مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، أصبحت الجرائم الإلكترونية واحدة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، نظرًا لتأثيرها المباشر على الأمن القومي، واستقرار المجتمعات، وسلامة الأفراد والمؤسسات، ومع تزايد الاعتماد على الإنترنت في مختلف جوانب الحياة اليومية، من التواصل والتسوق إلى التعليم والعمل، باتت هذه الجرائم تمثل تهديدًا حقيقيًا لا يمكن تجاهله.

تتنوع الجرائم الإلكترونية ما بين اختراق الحسابات الشخصية وسرقة البيانات، والابتزاز الإلكتروني، والنصب والاحتيال عبر الإنترنت، إضافة إلى نشر الشائعات والأخبار الكاذبة، وجرائم التشهير، فضلاً عن محاولات اختراق المؤسسات الحكومية والمالية، وتكمن خطورة هذه الجرائم في أنها غالبًا ما تتم عن بعد، وقد يصعب تحديد الجاني بسهولة، مما يتطلب جهداً أمنياً وتقنياً كبيراً في مواجهتها.

جرائم الإنترنت فى مصر 

أولت الأجهزة الأمنية اهتمامًا بالغًا بملف الجرائم الإلكترونية، حيث أنشأت وزارة الداخلية وحدات متخصصة لمكافحة جرائم التكنولوجيا والمعلومات، مزودة بأحدث التقنيات والكوادر المدربة على تتبع الجناة وتحليل الأدلة الرقمية، كما تم تطوير البنية التشريعية لمواكبة هذا النوع من الجرائم، بهدف ردع المجرمين وحماية المواطنين.

التوعية المجتمعية هي خط الدفاع الأول، إذ يجب على كل فرد أن يكون على دراية بكيفية حماية بياناته الشخصية، وتجنب الروابط المشبوهة، وعدم مشاركة أي معلومات حساسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع غير الموثوقة.
وهناك ضرورة لتحديث البرامج وأنظمة التشغيل بصفة دورية، واستخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل خاصية التحقق بخطوتين لحسابات البريد الإلكتروني والتطبيقات المختلفة.

جرائم الإنترنت فى قبضة القانون

من الناحية القانونية، وضعت الدولة إطارًا واضحًا للعقوبات الخاصة بالجرائم الإلكترونية، وذلك في إطار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والذي يضم مواد صارمة لمواجهة الجرائم المرتكبة عبر الإنترنت.

وينص القانون على عقوبات تبدأ بالغرامات المالية وتصل إلى السجن المشدد، بحسب طبيعة الجريمة وخطورتها. فعلى سبيل المثال، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من دخل عمدًا، بدون وجه حق، موقعًا إلكترونيًا أو نظام معلوماتي أو شبكة معلوماتية، وفي حال ترتب على ذلك إتلاف أو تعديل أو حذف للبيانات، تُغلظ العقوبة.

جرائم الإنترنت 

وتتضاعف العقوبات في حال ارتكاب الجريمة ضد مؤسسات الدولة أو استهدفت الأمن القومي أو السلام الاجتماعي، مما يعكس جدية الدولة في التعامل مع هذه الظاهرة التي لا تقل في خطورتها عن الجرائم التقليدية، بل ربما تفوقها تأثيرًا نتيجة انتشارها السريع وصعوبة السيطرة عليها إذا لم تكن هناك بنية أمنية وقانونية قوية.

إن مواجهة الجرائم الإلكترونية مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن، ويجب أن يتعاون الجميع في التصدي لهذا الخطر من خلال التوعية، واليقظة، والإبلاغ عن أي أنشطة مريبة، حتى تظل شبكات التواصل والفضاء الرقمي آمنًا يخدم التنمية ولا يتحول إلى ساحة للجريمة والتهديدات.

جرائم الإنترنت في مرمى القانون