فن / ليالينا

زياد الرحباني وكارمن لبس: حين كتب العبقري لحنه الأصدق في قلب حبيبته

جمعت علاقة زياد الرحباني وكارمن لبس بين الحب والفن والالتزام الفكري. لم تكن مجرد علاقة بين فنانين، بل حكاية وجدانية حملت ملامح الشرق، وآلامه، وتناقضاته، لتصبح قصة حُبّ محفورة في ذاكرة جمهور واسع تابع فصولها بشغف وحزن ودهشة.

بداية العلاقة: لقاء المسرح والمواقف

كانت البداية في التسعينيات، عندما شاركت كارمن لبس في عدد من الأعمال المسرحية التي كتبها وأخرجها زياد الرحباني. وبين النصوص الساخرة والموسيقى التي تخترق الأعماق، بدأ التقارب الإنساني بين الاثنين. كارمن، الممثلة الجريئة صاحبة الأداء العفوي، وجدت في زياد الروح المتحررة التي تبحث عنها. أما زياد، فكان يرى فيها حضورًا متقدًا وحسًا فنيًا عاليًا جعله يتخطى حذره المعتاد.

علاقة غير نمطية.. لا زواج ولا إعلان

لم يتزوج زياد الرحباني وكارمن لبس رسميًا، ولم يعلنا يومًا ارتباطهما بطريقة تقليدية، لكن العلاقة كانت واضحة لكل من عرفهما أو تابع أعمالهما. تحدثت كارمن في لقاءات عدّة عن علاقتها بزياد، ووصفتها بأنها كانت أقوى من أي زواج، مشيرة إلى أن التفاهم بينهما كان على مستوى فكري وعاطفي عميق، رغم اختلافاتهما الكبيرة أحيانًا.

الحب في زمن الاضطراب

لم يكن من السهل على علاقة مثل هذه أن تستمر في ظل حياة زياد الرحباني المعقدة، إذ كان آنذاك منفصلًا عن زوجته السابقة ناهد، وظل يعاني من تبعات العلاقة، ورفض الحديث علنًا عن تفاصيله الخاصة. في المقابل، كانت كارمن لبس تعيش حياة مهنية نشطة، وتتعرض لتحديات المجتمع اللبناني المحافظ الذي لم يكن دومًا متقبلًا لفكرة علاقة مفتوحة لا يربطها عقد زواج.

كارمن: كنت أحبه بكل جوارحي

في تصريحات تلفزيونية مؤثرة، قالت كارمن لبس إنها أحبت زياد بكل كيانها، وإنها بقيت وفية له لسنوات طويلة، حتى بعد انتهاء العلاقة. ووصفت سنوات الحب بينهما بأنها “من أجمل فترات حياتها”، رغم ما رافقها من ألم وانفصال داخلي. كما صرّحت أكثر من مرة بأنها لم ترتبط بعدها بأي شخص بنفس الشعور أو العمق، وأن زياد كان حالة استثنائية في حياتها.

هل كتب عنها زياد الرحباني أغانيه؟

لا تزال التساؤلات تثار حتى اليوم عما إذا كانت بعض أغاني زياد الرحباني مستوحاة من علاقته بكارمن لبس. أغنيات مثل "بما إنو"، و"أنا مش كافر"، و"خلص"، حملت نبرة وجدانية عميقة، تجمع بين الحنين والانكسار، ما جعل كثيرين يربطونها بتجربته الشخصية معها. لكن زياد كعادته، لم يؤكد أو ينفِ، مفضلًا ترك الغموض سيد الموقف.

 إلا أن كارمن لبس كشفت في أحد اللقاءات أن أغنية بلا ولا شي، التي تعد من أشهر أغاني زياد الرحباني، كتبها من أجلها.

الانفصال: نهاية صامتة لحب كبير

لم يعرف تاريخ دقيق لانفصال زياد الرحباني وكارمن لبس، لكن الأخيرة ألمحت في أكثر من لقاء إلى أن الفجوة بينهما بدأت تتسع مع الوقت، بسبب طبيعة شخصية زياد المنعزلة، وعدم قدرته على الاستقرار العاطفي. ومع ذلك، لم تنفِ كارمن أنها لا تزال تحمل له احترامًا ومحبة داخلية، حتى بعد سنوات من البُعد.

كارمن لبس في جنازة زياد الرحباني

بالرغم من مرور سنوات على نهاية العلاقة، لا تزال قصة زياد الرحباني وكارمن لبس تثير اهتمام الجمهور اللبناني والعربي. البعض يرى فيها نموذجًا لحب لا تحكمه القيود، والبعض الآخر يعتبرها حكاية مؤلمة عن الفقد والصمت. لكنها في كل الأحوال، كانت وستبقى جزءًا من الرواية العاطفية الحديثة في الفن اللبناني، حيث يمتزج الوجدان بالحرف، واللحن بالقلب.

كانت الفنانة اللبنانية كارمن لبس أول من وصل إلى كنيسة رقاد السيدة في بكفيا، حيث أُقيمت مراسم وداع الموسيقار زياد الرحباني. دخولها المبكر إلى الكنيسة لم يكن مجرد أداء لواجب عزاء، بل بدا وكأنه استجابة فورية لنداء القلب، وكأنها لا تحتمل أن تتأخر لحظة عن توديع الرجل الذي شكّل جزءاً كبيراً من حياتها الفنية والشخصية.

لحظات صامتة ودموع غزيرة

كارمن جلست في الصفوف الأمامية، بالقرب من النعش، وبدت متأثرة إلى حد الانهيار. لم تكن في حاجة للكلام، فالصمت الذي خيّم على ملامحها والدموع التي سالت دون توقف كانت أبلغ من أي تصريح. لحظات طويلة بقيت فيها تراقب النعش بصمت، ثم تقدمت لتحتضنه بذراعيها، في مشهد إنساني عميق عبّر عن حجم الفقد الذي تعيشه.

بعد الجنازة، اكتفت كارمن بنشر صورة سوداء عبر حسابها على إنستغرام، وأرفقتها بمقطع موسيقي من أغنية زياد الشهيرة "بلا ولا شي". وكتبت بأسى: "فكّرت بكل شي، إلا إنو الناس تعزيني فيك"، وتابعت: "الوجع بقلبي ما بينوصف، رح ضل اشتقلك بلا ولا شي". كلماتها حملت كمّاً هائلاً من الحزن، وعكست علاقة عاطفية خاصة لم تخفت مع السنين.

علاقة أعمق من الحب

رغم أن كارمن لبس وزياد الرحباني لم يُعلنا ارتباطًا رسميًا طوال حياتهما، إلا أن الجميع كان يدرك أن علاقة استثنائية ربطتهما لسنوات طويلة. لم تكن مجرد شراكة فنية أو علاقة عاطفية تقليدية، بل كانت مساحة وجدانية معقدة، امتزجت فيها الموسيقى بالحياة، والفكر بالمشاعر. لذلك، لم يكن مستغربًا أن يحضرها الألم بهذا الشكل في وداعه، فهي لا تودّع زميلًا أو صديقًا، بل تودع مرحلة كاملة من عمرها.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا