سيناء ـ محمد حسين
السبت، 23 أغسطس 2025 05:00 صعلى سفح جبال سرابيط الخادم بجنوب سيناء، يتكرر مشهد من أعمق صور الانسجام بين الكائنات والطبيعة. جمل بدوي يقف ساكنًا، يعلو سنامه طائر عابر، يلتقط بمنقاره ما علق بوبر الجمل من فتات الحبوب، بينما ترسم الجبال خلفهما لوحة صخرية لا تنطق إلا بالحياة والدهشة. مشهد لا يصنعه بشر، بل تحتفظ به الأرض لمن يزورها بقلب مفتوح.
هنا، في هذا المكان الجبلي الذي لا يزال يحتفظ بجماله الفطري، الجِمال ليست مجرد حيوانات صحراوية؛ بل شركاء حياة لأهالي الوديان. فهي وسيلة تنقل، ورفيقة سفر، وحافظة أسرار المسارات الوعرة بين الشعاب الجبلية. يقول سليمان على، أحد ابناء قبيلة الحماضة إن الجمل "كان بالأمس وسيلة حياة، واليوم صار جزءًا من تراثنا ووجهًا سياحيًا نفاخر به".
ما زال بعض السكان يستخدمون الجمال للترحال والتنقل في الطرق غير الممهدة، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها بالسيارات. فيما يستخدمها آخرون لخدمة السياح؛ إذ يعشق الزوار من مختلف الجنسيات تجربة السير بالجِمال وسط الوديان، بصحبة دليل بدوي، يتولى قيادة القافلة ومعه ما يكفي من الماء والدقيق وبعض البهارات لإعداد "العيش الفراشيح" في استراحة تحت ظل صخرة.
لكن لا تتوقف قيمة الجمال عند دورها السياحي. فهناك من يربي سلالات الهجن الأصيلة، ويشارك بها في سباقات الهجن التي تُعد جزءًا من التراث البدوي. هذه السباقات لا توفر فقط مردودًا ماديًا لأصحابها عندما تحقّق الجمال مراكز متقدمة، بل تمنحهم أيضًا احترامًا ومكانة داخل المجتمع البدوي، وتزيد من قيمة السلالة نفسها في سوق الهجن.
وفي المأثورات الشعبيه المتداولة يقولون "لاتعاين الغنم والرويبة وتهمل الفطر وتشيب .. ترا البل معزه تطرد الهم والفقر والشيب"، اي انه لا تهتم أكثر بثروة الغنم وتهمل تربية الإبل لأن في وجودها العز وطرد الهم والفقر والشيب.
في هذا المشهد البديع، لا تتحرك الجمال وحدها. الطيور، خاصة المهاجرة منها، تجد في أجسام الجمال مكانًا دافئًا للراحة، بل إنها – كما يروي كبار السن – كانت تستخدمها كعلامة حية على وجود الحياة والماء في الصحراء. وهكذا يكتمل المشهد الذي يجمع بين الجبل والجمل والطير في تناغم يصعب وصفه بالكلمات.
ورغم بساطة الحياة في تلك المناطق، إلا أن هذا التناغم يمنح الزائر تجربة استثنائية. فحين يجلس في إحدى الاستراحات الجبلية، يشاهد قافلة جمال تتحرك بصمت، ويسمع نداء الطيور المهاجرة، ويرى قمم الجبال تحتضن الغيوم... يدرك أن هناك حياة كاملة تُعاش هنا في صمت، بعيدًا عن صخب المدن.

الجمل والطير

في حضن الجبال

لوحة طبيعية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.