كتب محمود عبد الراضي

شهدت محافظة القليوبية واقعة مثيرة أقرب في تفاصيلها إلى مشاهد أفلام الأكشن، بعدما قاد سائق سيارة سيارته برعونة شديدة، مما تسبب في حالة من الذعر بين المواطنين، إثر اصطدامه بأحد أعمدة الإنارة، قبل أن يحاول الفرار ويصطدم بسيارة أخرى خلال مطاردته.

الواقعة التي جرت في وضح النهار، أثارت حالة من الجدل والدهشة، خاصة بعد أن تبين أن قائد السيارة كان يتصرف بطريقة غير متزنة، ما زاد من خطورة الموقف واحتمالات وقوع إصابات لولا تدخل الشرطة في الوقت المناسب.

وبحسب شهود عيان، فقد لاحق أحد ضباط الشرطة، مدعومًا بقوة من أفراد الأمن، المتهم فور ارتكابه الواقعة، وتمكنوا من السيطرة عليه بعد مطاردة قصيرة لكنها دراماتيكية.

المثير في المشهد، بحسب ما نقله شهود العيان، لم يكن فقط في سرعة استجابة الشرطة، وإنما في التزام الضابط وفريقه بأقصى درجات ضبط النفس رغم ما شكله المتهم من تهديد مباشر لحياة المواطنين ومخالفة صارخة للقانون.

وقد نجح الضابط في السيطرة على الموقف دون أي استخدام مفرط للقوة، مما نال إشادة واسعة من أهالي المنطقة الذين عبروا عن تقديرهم لما وصفوه بـ"الموقف البطولي" الذي أظهر وجهًا مشرفًا لرجال الشرطة.

وفي تصريحات خاصة لصحيفة "اليوم السابع"، ثمّن عدد من الخبراء الأمنيين سرعة تصرف الشرطة واحترافيتها في التعامل مع الواقعة.

وأكد اللواء الدكتور علاء عبد المجيد، الخبير الأمني، أن هذه الواقعة تجسد ما توليه وزارة الداخلية من اهتمام متزايد بتطوير منظومة التدريب لرجال الشرطة، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الحالات الطارئة والمواقف عالية الخطورة.

وأوضح عبد المجيد أن تعليمات الوزارة واضحة وحاسمة بشأن ضرورة التزام الضباط والأفراد بضبط النفس في جميع الظروف، إلى جانب مراعاة معايير حقوق الإنسان، حتى أثناء التعامل مع الخارجين عن القانون.

وأضاف أن الوزارة تركز بشكل كبير على رفع كفاءة الضباط، وتدريبهم على سيناريوهات متعددة تسمح لهم بالتدخل السريع دون تجاوز، حفاظًا على أمن الشارع وضمانًا لسلامة المواطنين.

وأشار الخبير الأمني إلى أن هذا النوع من التدخلات السريعة والحاسمة من قبل رجال الشرطة، يعكس الصورة الحقيقية للأمن، الذي لا يتوانى عن مواجهة أي محاولة لخرق القانون، لكنه في الوقت نفسه يلتزم بالقواعد المهنية في تطبيقه.

وتابع: "ما نشهده يوميًا من مشاهد بطولية لرجال الشرطة في الشارع هو نتيجة مباشرة لسياسات أمنية صارمة ترتكز على الانضباط والتدريب ورفع مستوى الجاهزية".

وشدد عبد المجيد على أن الواقعة تمثل نموذجًا يُحتذى به في كيفية تعامل رجل الشرطة مع الأزمات، من دون أن تتحول المواجهة إلى ساحة للفوضى، وهو ما يعكس تطور الأداء الأمني في السنوات الأخيرة.

الواقعة أثارت أيضًا ردود فعل إيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تداول مواطنون مقاطع مصورة للحظة السيطرة على المتهم، مشيدين بأداء الضابط وهدوئه في الموقف الذي كان من الممكن أن ينتهي بشكل مأساوي لو لم يتم احتواؤه سريعًا.

وطالب كثيرون بتكريم الضابط والقوة الأمنية المشاركة في العملية، تقديرًا لشجاعتهم والتزامهم المهني.

وتأتي هذه الواقعة في وقت تؤكد فيه وزارة الداخلية بشكل متكرر على مضيها قدمًا في خطط تطوير جهاز الشرطة، ورفع كفاءة العناصر الميدانية، والتوسع في التدريب العملي والنظري لمواجهة مختلف السيناريوهات الأمنية، في إطار استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي.

كما تواصل الوزارة توجيه التعليمات إلى كافة الأجهزة الأمنية بضرورة احترام القانون وتطبيقه وفقًا لمبادئ العدالة والإنسانية، مما ساهم في تحسين صورة رجل الشرطة في الشارع المصري، ورفع معدلات الثقة بين المواطنين وجهاز الأمن.

ما حدث في القليوبية لم يكن مجرد مطاردة عادية لمخالف، بل كان مشهدًا يعبّر عن يقظة أمنية واستعداد كامل للتدخل السريع، دون إغفال للبعد الإنساني في تنفيذ القانون.

وهي واقعة تُضاف إلى سلسلة من المواقف التي تثبت أن الشارع المصري لم يعد ساحة مفتوحة أمام الفوضى، بفضل رجال الشرطة الذين أصبحوا أكثر احترافية ووعيًا بطبيعة التحديات اليومية.

ضابط يضبط سائقًا متهورا (1)

ضابط يضبط سائقًا متهورا (2)

ضابط يضبط سائقًا متهورا (3)

ضابط يضبط سائقًا متهورا (4)