلى جافة وقاتمة.
ويضيف: على الرغم من توارث بعض العادات من الماضي، ومنها على سبيل المثال عدم تناول الزوجة الطعام في وقت واحد مع زوجها، إلا بعد انتهائه، وعدم القدرة على طلب مصروف خاص لشراء احتياجاتها أو عند الذهاب لأهلها، ولذلك على الرجل أن يبذل جهداً في فهم جذور الخجل لدى شريكته وتحديد الأسباب، وتخصيص الوقت الكافي للحوار الزوجي وتشجيعها على التعبير عن نفسها.
تقول روجينا بشاي، إن عدم التواصل والحرص على الحوار الزوجي يُعد أبرز المشكلات التي تزيد من فجوة بُعد المسافات بين الشريكين حتى بعد سنوات طويلة من العلاقة، وخاصة أن بعض النساء لا يستطعن التعبير عن المشاعر العميقة الإيجابية أو السلبية نتيجة تأصل جذور الخجل منذ الطفولة، ويزيد الأمر سوءاً مع استصعاب الكثير من الأزواج بالاهتمام بهذه الأحاسيس والتعامل معها، ولذلك على الرجل أن يذيب المسافات ويخصص وقتاً للحديث مع زوجته، وعليها أن تكسر حاجز الخجل وتشجع نفسها على التقرب وفهم طبيعة زوجها.
ثقل القلوب
يقول علاء معصراني، إن المسافات بين الشريكين يكون أساسها الخجل، وهو أيضاً جزء من إنسانيتنا يرافقنا حتى في أقرب العلاقات، وعلى الرغم من أن العشرة الطويلة تزيل الكثير من الحواجز والعقبات في العلاقة الزوجية إلا أنها لا تنهيها جميعها، إذ إن بعض جوانب الحياة تبقى غامضة وكأنها محاطة بالخجل الخفيف الذي يضفي على العلاقة الزوجية نوعاً من التوازن.
ويتابع: الفضفضة أكثر الأمور حساسية في العلاقة الزوجية، إذ إن إعلام الشريك بما يثقل القلوب أمر غاية في الصعوبة حتى في حضور التفاهم والعاطفة، وذلك لعدة أسباب أهمها عدم الرغبة بالظهور ضعفاء ورغبة منا في حماية الطرف الآخر من الأعباء النفسية، ما يدفعنا للصمت أو التخفيف من حقيقة ما نشعر به، بدافع الخوف من إثقال العلاقة.
ويضيف: يعتبر طلب المصاريف من أبرز هذه الجوانب، فالمال يرتبط بجملة من المعاني والمشاعر، فمثلاً عندما يطلب أحد الزوجين دعماً مادياً، قد يتسلل إليه شعور داخلي بالحرج، وكأنه يعلن عن ضعفه أو عجزه، ورغم أن هذا الخجل ليس منطقياً في غالب الأحوال، إلا أنه انعكاس لفكرة الاستقلال المادي وفي الكرامة الشخصية.
تزايد الفجوة
تشير كارين سابا، إلى أن الخجل من المشاعر الطبيعية التي يواجهها الزوجان ببداية الحياة الزوجية، حيث إن الفتاة عادة يكون كل استنادها على نفسها أو أهلها وخاصة في الأمور المادية، وينتقل هذا الاعتماد على الزوج في حال عدم وجود وظيفة والتزامها بالمنزل، وتسير الحياة بشكل سلس ويسير في حال أشعرها الرجل بأنها شريكة وليست عبئاً ويستطيعان اتخاذ جميع القرارات وتحديد المصاريف سوياً، ولكن غير ذلك، فمن وجهة نظري يكون بداية لتدمير العلاقة بينهما، لأن أساس الزواج الناجح يلزم إزالة كل الحدود بين الزوجين وكأنهما شخص واحد بجسدين، مع الحرص على إبقاء حدود الاحترام وتقبل الآخر، والحرية الشخصية التي لا تتعارض مع أسس الأسرة وتوازنها. وتوافقها الرأي د. سعاد مرتضى، وتقول: إن طلب مصاريف البيت من أكثر الأمور التي تسبب إحراجاً للزوجة وخاصة ما لم يبادر الزوج بترتيب هذه الأساسيات بينهما، ما يؤدي إلى وجود مسافة وشعور دائم بالخجل، ويمكن أن تتسبب في زيادة الفجوة والابتعاد.
وتضيف: في بعض الأحيان يعتقد الزوج أن القرارات المصيرية هي مهمة توكل له وحده، وبالتالي يفتقد الرجل والمرأة لغة التواصل وعدم القدرة على الحوار المفتوح في كافة جوانب الحياة، وخاصة أن مناقشة جميع الأمور بين الأزواج تكون سبيلاً لبناء جسور التواصل وتحقيق التوازن الأسري والعاطفي.
التعاون يُعزز بناء الثقة
توضح إيمان الألوسي، مستشارة ومدربة أسرية، أن مساحات الخجل التي لا تذوب بالعشرة بين الزوجين، تتمثل في عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والاحتياجات والرغبات بسلاسة، والشعور بعدم الأمان في العلاقة والخجل من إظهار العيوب أو الحديث عنها، أو مناقشة المشاكل التي لديهم بشكل موضوعي.
وتضيف: تتنوع أشكال الخجل بين الأزواج، وأهمها التعبير عن المشاعر، وعدم القدرة على طلب الاحتياجات بسبب الخوف من الرفض أو عدم الفهم، أو عدم الشعور بالأمان والحديث عن العيوب بسلاسة ووضوح، ما يؤثر في التواصل بشكل صريح ومباشر.
وتضيف: إن لم يستطيعا معالجة هذه المساحات وتذويبها، فإنها تؤدي إلى برود عاطفي، وانعدام التواصل وتجنب الحديث عن أفكارهما وخواطرهما، ما يؤثر سلباً في العلاقة الزوجية بشكل عام، ولذلك يجب عليهما التعاون في طرح جميع المعوقات لتعزيز بناء الثقة والصراحة بينهما، وتقبل كل منهما لصفات ومميزات وعيوب الآخر، وإيجاد حلول للتخلص من الخجل وبناء علاقة عاطفية جيدة.
وتشير إيمان الألوسي إلى أن تذويب المساحات بين الأزواج والتخلص من مشاعر الخجل تعتمد بشكل رئيسي على أن يتعلموا لغة الحوار من خلال الجسد، بمعنى التواصل بالنظر والانصات والاستماع والتشجيع، وتعزيز الثقة، والاختلاط مع الأشخاص المحبين والإيجابية، ويمكنهما تعلم وممارسة هوايات جديدة.
وتضيف: يجب الحرص على المجاملات والمدح بين الأزواج كلما أتيحت الفرصة المناسبة، والتدريب على الصراحة والتعبير بكل ثقة واحترام، وتقبل الاختلافات، ومراجعة مختصي العلاقات الأسرية في حال عدم القدرة على تخطي هذه المساحات.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
