رصيد مصر الفني مليء بالمواهب الفنية المتعددة، سواء في التمثيل أو الغناء أو التلحين وغيرها من الفنون التي كانت فيها رائدة وواحدة من أوائل الدول التي أدخلت الفن السابع المعروف باسم السينما إلي حياة المواطنين مع بداية القرن الماضي، ومن قبلها مصر عرفت الغناء والموسيقي والتلحين، حتي أصبح لديها المئات من المطربين والفنانين، كان من بينهم المطربة نجاة، وأيضا الفنانة لبني عبد العزيز، الذين صالوا وجالوا وملؤا حياتنا بالكلمة الجميلة والتمثيل الرائع، وسوف يبقون حولنا حتي لو أصيبوا بسهام النقد من بعض الناس، فالمطربة نجاة ظهرت علي خشبة المسرح في المملكة العربية السعودية، وهي غير قادرة علي التحرك أو أمساك شيء، مع وجود بعض المقربين منها الذين يسندونها حتي لا تقع، في المقابل قالت الفنانة لبني عبد العزيز، أنها لن تظهر حتي لو أعطوها ملايين الدنيا.
مشهد نجاة الصغيرة جعل الكثير من المتابعين ينقسمون إلي مؤيد وأخر رافض لهذا الظهور الذي وصفه البعض بأنه لا يليق بقيثارة الشرق، وكان عليها إلا تظهر علي خشبة المسرح في المملكة العربية السعودية، مرددة أغنية من أغانيها، مع عدم قدرتها علي الأتزان والوقوف، كما أنها غير قادرة علي أمساك أي شيء، وبالعودة إلي تاريخ ميلاد نجاة نجد أنها من مواليد 11 أغسطس 1938، أطال الله عمرها، وبقيت كما هي في ذاكرة الملايين ممن عشقوها، فهي بالنسبة للأجيال الحديثة الذين لم يروها من قبل إلا في الأفلام التي ظهرت فيها، وهما 12 فيلم تألقت فيهم نجاة، المفاجأة التي ظهرت عليها نجاة هي من جعلت البعض يستنكر وقوفها بهذا الشكل، ما الذي جعلها توافق؟ هل الملايين الذي قيل أنها حصلت عليها هي السبب، وأن كانت كذلك فمن المؤكد أنها لن تستفيد بها، أم أن أبنها وليد من ضغط عليها وأحفادها، هذه أسئلة لابد من الرد عليها.
هل من دفعها للخروج إلي العلن من عزلتها التي فرضتها علي نفسها بعد أن داس عليها الزمن وحولها إلي سيدة عجوز لديها تاريخ موجود في الماضي، غنت الكثير من الأغاني، كما أن الشائعات طاردها كثيراً، عن حب كامل الشناوي لها، وأنها لم تكن تبادله مشاعر الحب، وأن أغنية "لا تكذبي" كانت تعبير عن خيانتها له، البعض وصف كامل الشناوي بأنه شاعر وكان في كل مرة يكتب يريد أن يكتب الشعر ينزوي وحيداً ويحلق مغرداً في الخيال، كما أنه قال عن نجاة الصغيرة، أنه سمع نجاة كثيرا وهي تغني، ولكن ما سمعته اليوم ليس، صوتا ينبعث من حنجرة، إنه طيف صوت، ضوء مسموع، نغمة تؤدي نغمة، نبرة إلهية تحول كل أذن إلي محراب، إنها لا تغني ولكن تؤدي صلاة رشيقة فيها طهارة وتقوي، وإغراء.
في المقابل قال عنها الكاتب يوسف إدريس، إن نجاة ارتفعت إلي مستوي الذي يصبح فيه الغناء نوعا من التصوف الانفعالي، والجمهور أثبت أن الفن وحده الذي يحركه، وكنت أحس بتصفيقاته المرعدة كأنها الصفعات تنهال علي وجوه من أرادوا من يشوهوه ويدعوا كذبا أنه لا ينفعل إلا بالإثارة، هؤلاء الأثنان قيل عنهم الكثير، لكن ما يعنينا أنهم عشقوا فنهم.
نجاة الصغيرة وصفت بهذا الاسم لصغر حجم جسدها وظل ملازما لها طوال حياتها، كما أنها في سن السادسة عشر تزوجت من كمال منسي وكان ذلك في عام 1955 فكان هذا زواجها الأول وأنجبت له ابناً يُدعى وليد لينتهي هذا الزواج بالانفصال بعد 5 سنوات، وبعد انفصالها تزوجت من المخرج حسام الدين مصطفي وبعد فترة قررت إلا تستمر معه ومن ساعتها لم تتزوج مرة ثالثة وتفرغت لتربية ابنها وعملها، كانت أول أغانيها للملحن بليغ حمدي، وكلمات محمد حلاوة في عام 1963، بعنوان "إحساس غريب".
أما الفنانة لبني عبد العزيز تحاورت معها من خلال الواتس أب، وأبدت رفضها التام من الظهور للناس، وتم تكريمي عدة مرات كان أخرهم أغسطس من عامين، وأعتذر يوميا عن تكريمات من عدة مؤسسات ومهرجانات وجامعات، وكفاية بقي، كما أنني لا أنظر للماضي ولا أتابع السينما الأن، حاولت كثيرا المتابعة لكن حزنت، فبطلت، وأكتب في جريدة الأهرام ويكلي باللغة الإنجليزية عمود كل أسبوع، وأقوم بتحضير كتابة وتسجيل ركن الطفل المشهور بي، "أنتي لولو" منذ أن بدأت فيه وأنا طفلة، وهناك الكثير من الفنانين الذين يسألوا عني منهم ميرفت أمين، وإلهام شاهين، وسميحة أيوب، وسميرة عبد العزيز، ونبيلة عبيد وأخرين. ودائما لا أنظر للوراء، ولا أندم علي أي شيء مر في حياته فهو تضيع وقت.
بالعودة إلي تاريخ لبني عبد العزيز الفني سوف نجد أنها شاركت في خمسة وعشرين عمل فني كان البداية في فيلم الوسادة الخالية، في عام 1957، كما أنها صاحبة فكرة فيلم عروس النيل، في عام 1963، وشاركت العديد من الفنانين من بيهم أحمد مظهر وعبد الحليم حافظ، ورشدي أباظة، وكرم مطاوع في فيلم "إضراب الشحاتين"، وكان أخر فيلم شاركت فيه بعنوان "جدو حبيبي" لكنها قررت الانزواء بعيدا عن الأضواء والشهرة، مكتفية بأن ترسل إلي أصدقاءها علي الواتس أب أدعية دينية.