سياسة / اليوم السابع

أستاذ علاقات دولية: ومصر شراكة تاريخية تصنع استقرار الشرق الاوسط

قال أبوبكر الديب خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، إن المملكة العربية لعبت دورًا تاريخيًا ومحوريًا في مساندة القضايا العربية والمصرية على مدار العقود الماضية، مؤكدًا أن العلاقات بين القاهرة والرياض تمثل حجر الزاوية للأمن القومي العربي، وأنها كانت ولا تزال صمام الأمان الحقيقي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.


وأضاف، أن الدور في حرب أكتوبر 1973، واستخدام البترول كسلاح سياسي واقتصادي ضد القوى الداعمة لإسرائيل، كان من أعظم المواقف التي رسخت مكانة المملكة في الوعي العربي والإسلامي والعالمي. كما أن مواقف السعودية الداعمة لمصر منذ عام 2013 وحتى اليوم تجسد عمق الأخوة والتحالف بين البلدين في مواجهة المخاطر التي تهدد المنطقة.

وأوضح الديب، أن العلاقات بين البلدين ليست مجرد سياسي أو دعم اقتصادي، بل تحالف استراتيجي متكامل يوازن بين العقل السياسي المصري والقدرة المالية والاقتصادية السعودية، مما جعل منهما ثنائي القيادة العربية في زمن التحولات الكبرى.

 

أولًا: سلاح البترول في حرب أكتوبر.. حين قادت السعودية معركة لتحرير الإرادة العربية


قال أبوبكر الديب إن المملكة العربية السعودية أدت دورًا استراتيجيًا بالغ الأهمية في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، ليس على مستوى الدعم المالي أو السياسي فقط، بل من خلال قرارها التاريخي باستخدام البترول كسلاح في معركة التحرير.

وأوضح أن قرار الملك فيصل بن عبد العزيز – رحمه الله – بقطع إمدادات النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل، ولا سيما الولايات المتحدة وهولندا، كان نقطة تحول في العلاقات الدولية، إذ أدرك الغرب للمرة الأولى أن العرب يمتلكون أوراق ضغط حقيقية يمكنها تغيير موازين القوة.


وأضاف أن هذا القرار لم يكن مجرد خطوة اقتصادية، بل رسالة سياسية عميقة مفادها أن قضية العرب واحدة، وأن معركة وسوريا هي معركة الأمة بأسرها. وقد أسهمت هذه الخطوة في إجبار القوى الكبرى على مراجعة مواقفها، ودفعت الإدارة الأمريكية إلى الإسراع في التوسط لوقف إطلاق النار بعد أن شعرت بوقع الأزمة النفطية على اقتصادها.


وأشار الديب إلى أن الدور السعودي في حرب أكتوبر جسد وحدة الموقف العربي في أبهى صورها، حيث تحولت السعودية من مجرد دولة مصدرة للطاقة إلى فاعل سياسي عالمي، وفرضت معادلة جديدة في العلاقات الدولية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. مؤكدًا أن سلاح البترول الذي استخدمته المملكة لم يكن فقط أداة ضغط، بل أداة كرامة واستقلال سياسي، إذ أعاد تعريف مفهوم القوة في النظام العالمي، وربط الأمن الطاقي العالمي بإرادة العرب ومصالحهم العادلة.

 

ثانيًا: السعودية ومصر.. شراكة البناء بعد 2013


قال أبوبكر الديب إن موقف المملكة العربية السعودية تجاه مصر منذ عام 2013 وحتى الآن يمثل استمرارًا للدور التاريخي للمملكة في دعم الدولة المصرية وشعبها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. مضيفًا  أن المملكة وقفت إلى جانب إرادة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، عندما اختار المصريون استعادة دولتهم ومؤسساتهم الوطنية من الفوضى التي كادت تعصف بالبلاد. وأن الدعم السياسي والاقتصادي الذي قدمته للقاهرة في تلك الفترة كان عاملًا حاسمًا في تثبيت أركان الدولة المصرية واستعادة استقرارها الإقليمي والدولي.

