هزّت جريمة مروعة العاصمة السورية دمشق، بعد العثور على جثة الفنانة ديالا صلحي الوادي، ابنة الموسيقار العراقي البارز صلحي الوادي، مقتولة داخل منزلها في حي المالكي، أحد أكثر الأحياء تحصيناً في المدينة.

جريمة في قلب المنطقة الأكثر حراسة

الحادثة التي حملت تفاصيل مأساوية أعادت إلى الواجهة التساؤلات حول الأمن الشخصي، حتى في أكثر المناطق رقابة، وأثارت صدمة كبيرة في الوسطين الفني والمجتمعي داخل سوريا وخارجها، في بيان رسمي، أكدت وزارة الداخلية السورية أن الأجهزة الأمنية عثرت على جثة ديالا داخل شقتها في حي المالكي، الحي الذي يضم مقار سكن لكبار المسؤولين العسكريين والسياسيين، ويخضع لحراسة مشددة منذ سنوات.
ورغم هذه الإجراءات، وقعت الجريمة في وقت متأخر من الليل بطريقة أثارت الذهول، إذ كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفنانة تعرضت للاعتداء داخل منزلها، حيث قُتلت خنقاً على يد الجاني، الذي تسلل إلى المبنى، ثم سرق أموالاً ومجوهرات ولاذ بالفرار.
وسرعان ما انتشرت حالة من القلق بين سكان الحي، وسط تساؤلات عن كيفية وقوع جريمة بتلك البشاعة في منطقة يُفترض أنها محصنة، في وقت تشهد فيه البلاد تصاعداً في معدلات الجرائم، مدفوعة بأزمات اقتصادية خانقة وفقر متزايد.

توقيف سريع للمتورطين والتحقيقات مستمرة

لم تمر 24 ساعة على وقوع الجريمة حتى أعلنت وزارة الداخلية توقيف المتورطين، بعد سلسلة تحرّيات دقيقة شملت مراجعة كاميرات المراقبة وجمع الأدلة من مسرح الجريمة.
وكشف العميد أسامة محمد خير عاتكة، قائد الأمن الداخلي في دمشق، أن التحقيقات قادت إلى عاملة تنظيف كانت تتردد على منزل ديالا، وتورطت بالتعاون مع شخص آخر في التخطيط للسرقة، والتي تحولت إلى جريمة قتل متعمدة.
المتهمان أُحيلا إلى الجهات القضائية المختصة، فيما لم تكشف السلطات بعد عن الدوافع الكاملة، أو ما إذا كانت هناك أطراف إضافية متورطة في الحادثة.

من هي ديالا الوادي؟ سيرة فنية وإنسانية

• تنتمي ديالا صلحي الوادي إلى واحدة من أعرق العائلات الموسيقية في سوريا.
• والدها، الموسيقار صلحي الوادي، يُعتبر من أبرز الشخصيات التي أرست دعائم الموسيقى الأكاديمية في البلاد، ومؤسس المعهد العالي للموسيقى والأوركسترا السيمفونية الوطنية، وقد كُرّم بوسام الاستحقاق السوري عام 1995.
• أما والدتها، فهي عازفة الكمان البريطانية سينثيا، التي التقت والد ديالا خلال دراستهما في "الأكاديمية الملكية للموسيقى" بلندن في خمسينيات القرن الماضي.
• ديالا نفسها كانت فنانة موهوبة، درست في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرجت عام 1986 ضمن دفعة مميزة ضمت أسماء بارزة مثل حاتم علي، غسان مسعود، دلع الرحبي وعارف الطويل.

ورغم قلة ظهورها الإعلامي، فإنها كانت معروفة في الوسط الفني والثقافي السوري، بشخصيتها الهادئة وانتمائها إلى الفن النخبوي الرفيع، ما جعلها موضع احترام واسع بين زملائها.

صدمة فنية ومجتمعية واسعة

شكل مقتل ديالا الوادي صدمة عميقة داخل الأوساط الفنية والثقافية. عدد من الفنانين والمثقفين عبّروا عن حزنهم العميق لرحيلها بهذه الطريقة البشعة، معتبرين أن الجريمة لا تمس فرداً فقط، بل تهز الإحساس العام بالأمان في المجتمع السوري، لا سيما حين تقع داخل مناطق يُفترض أنها محمية ومراقبة.
وسرعان ما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً نادرة للفنانة الراحلة، وعبارات وداع مؤثرة، رافقتها مطالبات بكشف كافة ملابسات الجريمة وتنفيذ القصاص العادل بحق من خطط ونفذ.
دعا آخرون إلى تكريم ديالا صلحي الوادي رسمياً، وتخليد اسمها من خلال مبادرة ثقافية أو فنية تُخلّد ذكرى هذه الفنانة الهادئة، التي انتمت لعائلة ساهمت في تشكيل هوية المشهد الموسيقي والفني السوري.