وأوضح الديب أن المملكة قدمت مساعدات مالية ضخمة واستثمارات استراتيجية أسهمت في استقرار الاقتصاد المصري خلال أصعب المراحل، كما دعمت الموقف المصري في المحافل الدولية، وشاركت في بناء رؤية موحدة تجاه ملفات مثل مكافحة الإرهاب، وأمن البحر الأحمر، والأمن الإقليمي في الخليج واليمن وليبيا والسودان.


وأضاف أن العلاقات بين القاهرة والرياض انتقلت بعد 2015 إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، من خلال الكامل في الملفات الإقليمية، وتكامل الرؤى الاقتصادية ضمن مشاريع التنمية العملاقة مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030.


وأشار الديب إلى أن التعاون بين البلدين في السنوات الأخيرة شمل الاستثمارات المشتركة، ومشروعات الطاقة، والنقل، والسياحة، والصناعة، والمناطق الاقتصادية، فضلًا عن الدور المتبادل في تأمين الممرات المائية الحيوية مثل قناة السويس وباب المندب والبحر الأحمر.


وأكد الديب أن الدعم السعودي لمصر لم يكن دعمًا ماديًا فقط، بل كان دعمًا للشرعية والاستقرار في قلب العالم العربي، في مواجهة تيارات الفوضى والتمزيق التي سعت إلى إسقاط الدول الوطنية العربية.


وقال إن التحالف المصري السعودي بعد 2013 شكّل جدار صدٍّ أمام مشاريع التقسيم الإقليمي، وأسهم في حماية المنطقة من مصير مشابه لما شهدته بعض دول المشرق العربي.

ثالثًا: البعد الاقتصادي في العلاقات المصرية السعودية


أوضح أبوبكر الديب أن الاقتصاد يمثل أحد أهم ركائز العلاقات بين القاهرة والرياض، مشيرًا إلى أن السعودية تعد أكبر شريك اقتصادي عربي لمصر، وأحد أكبر المستثمرين الأجانب فيها.
وقال الديب إن الاستثمارات السعودية في مصر تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات، وتشمل الطاقة، والصناعة، والزراعة، والعقارات، والبنية التحتية، والسياحة، مؤكدًا أن هذه الشراكة ليست فقط اقتصادية بل استراتيجية، لأنها تسهم في تحقيق الأمن الغذائي العربي، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلدين. مضيفًا أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يعكس تطابقًا في الرؤى التنموية، حيث تسعى مصر من خلال مشروعاتها القومية العملاقة إلى تحقيق التنمية المستدامة، بينما تعمل السعودية على تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط في إطار رؤية 2030، مما يجعل التكامل بين الرؤيتين ضرورة استراتيجية، وليس خيارًا دبلوماسيًا.


وأكد الديب أن هذا التعاون يمنح الاقتصاد العربي عمقه وقوته، إذ يمثل البلدان معًا أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي العربي، وأكبر سوقين في المنطقة من حيث عدد السكان والقدرات المالية.

 

رابعًا: التحالف السياسي والعسكري بين البلدين


قال أبوبكر الديب إن العلاقات المصرية السعودية تجاوزت الأطر التقليدية نحو تحالف سياسي وأمني متين، قائم على الدفاع المشترك عن الأمن القومي العربي في وجه التهديدات الإقليمية.
وأوضح أن البلدين عملا جنبًا إلى جنب في العديد من الملفات الحساسة مثل الملف اليمني، ومحاربة الإرهاب، وتأمين الممرات المائية الدولية، والتصدي للتدخلات الإقليمية.
وأضاف أن التنسيق بين الجيشين المصري والسعودي وصل إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون، من خلال مناورات وتدريبات مشتركة مثل "رعد الشمال" و"تبوك" و"درع العرب"، التي تهدف إلى تعزيز الجاهزية الدفاعية والقدرة على مواجهة أي تهديدات محتملة للأمن العربي.

وأشار إلى أن التحالف السياسي بين القاهرة والرياض يقوم على مبدأ أن أمن الخليج هو جزء من أمن مصر، وأمن مصر هو جزء من أمن الخليج، وهي قاعدة راسخة في العقيدة السياسية والعسكرية للبلدين منذ عقود.


خامسًا: مصر والسعودية.. صمام أمان قضايا العرب


قال أبوبكر الديب إن مصر والسعودية تمثلان اليوم صمام الأمان الحقيقي للقضايا العربية، مؤكدًا أن التوازن بين العقل السياسي المصري والرؤية الواقعية السعودية هو ما حفظ استقرار المنطقة في أصعب الظروف.


وأضاف أن البلدين تحركا بتنسيق دقيق في إدارة ملفات الأزمات الإقليمية، مثل القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والوضع في واليمن والسودان، حيث تعمل القاهرة والرياض على منع الانزلاق نحو الفوضى، ودعم الحلول السياسية القائمة على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.


وأوضح أن الموقف المصري السعودي الموحد تجاه القضية الفلسطينية يعبّر عن التزام ثابت بالحقوق العربية المشروعة، ودعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، مؤكدًا أن القاهرة والرياض ترفضان أي محاولات لتصفية القضية أو الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية.


وأشار الديب إلى أن التحالف المصري السعودي يشكل أيضًا توازنًا ضروريًا أمام القوى الإقليمية غير العربية التي تسعى إلى ملء فراغ النفوذ في المنطقة، مثل إيران وتركيا وإسرائيل، مؤكدًا أن وجود القاهرة والرياض في موقف واحد يمنع أي طرف من فرض معادلات أحادية على النظام الإقليمي العربي.


وأضاف أن البلدين يمثلان معًا مركز الثقل العربي والإسلامي، فالسعودية بحكم مكانتها الدينية والاقتصادية، ومصر بثقلها العسكري والثقافي والسياسي، يشكلان جناحي الأمة العربية اللذين يضمنان استمرارها واستقرارها في مواجهة التحديات العالمية.

 

سادسًا: البعد الديني والثقافي في العلاقات بين البلدين


قال أبوبكر الديب إن العلاقة بين مصر والسعودية تتجاوز السياسة والاقتصاد إلى عمق ديني وثقافي وحضاري، فالمملكتان تمثلان قلب العالم الإسلامي وعقله.
وأوضح أن السعودية تحتضن الحرمين الشريفين وتخدم ملايين الحجاج والمعتمرين، بينما تمثل مصر منارة الفكر الإسلامي الوسطي من خلال الأزهر الشريف ومؤسساته الدعوية والتعليمية.


وأضاف أن التنسيق بين الأزهر الشريف وهيئات الإفتاء السعودية يسهم في تعزيز خطاب الاعتدال ومواجهة التطرف والإرهاب الفكري، ويقدم للعالم نموذجًا للتعاون الإسلامي القائم على التسامح والوحدة لا الصراع.


وأكد الديب أن هذا التكامل الديني والثقافي هو أحد أعمدة الاستقرار الفكري في المنطقة، لأنه يربط بين قدسية الأرض في الحرمين الشريفين، وقدسية العلم والفكر في الأزهر الشريف، في منظومة واحدة تحفظ هوية الأمة الإسلامية في مواجهة التيارات المتطرفة.

 

سابعا : التحالف المصري السعودي.. ركيزة الاستقرار العربي


واختتم أبوبكر الديب، خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، قائلاً إن التحالف المصري السعودي ليس تحالف مصالح آنية، بل شراكة مصير وأمن واستقرار.
وأكد أن القرارات الحكيمة التي اتخذها قادة البلدين في المواقف المفصلية أثبتت أن القاهرة والرياض هما العمودان الرئيسيان لبقاء الأمة العربية موحدة وقادرة على الدفاع عن مصالحها في مواجهة أزمات متلاحقة.


وأضاف أن التاريخ أثبت أن كل لحظة تقارب بين مصر والسعودية كانت لحظة قوة للعرب جميعًا، وكل فترة تراجع في هذا التعاون كانت فرصة للقوى الإقليمية الأخرى لمحاولة العبث بمصير الأمة.


وختم الديب قائلًا: "ستظل مصر والسعودية معًا صمام الأمان لقضايا العرب، وجناحي الاستقرار في عالمٍ عربيٍ متغير، يجمع بين حكمة القيادة في القاهرة ورؤية المستقبل في الرياض، ليصنعا معًا حاضر الأمة ومستقبلها."

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا